معاريف ــ بن كسبيت
هل انتصرنا في الحرب التي شُنّت قبل عام بالضبط؟ لا. هل خسرنا فيها؟ لا ولا. هل انتصر حزب الله فيها؟ ليس فعلاً. هل خسر؟ من الواضح لا. إذاً من الذي انتصر؟ إنه تعادل. وبما أن إسرائيل ملزمة بأن تنتصر في كل حرب مع أعدائها، فإن التعادل هو بمثابة خسارة. من جهة ثانية، لا يتعلق الأمر بحرب عادية، بل بمواجهة غير متكافئة بين جيش نظامي في دولة ديموقراطية غربية، وبين منظمة حرب عصابات قوية مجردة من أي مسؤولية سياسية منظمة. في حروب من نوع كهذا، في العصر الحالي، من غير الممكن تحقيق انتصار واضح.
هل وضعنا اليوم أفضل من وضعنا قبل عام، عشية الحرب؟
نعم. لكن ليس بسبب أننا انتصرنا، بل لأننا تلقّينا صفعة الآن بدلاً من تلقّي لكمة لاحقاً، ولأننا اكتشفنا مسبقاً الترهّل الذي كان سائداً داخل الجيش الإسرائيلي، ولأننا تعرضنا للاهتزاز ولأننا صُدمنا وتذكّرنا أموراً عديدة كنا قد نسيناها، ولأنه لو لم تندلع الحرب الآن، بل بعد خمس سنوات، لكان الجيش أكثر ضعفاً وكانت إيران أصبحت نووية وكان حزب الله مسلحاً حتى أسنانه. وهذا الوضع، في الواقع، ليس لطيفاً.
هل وضع حزب الله اليوم أفضل من وضعه قبل سنة؟
لا. لقد تلقّى حزب الله ضربة ميدانية قاسية جداً. هذا من جانب. ومن جانب آخر، حقق إنجازاً معنوياً مهماً. حزب الله الآن يتعرض لانتقادات قاسية في لبنان، لكنه هو أيضاً في موقع هجوم. لقد دُفع عن السياج الحدودي، لكنه يتسلّح ويتحصّن شمالي الليطاني. لقد وقف أمام القوة الإسرائيلية وصمد، لكنه خسر قوة كبيرة، إضافة إلى عنصر المفاجأة.
ماذا عن القادة؟
الاثنان، نصر الله وأولمرت، في خندق تحت الأرض. نصر الله في خندق حقيقي وأولمرت في خندق افتراضي، مع نسبة تأييد متدنية جداً وتقرير لفينوغراد يلوح في الأفق مهدداً. نصر الله يهدد بالسيطرة على السلطة في بيروت، وأولمرت يتأرجح ويبدو كمن سيفقد السلطة في القدس.
ماذا عن المحيط؟
لقد اهتز كل الشرق الأوسط في الحرب الأخيرة. فقد كانت هذه هي المرة الأولى التي تشجّع فيها دول عربية كبيرة إسرائيل علناً على الحرب ضد عدو إسلامي ــــــ عربي. هذه الحرب هزّت الأرض وزحزحت قارات من أماكنها. ومع ذلك، لا تزال الخريطة حتى الآن غير واضحة. العالم العربي المعتدل يخشى من الثورة الإسلامية، ويرتعد في ظل النووي الإيراني الآتي. ومن جهة ثانية، لا يتحصّن بمعانقة الدب الإسرائيلي. الحرب الصليبية العالمية تحدث هنا، عندنا، وفي ظل وجود كل العالم. ليس عبثاً أن أرسلت أوروبا قوة دولية مقنعة نسبياً الى جنوب لبنان. ليس عبثاً أن ينفق الأميركيون كل ما بقي لديهم من أجل تحصين حكومة السنيورة في بيروت. يعلم الجميع أن السيطرة الإيرانية على لبنان والخروج القريب من العراق، سيشجع انهيار الإسلام المعتدل في الشرق الأوسط وسيطرة المتطرفين. هكذا يجدون أنفسهم في القارب المثقوب نفسه، المصريون والأردنيون والسعوديون والإسرائيليون والأميركيون والفرنسيون والإيطاليون واللبنانيون المعتدلون الذين ينشدون الهدوء والتعقّل في المنطقة. المشكلة هي أن القارب الثاني أيضاً مليء بكل خيرات البلاد. وأحد هذين القاربين يجب أن يغرق.
هل يرمّم الجيش الإسرائيلي نفسه؟
نعم واثقة. رئيس الأركان الجديد هو الشخص الصحيح في المكان الصحيح. الجيش يتدرّب، ويُزيل الصدأ، ويصلح الإخفاقات، ويبلسم الجراح.
هل تستخلص السلطة الإسرائيلية العبر؟
ليس بالوتيرة المطلوبة، ولا بالقوة الصحيحة. فبدلاًَ من تبنّي تقرير شاحاك، يحاول أولمرت أن يفرغه من مضمونه. لو كان يوجد رئيس حكومة جديد فعلاً، لكان نفّذه حرفياً، لكن بدلاً من ذلك هو تائه، كالعادة.