strong>«حمــــاس» تبــــدي استعــــداداً لمحــــاورتــــه وتحــــذِّره مــــن تجاهلهــــا
بدأ رئيس الوزراء البريطاني السابق، طوني بلير، الذي عين بداية الشهر الجاري مبعوثاً للجنة الرباعية الدولية إلى الشرق الأوسط، أولى جولاته أمس على المنطقة، حيث زار الأردن، قبل أن ينتقل إلى إسرائيل في ظل أجواء تشير إلى أن الحكومة الإسرائيلية ستتعامل معه بوصفه موفداً لتعزيز السلطة الفلسطينية لا كمبعوث لإيجاد حل سياسي للصراع مع الفلسطينيين، وذلك من خلال الحؤول دون تدخله في قضايا الحل الدائم وتهميش وتحجيم دوره في هذا المجال.
وعقد بلير محادثات في عمان مع وزير الخارجية الأردني عبد الإله الخطيب الذي قال إنها كانت «حيوية بالنسبة إلى الفلسطينيين والإسرائيليين وللمنطقة»، فيما وصف المتحدث باسم بلير الاجتماع بأنه «إيجابي».
وقال بيان للخارجية الأردنية إن المباحثات تناولت عملية السلام وآخر المستجـدات فـي المنطقـة. وأضاف: «عبّر بلير عن تطلعه للتعاون الوثيق مع الأردن في سياق مهمتـه الجديدة... وأبلغ وزير الخارجية الأردني مبعوث اللجنة الرباعية الأهمية التي يوليها الأردن لإنهاء المعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة وضرورة تغيير الأوضاع الصعبة التي يرزحون تحتها من خلال إعادة تنشيط الاقتصاد الفلسطيني ورفع الحصار والقيود الأمنية التي تحول دون ذلك وإعادة بناء أجهزة السلطة الفلسطينية ومؤسساتها على طريق إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة التي تشكل إقامتها المتطلب الأساسي لتحقيـق الاستقـرار والسـلام فـي هـذه المنطقـة».
وبعد عمان، انتقل بلير إلى إسرائيل حيث التقى كلاً من وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني ووزير الدفاع إيهود باراك، على أن ينتقل اليوم إلى رام الله للاجتماع مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ثم ينهي جولته اليوم أيضاً بلقاء يعقده مع رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت.
وكانت اللجنة الرباعية طلبت من بلير أن يقدم بحلول شهر أيلول المقبل خطة مبدئية لبناء مؤسسات الحكم المطلوبة لإقامة دولة فلسطينية قادرة على البقاء إلى جانب إسرائيل. ومع ذلك، قال دبلوماسيين إن هذا التفويض المحدود يمكن أن يتسع لدور أكثر مباشرة في عملية السلام بين الأطراف المعنية، وهو ما حاولت المصادر الإسرائيلية الالتفاف عليه قبل وصول بلير إلى إسرائيل، من خلال تسريب معلومات إلى الصحف الإسرائيلية مصدرها مسؤولون إسرائيليون عبروا فيها عن الدور الذي يرون مهمة بلير محصورة فيه، وهو مساعدة السلطة الفلسطينية.
وفي السياق، نقلت صحيفة «هآرتس» عن مصادر إسرائيلية قولها إن «بلير سيركز في الأشهر القليلة المقبلة على تنفيذ التفويض الرسمي لديه على بناء المؤسسات الفلسطينية وتجنيد المساعدات الدولية للسلطة الفلسطينية»، مضيفة أن «التقدير في إسرائيل هو أنه في المرحلة الثانية سيتطلع بلير إلى حث المسيرة السلمية بين إسرائيل والسلطة».
وبحسب المصادر، فإن بلير «سيسعى بداية إلى الدراسة المعمقة للوضع على الأرض ليفهم تعقيدات المسائل المطروحة أمامه». وقدرت هذه المصادر أن بلير «سيحاول بداية كسب ثقة الطرفين في إطار التفويض الذي ناله، ولن يسارع إلى المخاطرة بخطوات بعيدة الأثر من شأنها أن تُفشل مهمته في المنطقة».
وبتقدير المصادر الإسرائيلية، فإن «بلير يفهم الحاجة إلى بحث مواضيع سياسية، لا اقتصادية فقط، لكنه سيفضل بداية تثبيت صدقيته في نظر السلطة الفلسطينية وإسرائيل». وقدَّر مصدر إسرائيلي آخر، بحسب «هآرتس»، أن بلير «سيعمل أولاً على تجنيد المساعدات الدولية الواسعة للفلسطينيين في ظل استغلال مكانته وعلاقاته». وأضاف المصدر أن تجنيد الأموال سيمنح له «رافعة» للعمل.
تجدر الإشارة إلى أن الرباعية كلفت بلير بعقد مؤتمر الدول المانحة للفلسطينيين، وفي مقدمتها النروج، في الخريف المقبل. وكشفت «هآرتس» النقاب عن أنه في مداولات عُقدت في القدس المحتلة «تقرر أن تعمل إسرائيل على المديين المتوسط والبعيد بضمان ألا يخرج طوني بلير عن التفويض الذي ناله لبناء مؤسسات الحكم الفلسطينية». وقال مصدر في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت، للصحيفة: «وفق ما نفهم تفويضه، فإنه يوشك على الاعتناء ببناء مؤسسات السلطة كي يعزز الرئيس محمود عباس، وهذا ما سنبحثه معه». وبحسب المصدر، «هناك تفويض واضح لعمل بلير، وهو الحرص على أن تكون السلطة قوية تهتم بسكانها، وهذا ما نريده نحن أيضاً. وفي كل ما يتعلق بالتسوية الدائمة، فسيتم هذا في مفاوضات مباشرة مع الفلسطينيين».
وفيما أشارت الأوساط المقربة من بلير أن الأخير لن يلتقي مع أحد من حركة «حماس»، أبدت الحركة للمرة الأولى استعدادها للتحاور معه كوسيط مع إسرائيل وكممثل للجنة الرباعية لعملية السلام في الشرق الأوسط.
وأبلغ المتحدث باسم «حماس» سامي أبو زهري صحيفة «التايمز» الصادرة أمس: «لن نقول لا لأي شخص بمن فيهم بلير». وقال أبو زهري: «نحن على استعداد للاتصال بأي جهة باستثناء المحتل».
أما القيادي في «حماس» محمود الزهار فحذر بلير من أي محاولة لتهميش الحركة، مؤكداً أن ذلك سيكلفه صدقيته.
(الأخبار، أ ب، أ ف ب، رويترز، يو بي آي، د ب أ)