strong>يحيى دبوق
أنبـــاء عـــن «صفقـــة» إيرانيـــة ـ سوريـــة تنفيهـــا طهـــران ويقلّـــل أولمـــرت مـــن شأنهـــا

أثارت الزيارة الأخيرة للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى سوريا، قلقاً إسرائيلياً ملحوظاً، زادت من حدّته أنباء أشارت إلى وجود صفقة إيرانيةـــــ سورية، تتزود بموجبها دمشق بالسلاح، وتحظى بدعم طهران لموقفها في لبنان، مقابل عدم الانخراط في مسيرة التسوية مع إسرائيل، ما دفع ببعض السياسيين الإسرائيليين إلى المطالبة بحكومة طورائ لمواجهة ما أسفرت عنه الزيارة، رغم أن إيران نفت الصفقة، ورأت أن الحديث عنها يهدف إلى المس بالعلاقات مع سوريا.
ورغم عاصفة التصريحات الإسرائيلية، إلا أن مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت حاول التخفيف من شدتها. وقالت مصادر مقرّبة من أولمرت، إنه يشكّك في صحة الخبر الذي نشرته الزميلة «الشرق الأوسط»، عن صفقة أسلحة إيرانية لسوريا، تشمل طائرات ودبابات، وإقامة مصانع لإنتاج الصواريخ، مقابل عدم دخول دمشق في مفاوضات مع إسرائيل. وأشارت إلى أنه «ليس واضحاً إلى أي حد كان التقرير (الخبري) صحيحاً»، رغم إقرارها بأن لقاء نجاد بالرئيس السوري بشار الأسد، وقادة حزب الله وحماس، «يشير إلى قوة ارتباط (سوريا) بمحور الشر». وأضافت إن «لدى إسرائيل قنوات لفحص صحة ما نُشر (عن الصفقة)، إذ إن المسألة تتعلق بصحيفة لديها نزاعات مع إيران، ومن هنا لا يتضح مصدر الأنباء التي أدت إلى عاصفة في المحافل السياسية الإسرائيلية».
وقال مسؤول في مكتب أولمرت أمس، «لا نعرف مدى صحة ما نُشر، ولكنّ إسرائيل مستعدة لأي سيناريو. كانت مستعدة قبل لقاء رئيسي إيران وسوريا، وستكون مستعدة بعده، من دون أي علاقة للقاء»، مضيفاً إن إسرائيل تقوم بكل ما ينبغي من أجل التوصل إلى سلام مع سوريا».
ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مصدر أمني، وصفته بأنه رفيع المستوى، إعرابه عن شكوكه في صدق ما ورد في تقرير الصحيفة السعودية. وقال المصدر إنه «لا يمكن تجاهل حقيقة أن شخصاً شريراً من طهران (أحمدي نجاد) التقى في دمشق أناساً أشراراً وخطرين». وأضاف إن «الزيارة لا علاقة لها بالملف النووي الإيراني، وليس هو (نجاد) من يعالج الحلف الاستراتيجي مع دمشق والعلاقات مع حزب الله وحماس، بل إن الحاكم هو (آية الله علي) خامنئي الذي يتولى الملفات الحساسة، ومن يعالج هذه الموضوعات بسرية، هم المخوّلون من قبله».
ورأت مراسلة «يديعوت»، سمدار بيري، المقرّبة من الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، تعليقاً على ما ورد في صحيفة «الشرق الأوسط»، أن «المعني في دق إسفين، هو كل من إسرائيل، التي تريد منع المضي في إجراء مفاوضات مع السوريين، والولايات المتحدة المعنية بأن تُلحق ضرراً بصورة سوريا وإيران، وحكومة (الرئيس فؤاد) السنيورة التي تريد الإساءة إلى سمعة الأسد، والسعوديين المذعورين من إيران، والمعنيين بأن يعرضوها كمصدر للشر في الشرق الأوسط».
في المقابل، نقلت وكالة الأنباء الإيرانية «مهر»، نفي المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، محمد علي حسيني، صحة أنباء الصفقة الإيرانية ـــــ السورية، وقال حسيني، خلال المؤتمر الصحافي الأسبوعي الذي يعقده في طهران، إن «نشر تلك المعلومات، يهدف إلى المس بالعلاقات الوثيقة بين إيران وسوريا».
وكان الوزير الإسرائيلي للشؤون الاستراتيجية، أفيغدور ليبرمان، قد دعا أمس، بعد تناقل وسائل الاعلام الإسرائيلية مضمون تقرير الصحيفة السعودية، إلى إقامة حكومة وحدة وطنية في إسرائيل لمواجهة الحلف الإيراني السوري. وقال إن «توثيق العلاقة بين الأسد والرئيس الإيراني أحمدي نجاد، يحتّم على إسرائيل الاستعداد من جديد، سياسياً وعسكرياً، وأيضاً على الصعيد السياسي الداخلي»، مطالباً بتشكيل حكومة وحدة وطنية مع حزب الليكود، «كمطلب أساسي في هذه الأوقات العصيبة، إذ يجب وضع الخلافات جانباً لمواجهة التقارب الخطر القائم بين الرئيس السوري ونظيره الإيراني».
وقال رئيس لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست الإسرائيلي تساحي هانغبي (كاديما)، إن «إيران تشكل خطراً يتفاقم يوماً بعد يوم، لا على إسرائيل فقط، بل أيضاً على الاستقرار في المنطقة»، واصفاً العلاقة السورية ـــــ الإيرانية بأنها «ارتماء سوري في أحضان إيران، وهذا يعكس الطبيعة المغامرة للرئيس بشار الأسد، بخلاف والده المرحوم حافظ الأسد، الأمر الذي يضع نظامه في خطر حقيقي».
ووجد نائب رئيس الحكومة الإسرائيلية إيلي يشاي (حزب شاس الديني)، في تقرير الصحيفة السعودية، مادة للاستدلال على صحة مواقفه الرافضة للمفاوضات مع سوريا. وقال «إن سوريا ليس لديها نية للسلام، ولو كانت لديها نية من هذا النوع، لكنّا قد شرعنا في التفاوض (معها). هي مرتبطة بمحور الشر، وعلى إسرائيل أن تتعامل معها حسب أعمالها، والحقيقة الماثلة أمامنا أن محور الشر يتعزز، ولا يمكن لإسرائيل أن تسمح لنفسها بأن تكون نعامة، ويجب علينا أن نكون مستعدين، وأن نراقب الرياح إلى أين تتجه، وماذا يفكرون بشأننا».
وقال عضو الكنيست من حزب الليكود، يسرائيل كاتس، إن «كل ما قاله رئيس الحكومة أولمرت عن أجراس السلام التي تقرع في دمشق، وعن استعداد دمشق للتنازل عن الجولان، هي أوهام وأضغاث أحلام. فالأسد يتكلم كما الحمامة، ولكنه يستعد للدغته الثعبانية. وها هي صفقة الأسلحة، والاتفاقية السورية الإيرانية، تؤكّدان أن الضمانة الوحيدة لسلامة إسرائيل هي البقاء في الجولان».
بدوره، شدد الوزير يتسحاق هرتسوغ (العمل) على وجود «محور للشر، وعلى تعاون سري وثيق بين أعضاء هذا المحور، ولدينا مرة أخرى إثبات مع من نتعامل»، لكنه أشار أيضاً إلى وجود «ائتلاف معتدل مكوّن من دول عربية، بدءاً بالمغرب، مروراً بدول الخليج، وانتهاءً بمصر والأردن، وأن التحدي الذي يقف أمامنا في هذه المرحلة هو ائتلاف الشر».

دعا السفير الإسرائيلي لدى واشنطن، سالي ميريدور، العالم، إلى إطلاق حملة مقاطعة لإيران، شبيهة بالحملة التي أُطلقت على جنوب أفريقيا في الثمانينيات من القرن الماضي، لمنع طهران من تطوير سلاح نووي.
وقال ميريدور، لصحيفة «جيروزالم بوست»، إنه فيما الولايات المتحدة «تشعر بالضرورة» لوقف إيران، «نريد أن تكون الدول الأخرى مثل أميركا، وأن تُظهر مسؤوليتها وتصميمها»