حيفا - فراس خطيب
طلب مساعدة تركيا للوقوف على النيات السورية ويشترط «انفصالها عن إيران» للانسحاب من الجولان


نفى رئيس الوزراء الإسرائيلي، إيهود أولمرت، ما نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس، في عنوانها الرئيس، وقالت فيه إن مسؤولين عسكريين إسرائيليين رفيعي المستوى دفعوه نحو الشروع في التفاوض مع سوريا تحت طائلة التحذير من إمكان أن يكون البديل عن ذلك نشوب حرب معها في الصيف المقبل. وعلّق أولمرت ساخراً على النبأ قائلاً «يسرّني أن أعرف متى دفعني ضباط للتفاوض مع سوريا».
وكانت الصحيفة قد أفادت بأن ضباطاً رفيعي المستوى في جيش الاحتلال وضعوا أولمرت أمام خيارين «إما إجراء مفاوضات مع سوريا، أو التحسّب لاندلاع حرب معها الصيف المقبل»، في ظل توقّع أن يدخل حزب الله طرفاً في أي مواجهة محتملة مع دمشق لتتسع رقعتها وتشمل الجبهة اللبنانية.
وبحسب الصحيفة نفسها، فإن الجيش الإسرائيلي «يتابع بقلق» ما يمكن تفسيره بـ«الاستعدادات السورية لحرب مع إسرائيل»، وذلك في ضوء تقارير تتحدث عن تعزيز سوريا لقدراتها العسكرية من خلال الصفقات التي أبرمتها أخيراً مع روسيا وما حصلت عليه من أسلحة من إيران، فضلاً عن تحصين استحكاماتها عند الحدود مع الجولان المحتل.
ووفقاً لما أوردته الصحيفة، فإن الجيش الإسرائيلي يعتقد أنه في حال اندلاع مواجهات بين إسرائيل وسوريا، فإن حزب الله «سيفتح بالتأكيد، جبهة ثانية»، كما ان الإيرانيين سيمدّون يد العون إلى دمشق، وسيزوّدونها بالأسلحة والوسائل القتالية «وربما أيضاً بطرق أخرى».
وقالت الصحيفة إنّ السوريين «ينقلون لحزب الله كل ما لديهم في مخازن الأسلحة»، وفي حال اندلاع حرب، فإن الحزب سيكون قادراً على استهداف المدن الواقعة وسط إسرائيل بصواريخه انطلاقاً من مواقعه في شمالي نهر الليطاني.
وقالت الصحيفة إن القوات الدولية (اليونيفيل) والجيش اللبناني أبعدا حزب الله من مواقعه عند الحدود الإسرائيلية ـــ اللبنانية، ومن الخنادق والأنفاق التابعة له والممتدة على طول المساحة المفتوحة جنوبي نهر الليطاني، إلا أنّهما «لن يعرقلا عودة حزب الله وتمركزه داخل القرى اللبنانية على امتداد الحدود اللبنانية ـــ الإسرائيلية».
وذكرت الصحيفة أنه من أجل منع التدهور إلى صدام بسبب تفسيرات أو تقويمات خاطئة من قبل سوريا حول نيات إسرائيل، اهتمت إسرائيل ببث «رسائل طمأنة» للسوريين. وطلبت الدولة العبرية من الجنرال النمسوي، رئيس وحدة المراقبين التابعة للأمم المتحدة في هضبة الجولان، أن يوضح للسوريين بأن إسرائيل ليست معنية بمواجهة عسكرية مع دمشق.
وبحسب «يديعوت»، فإن قادة الجيش الإسرائيلي يرون أن البدء في مفاوضات مع السوريين، في صلبها الحل النهائي، سيبعد دمشق عن تحالفها مع إيران وحزب الله، وسيقودها نحو إيقاف تقديم المعونة لـ«المنظمات الإرهابية الفلسطينية والعراقية». كما أن من شأن ذلك أن يعيدها إلى «مكانها الطبيعي في المنطقة»، أي إلى «تحالفها مع الدول السنية المعتدلة». وادّعت الصحيفة أن هناك علامات تؤكد قلق الإيرانيين من هذا الاحتمال. وفي هذا السياق، أشارت الصحيفة إلى أنّه في حال دخول إيران «العهد النووي»، فإنه «سيتم اختيار طرق أخرى لردعها»، من ضمنها إمكان أن «تتمترس قوات أميركية كبيرة في الشرق الأوسط بشكل ثابت، وفي الوضع الناشئ عندها ستكون هناك أهمية كبرى لسوريا وفي أي معسكر ستكون».
وخلص تقرير «يديعوت» إلى الاستنتاج، نقلاً عن ضباط الجيش الإسرائيلي، أن الوقت لا يعمل لمصلحة إسرائيل، وتالياً يفضل عدم رفض المفاوضات مع السوريين. إلا أن المشكلة بالنسبة للساسة الإسرائيليين في هذه الحالة هي أن أي مفاوضات مع دمشق ستطلق سجالاً داخلياً في إسرائيل حول هذا الأمر، فضلاً عن أنه سيفكّ عزلة سوريا على المستوى الدولي، بمعزل عن النتائج التي ستتوصل إليها هذه المفاوضات.
وسخر أولمرت مما نشرته «يديعوت». وقال، في جلسة جمعت وزراء من حزبي «كديما» و«المتقاعدين»، «تسرّني معرفة متى دفعني الضباط (الجيش) للتفاوض مع السوريين». كما عقّب النائب الأول لرئيس الحكومة شمعون بيريز قائلاً: «ما هذا؟ الجيش يدفع رئيس الوزراء لإجراء مفاوضات؟ من هم العسكريون الذين يدفعون رئيس الوزراء للمفاوضات؟ ما يحدث لنا، بالأحرى دعوة إلى مهاجمة الحكومة بالصحف. لا يعقل أن يدير كل واحد هنا دولة خاصة به».
وعلّق المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي على ما ورد في «يديعوت أحرونوت» بالقول إن ضباط الجيش لا يدفعون المستوى السياسي لتجديد المفاوضات مع الأسد، مضيفاً أن «تقديرات جهاز الاستخبارات الإسرائيلي تشير إلى أن الاستعدادات السورية ليست متجّهة لخطوة هجومية نحو إسرائيل».
إلى ذلك، ذكرت صحيفة «هآرتس» أن المجلس الوزاري الأمني المصغّر سيعقد خلال هذا الأسبوع جلسة خاصة لمناقشة الوضع على الجبهة الشمالية. وسيستمع الوزراء إلى عرض استخباري يتضمن وتيرة التسلح السورية الأخيرة، إضافة إلى تقديرات بشأن خطر اندلاع مواجهة مع دمشق انطلاقاً من تقدير خاطئ. وبحسب الصحيفة، فإن ثمة خشية في إسرائيل من أن تبادر سوريا إلى عمل عسكري «تحتل» فيه جزءاً من الجولان تمهيداً لإطلاق عملية سياسية تؤدي إلى استعادة الهضبة بأكملها.
وأشارت «هآرتس» إلى أن هدف الجلسة هو بلورة استراتيجية إسرائيلية في مواجهة الجبهتين السورية واللبنانية في ظل الحديث عن ارتفاع سخونتهما وتنامي قوة الجيش السوري. وسيتركز النقاش على الوضع الأمني والميداني ولن يتطرق إلى خطط سياسة تتعلق بتسوية ما.
ونقلت «هآرتس» عن مصادر إسرائيلية على علاقة بالملف السوري تقديرها بأن أولمرت طلب مساعدة تركيا للوقوف على النيات السورية. وقالت الصحيفة إن أولمرت يجري منذ أشهر «فحصاً» للمقابل الذي يمكن أن تعطيه سوريا لقاء انسحاب إسرائيلي من الجولان، مشيرة إلى أنه يشدد على أن تتضمن أية تسوية معها تعهداً بـ«الانفصال عن إيران والإقلاع عن دعم المنظمات الإرهابية».


قال وزير الصناعة والتجارة، نائب رئيس الوزراء، إيلي يشاري (شاس)، إن «هناك أموراً ليست معروفة للجميع ولا حاجة لأن يعرفها الجميع. يجب سماع ما يقوله السوريون. أنا مطّلع، بطبيعة وظيفتي، على التفاصيل، ولكن هناك أموراً إضافية، ربما تحدث سراً. حتى لو كانت هناك تطورات، يجب عدم الإعلان عنها قبل أن نعلم بالأمور بالتفصيل. لا أرى شيئاً باستثناء تصريحات (الرئيس السوري بشار) الأسد. وهو لم يعد إلى رشده»