strong>علي حيدر
المحادثـــات مع حـــزب اللـــه «تصطـــدم بجـــدار منيـــع» وتشهـــد «تدخّـــلاً إيرانيـــاً»

كشفت صحيفة «هآرتس» أمس عن أن المسؤول الإسرائيلي عن مفاوضات تحرير الجنود الإسرائيليين الثلاثة الأسرى، عوفر ديكل، يواصل التفاوض ليس فقط مع «حماس»، بل أيضاً مع حزب الله، الذي أوضحت أن المحادثات معه تصطدم بـ«جدار منيع لأن حزب الله يرفض تقديم المعلومات عن مصير الجنديين لديه من دون مقابل»، في وقت ذكرت فيه صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد طلب من الطرفين عدم إجراء عمليات تبادل مع الدولة العبرية في هذه المرحلة.
وقالت «هآرتس» إن ديكل يواصل مساعيه وأسفاره الى أوروبا، من دون أي مساعدين، حيث يلتقى بشكل عام بالمبعوث الخاص للأمم المتحدة الذي يعمل كوسيط بين إسرائيل وحزب الله وبقي اسمه سرياً بناءً على طلبه. وأضافت إن السفر المتواصل لديكل، في أوقات غير متباعدة، يشير الى أن اسرائيل «تواصل التفاوض، رغم كل الصعوبات، ليس فقط مع حماس، بل أيضاً مع حزب الله».
وأوضحت الصحيفة أن الجهود التي يبذلها ديكل لمعرفة مصير الجنديين لدى حزب الله، الداد ريغف وايهود غولدفاسر، «تصطدم بجدار منيع من الصمت، لأن حزب الله غير مستعد لتقديم معلومات من دون مقابل». وأضافت إن ديكل يشكك في المعلومة التي قالها وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير بأن الجنديين الاسرائيليين لدى حزب الله لا يزالان على قيد الحياة، «لأن الدائرة المطلعة على أسرار حزب الله مقلصة جداً وهي تتضمن الى جانب (الأمين العام للحزب السيد حسن) نصر الله، مجموعة من المساعدين وتحديداً القادة العسكريين».
ونقلت «هآرتس» عن ديكل إعرابه، في تقاريره للأجهزة الاستخبارية والمنظومة الأمنية ورئيس الحكومة ايهود اولمرت، وخلال لقاءاته مع عائلات الأسرى، عن اعتقاده بأن المفاوضات «ستستمر وقتاً طويلاً، وستتوج نهايتها بالنجاح».
وذكَّرت الصحيفة بـ«التجربة المرة لإسرائيل في الاتصالات مع حزب الله»، خلال مفاوضاتها حول جثث الجنود الثلاثة الذين أسرهم حزب الله في مزارع شبعا عام 2000. وتوقعت «هآرتس» أن تكون المفاوضات هذه المرة «أصعب من المرة الماضية، لأسباب كثيرة، منها أن لدى إسرائيل القليل من الثروة. وآنذاك، كانت لديها ثروتان أساسيتان، مصطفى الديراني والشيخ عبد الكريم عبيد، ودزينتان من الأسرى اللبنانيين والسوريين والسودانيين والبريطانيين والألمان، بعضهم إرهابيون أرسله حزب الله».
وأقرت الصحيفة بأن اسرائيل أصرت في البداية على «أن يتم استبدال جثث الجنود و(الحنان) تننباوم بهؤلاء فقط، وبعدم تحرير أسرى فلسطينيين. لكن في النهاية خضعت إسرائيل ووافقت أيضاً على تحرير 400 فلسطيني، على ألّا يكون بينهم أشخاص ملطّخة أيديهم بالدماء».
واستنتجت «هآرتس» أنه يبدو أن إسرائيل ستجد هذه المرة «صعوبة في عدم تحرير مخربين فلسطينيين متهمين بعمليات قتل»، مستندةً في ذلك الى أن «الظروف تغيرت؛ إيران لم تتدخل في المفاوضات السابقة، سوى في معارضتها الصارمة لتسليم أي معلومة عن الملاح المفقود رون أراد، وربما فعلاً ليس لديها مثل هذه المعلومات»، وأنه لم تكن لإيران في حينه «مصالح واضحة خاصة بها» وأنها تبنت في حينه استراتيجية تقول «ما هو لمصلحة حزب الله مقبول لديها».
ورأت الصحيفة أن ايران تتابع الآن المفاوضات، بعدما أصبح لديها «بعد حرب لبنان الثانية توجه مغاير». وأرجعت ذلك الى أن الحرب «أضرت بالمصالح الحيوية لطهران... لانكشاف علاقاتها مع سوريا بالكامل وتدمير سلاح الجو منظومة الصواريخ البعيدة المدى التي زودت حزب الله بها»، ولأن ايران تخشى من هجوم اميركي أو إسرائيلي عام 2008.
خلصت «هآرتس» الى أنه «من غير الواضح ما إذا كانت لدى ايران مصلحة واضحة في تسريع صفقة تبادل أسرى بين حزب الله وإسرائيل».
يُذكر أن ديكل كان يتولى منصب نائب رئيس «الشاباك» عام 2003، قبل أن يستقيل في نهاية عام 2005 ليتفرغ للتجارة. لكن بعد أشهر، وفي أعقاب أسر الجنود الاسرائيليين، استدعاه اولمرت ليتولى مهمته الجديدة. كما تجدر الاشارة إلى أن المسؤول الاسرائيلي الذي تولّى المفاوضات حول صفقة التبادل التي جرت في كانون الثاني 2004، كان ايران بيرن، الذي لا يزال يواصل مهمته في البحث عن رون أراد والمفقودين في معركة السلطان يعقوب عام 1982.
وفي إطار مهمته، يعقد ديكل مشاورات مع طاقم مكوّن من بيرن والرئيس الأسبق للشاباك يعقوب بيري ورئيس قسم الأسرى والمفقودين في الموساد، وفي امان، وممثل عن قسم الشؤون العربية في الشاباك، إضافة الى شخصيات سرية لم يُذكر اسمها.
ونقلت «هآرتس» عن تقارير ألمانية أن شخصيات وحكومات عديدة عرضت مساعدتها في قضية التفاوض هذه حول الاسرى، منها شخص يعمل في جهاز الخدمات السرية الألماني، راكم خبرة في المفاوضات السابقة بين إسرائيل وحزب الله، وايضاً وزير الخارجية الإسباني ميغيل انخيل موراتينوس، لكن ديكل فضَّل أن تكون المفاوضات برعاية الأمم المتحدة من خلال الوسيط الالماني.
وفي السياق، ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد، الذي زار سوريا أول من أمس، طلب من رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، خالد مشعل، تجميد صفقة تحرير الجندي المخطوف في غزة جلعاد شاليت حتى نهاية الصيف. وقال له ولمسؤولين اخرين في «حماس»، بحسب الصحيفة نفسها، إن «الصيف هو فترة اختبار لإمكان شن هجوم اسرائيلي على سوريا او هجوم أميركي على ايران، ولهذا ينبغي عدم تنفيذ صفقات تبادل الى أن تنتهي هذه الفترة».
وتابعت الصحيفة أن نجاد قال الكلام نفسه لنصر الله. وأضافت إن نجاد أوضح له «نبارك لكم انتصاركم ضد العدو وندعوكم الى الامتناع عن خطوات من شأنها أن تمس بالإنجاز الكبير».
ونقلت الصحيفة نفسها عن شخصية عربية رفيعة المستوى قولها «لدينا معلومات جديدة عن رغبة حماس وحزب الله في دفع صفقة تبادل الاسرى الى الأمام.... لكن في أعقاب الضغط الإيراني، فان السياقات قد تتشوش مرة اخرى». وادّعت الصحيفة أن إيران دفعت قبل بضعة اشهر 40 مليون دولار لمشعل كي يؤخر صفقة التبادل حول شاليط.

strong>الصيف هو فترة اختبار لإمكان شن هجوم إسرائيلي على سوريا أو هجوم أميركي على إيران، ولهذا يجب تنفيذ صفقات تبادل الى أن تنتهي هذه الفترة