سيناء | عادت المؤسسة العسكرية في مصر، بمساعدة عدد كبير من القنوات الإعلامية والصحف، إلى تعبئة الشعب المصري ضد غزة وسكانها من جديد، وخاصة ضد حركة «حماس» وذراعها العسكرية «كتائب القسام»، وذلك بإصدار بيانات متتالية عن ضبط «أنفاق نوعية» تصل من خلالها أسلحة وذخائر إلى «الجماعات الإرهابية» في سيناء.وإن كان هذا الاتهام المتكرر يخفف من وطأة الإخفاق الميداني للجيش والشرطة، فإنه من جانب آخر يظهر إخفاق الأمن المصري في القضاء على ظاهرة الأنفاق كما يعلن بين حين وآخر، وخاصة أنه بعد تدمير قطاع حدودي بعرض كيلومتر واحد، أفادت السلطان بنيتها المضي حتى خمسة كيلومترات للقضاء على «الأنفاق الاستراتيجية».

وبرغم تأكيد المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة، العميد محمد سمير، أكثر من مرة تمكن القوات من الإجهاز على الأنفاق الحدودية بين مصر والقطاع، فإنه عاد ليصرح قبل يومين بالعثور على أكثر من 24 نفقاً تستخدم «حصراً» لتهريب السلاح من غزة إلى سيناء. ووفق بيان المتحدث، أعلن أمس، ضبط 25 قذيفة «آر بي جي» عليها «لوغو خاص بكتائب القسام، فضلاً عن أزياء عسكرية» كلها كانت في طريقها إلى تنظيم «ولاية سيناء». وفي بيان سابق السبت، أعلن ضبط حقيبة داخلها أجهزة اتصالات وتقوية إرسال مع 500 جهاز مؤقت للتفجير «تايمر» عليها أيضاً «عبارات تخص كتائب القسام».
هذه البيانات تتلقفها، على عجل، القنوات الفضائية وبعض الصحف، ثم تعيد صياغتها وتفصيلها على مقاس خاص بـ«غزة» مع إضفاء قصص وسيناريوات، لتوجيه غضب الشعب المصري بشأن ما يقع في سيناء، إلى ما خلف الحدود المصرية. وفي المقابل، يصل «الخيال» في مطالبات بعض المصريين بالرد على القطاع، في البرامج الفضائية، إلى المطالبة بدخول طائرات مصرية إلى غزة ورش مواد سامة لإبادة الشعب الفلسطيني، لأنهم «لا يثورون ضد حماس ولا يعملون على إسقاطها»!
ولا يبدو أن السلطات المصرية معنية بالرد على الهجمات أو منعها، بقدر اهتمامها في تنفيذ مشروعها الحدودي الذي يمنع تهريب السلاح إلى غزة وليس منها، وذلك بقضم أكبر مساحة من أراضي مدينة رفح المصرية ضمن المنطقة العازلة، وهو بالتأكيد ما يخدم أهداف الاحتلال الإسرائيلي بصورة غير مباشرة.
ووفق البيانات الأخيرة، فإن السلطات تتحدث عن أنه ضمن إطار محاربة كل من يمس بالأمن القومي على الاتجاهات الاستراتيجية، جرى ما بين الأول من العام الجاري حتى منتصف الشهر الجاري، ضبط وتدمير نحو 194 فتحة للأنفاق على الحدود مع غزة.
يعقب المحلل السياسي، قدري يونس العبد، بالقول إنه صار ملاحظاً «كلما دخلت مصر في منعطف أو أزمة، لا يجد فرقاء الداخل سوى الفلسطيني مكسراً لعصاهم». ويشير العبد إلى أن هذه الإجراءات تنعكس على أحوال الفلسطينيين في غزة التي يعمل على «شيطتنها»، رافضاً أن يكون القطاع «الشماعة التي يجري عبرها تخليص الخلافات على التقصير الأمني والخطط الفاشلة التي تسبب كوارث تحصد أرواح جنود الجيش والشرطة».