strong>علي حيدر
أعرب رئيس الوزراء إيهود أولمرت عن استعداده لإجراء «مفاوضات مباشرة مع السوريين لكن من دون أي شروط»، ودعا وزراءه وأعضاء المؤسسة الأمنية الى التقليل من الكلام على الشأن السوري، الذي أشار إلى أنه «حساس وأي تصريحات ليست في مكانها يمكن ان تؤدي الى سوء فهم»

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت، خلال جلسة للمجلس الوزاري المصغّر عُقدت أمس لمناقشة الوضع القائم على الحدود الشمالية وتحديد الموقف من الدعوات إلى إجراء مفاوضات مع سوريا، إن «وجهة إسرائيل ليست نحو الحرب مع سوريا ويجب الحذر من سيناريو حسابات مغلوطة قد يؤدي إلى تدهور أمني»، مضيفاً إن الدولة العبرية «عملت من خلال قنوات سياسية مختلفة لإمرار هذه الرسالة إلى سوريا». لكنه أشار الى أن اسرائيل لم تتلقّ حتى الآن أي رسالة من السوريين حول موضوع البدء بمفاوضات.
وأشارت وسائل الإعلام الإسرائيلية الى أن التقارير الاستخبارية والعسكرية، التي عُرضت خلال الجلسة، ركزت على التهديدات الأمنية في الشمال، لا على إمكان السلام او الاقتراحات السورية لتجديد المفاوضات. ولم تستبعد مصادر صحافية إسرائيلية أن يكون أولمرت قد فحص في الجلسة إمكانات مختلفة لإجراء اتصالات بسوريا.
وقرر المجلس الوزاري تشكيل طاقم مؤلف من 11 وزيراً «للبحث في التهديدات الأمنية» السورية، على أن يُقدّم الجيش إلى هذا الطاقم خططه العملياتية على الحدود الشمالية، في حال نشوب مواجهة عسكرية. لكن الوزير مئير شطريت عبَّر عن تحفظه من تشكيل هذا الطاقم، معتبراً أنه يتناقض مع الرسائل الإسرائيلية التي تشير إلى أن إسرائيل غير معنيّة بحصول مواجهات.
وسيتألّف الطاقم من أعضاء السباعية التي أدارت العدوان على لبنان (وزيرة الخارجية تسيبي ليفني، ونائب رئيس الحكومة شمعون بيريز، ووزير الدفاع عامير بيرتس، ووزير الصناعة والتجارة ايلي يشاي، ووزير المواصلات شاؤول موفاز ووزير الأمن الداخلي آفي ديختر) إضافةً الى وزير الشؤون الاستراتيجية افيغدور ليبرمان، ووزير البنى التحتية بنيامين بن اليعزر وكل من رافي ايتان، ودانيال فريدمان.
ورغم أن صحيفة «يديعوت أحرونوت» نقلت عن مصادر إسرائيلية قولها إن أولمرت يرى أن إسرائيل ليست قريبة من حرب «لكنها أيضاً ليست عشية انطلاقة باتجاه تجديد مفاوضات السلام مع سوريا»، نقلت صحيفة «هآرتس» عن ضباط كبار في الجيش الإسرائيلي قولهم إن مخاطر حدوث تصعيد مع دمشق هي على رأس سلم أولويات رئيس الأركان غابي أشكينازي. وأوضح هؤلاء الضباط أن «أشكينازي يتحدّث في اجتماعات مغلقة كأن سيناريو حرب في الشمال احتمال معقول للغاية». وأضافوا إنه لا تأكيد استخبارياً ملموساً لذلك في هذه المرحلة، مشيرين إلى أن هناك «تفسيراً محتملاً واحداً هو أن رئيس الأركان يرغب في تأكيد جهوزية القوات، من أجل المزيد من الأمان».
ولوحظ خلال جلسة المجلس الوزاري أمس، أن رئيس أمان اللواء عاموس يادلين اتفق مع بقية رؤوساء الأجهزة الاستخبارية على أن الجيش السوري تتعاظم قدراته ويتجهّز بأسلحة حديثة، كما اتفقوا على «عدم رؤية أي مؤشرات دالة على أن السوريين يريدون مهاجمة إسرائيل أو الخروج في عملية عسكرية محدودة على شاكلة توجيه ضربة خاطفة في هضبة الجولان».
ومع ذلك، فقد عرض ضباط الجيش سيناريو مبنيّاً على سوء فهم من جانب السوريين ينجرّون من خلاله الى عمل عسكري تردّ عليه اسرائيل بعملية عسكرية. كما طرحت الاستخبارات أحد السيناريوهات مفاده أن السوريين والإيرانيين يخشون من هجوم أميركي على المنشآت النووية الإيرانية، ويستعدون لإمكان فتح جبهة ثانية ضد إسرائيل في الجولان وعبر حزب الله في لبنان، كانتقام بسبب الهجوم الأميركي على ايران.
كما تضمّنت التقديرات التي عُرضت على الوزراء أنه إذا اشتعل الشمال، فإن حزب الله سيساعد السوريين ويهاجم اسرائيل من لبنان. وعرض نائب رئيس الشاباك الوضع في صفوف دروز الجولان، معتبراً أن لا وجود لخطر نشوب «أعمال إرهابية» في الهضبة المحتلة.
وبرز تباين في تقدير تداعيات العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان، إذ يرى رئيس الموساد مئير دغان أن الردع الإسرائيلي تضرّر في الحرب الأخيرة، ونتيجة لذلك ازدادت الثقة لدى سوريا بالخيار العسكري. وهو يرى أنه حصل في سوريا تغيير استراتيجي سيرد بموجبه السوريون، منذ الآن، على أي عملية قد يرونها استفزازاً إسرائيلياً، وهم على استعداد للمجازفة في مقابل إسرائيل أكثر من الماضي.
أما رئيس امان اللواء عاموس يادلين فرأى من جهته، أمام لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست أول من أمس، أن «قوة الردع الإسرائيلية ازدادت في أعقاب حرب لبنان الثانية عندما شهد السوريون أن إسرائيل قضت خلال وقت قصير على منظومة صواريخ الزلزال والصواريخ البعيدة المدى الأخرى التي كانت بحوزة حزب الله شمال الليطاني».
وفي السياق، استمع الوزراء، خلال جلسة يوم أمس، إلى تفاصيل الجهود السورية للتزوّد بالأسلحة، وبناء نظام دفاعي في منطقة هضبة الجولان، وعن العلاقات السورية ـــــــ الإيرانية. وقدمت الاستخبارات العسكرية تقريرها الذي اشار الى أن الجيش السوري مستعد اليوم على جبهة الجولان بشكل معزز، وأن سوريا دفعت الى المنطقة بوحدات صاروخية ثقيلة، من النوع الذي أطلقه حزب الله على حيفا خلال حرب لبنان الثانية، التي خرقت التحصينات. وأضاف التقرير إن دمشق حصلت على صواريخ حديثة مضادة للطائرات والدبابات من انتاج روسي، وقام الجيش السوري بتدريبات في الفترة الأخيرة لوحدات الخط الأول.
أما وزيرة الخارجية تسيبي ليفني فقدمت تقريراً تناولت فيه النشاطات الدبلوماسية التي تقوم بها الوزارة لتبديد التوتر مع سوريا. وقال شمعون بيريز إن «اسرائيل لم تهاجم سوريا مطلقاً، فيما هاجمت سوريا اسرائيل ثلاث مرات أعوام 1948، 67، و73».
وقال وزير الشؤون الاستراتيجية أفيغدور ليبرمان إنه لا يؤمن بشعار «الأرض مقابل السلام»، معتبراً أن المناطق التي انسحبت منها اسرائيل في السنوات الأخيرة استُخدمت بعد ذلك لإطلاق النار عليها.
إلى ذلك، رفض الكنيست أمس مشروع قانون لإلغاء ضم الجولان تقدم به عن كتلة التجمّع الوطني الديموقراطي، الذي يرأسه الدكتور عزمي بشارة، عضو الكنيست جمال زحالقة وقانون آخر تقدم به النائب محمد بركة. وتم إسقاط الاقتراحين بغالبية 40 نائباً في مقابل 10 نواب أيدوا اقتراح القانون.