strong>محمد بدير
تبرّأ من صهيونيّته واعتبر دولته «قوة استعمارية ومجتمع أموات» واقترح تفكيك الوكالة اليهودية والقنبلة النووية

دعا الرئيس الأسبق للكنيست وللوكالة اليهودية أبراهام بورغ إلى إلغاء قانون العودة، وإلغاء تعريف إسرائيل بأنها دولة يهودية لكون ذلك مفتاح نهايتها، ونصح كل إسرائيلي باستصدار جواز سفر أجنبي، وبتفكيك القنبلة الذرية، معلناً أنه لم يعد صهيونياً.
وأشار بورغ، خلال مقابلة مع صحيفة «هآرتس» بمناسبة صدور كتابه الجديد «الانتصار على هتلر»، إلى أنه لم يعد يعتبر نفسه صهيونياً، وأنه «يجب إبقاء (تيودور) هرتسل خلفنا»، باعتباره مؤلف كتاب «دولة اليهود»، ومؤسس الحركة الصهيونية.
ودعا بورغ إلى البدء في النقاش حول «قانون العودة» الذي يتيح لكل يهودي في العالم الهجرة إلى إسرائيل والحصول على مواطنة فيها، معتبراً أنه «قانون لحماية الذات، وهو صورة مرآة لهتلر» الزعيم النازي لألمانيا. وأضاف ان «قانون العودة يؤدي إلى طلاق بيننا وبين يهود الشتات وبيننا وبين العرب».
واقترح بورغ تفكيك الوكالة اليهودية. وقال «لقد اقترحت عندما كنت رئيساً للوكالة اليهودية تغيير اسمها من الوكالة اليهودية لأرض إسرائيل إلى الوكالة اليهودية للمجتمع الإسرائيلي، ويجب أن تعتني بكل مواطني إسرائيل، بمن فيهم العرب». ورأى «أننا في الأيام الأخيرة لليهودية العالمية، والصهيونية عندنا هي دائماً كارثية». وعرّف بورغ نفسه على أنه «إنسان ثم يهودي ثم إسرائيلي، وأشعر أن العامل الإسرائيلي مجحف بحق العاملين الآخرين. ولذلك فإن الإسرائيلية لا تكفيني وأنا مرغم على العودة إلى مكاني اليهودي».
وشدد بورغ على أن إسرائيل تعتمد على القوة فحسب، وهي قوة استعمارية، وقال «انظر إلى حرب لبنان (الثانية)، لقد عاد الشعب من المعركة وكانت هناك إنجازات معينة وإخفاقات معينة وكنت أتوقع من المسؤولين وحتى من اليمين أن يدركوا أنه عندما يمنحون الجيش تفويضاً للانتصار فإنه لا ينتصر وأن القوة ليست الحل. لكن بعد ذلك جاء دور غزة وما هو الحوار حيال غزة؟ أن ندخل إلى هناك وأن نمحوهم، ويبدو أنهم (في إسرائيل) لم يستوعبوا شيئاً». وأضاف ان «الاحتلال هو جزء صغير من الموضوع، فإسرائيل هي مجتمع خائف والخوف الأكبر، الخوف القديم هو ستة ملايين يهودي تمّت إبادتهم في المحرقة».
وتابع بورغ أن المجتمع الإسرائيلي هو أناس «معاقون نفسياً وينتابهم الرعب والخوف ويستخدمون القوة لأن هتلر سبب لنا ضرراً نفسياً عميقاً». وقال «أنا أوافق على أن هناك مصاعب، لكن هل هي مطلقة؟ وهل كل عدو هو (بمثابة معسكر الإبادة النازي) أوشفيتز؟ وهل كل حماس عدو؟».
وكاد بورغ أن يشبّه إسرائيل بألمانيا النازية، لكنه قال إنها شبيهة بألمانيا عشية صعود النازية إلى الحكم حيث كان الشعب الألماني ناقماً على العالم. وفي إسرائيل هناك «شعور بالإهانة القومية الكبرى والهزيمة غير المبررة في الحروب، ونتيجة لذلك أصبحت العسكرة مركزية في الهوية».
وقال بورغ إن الفاشية «أصبحت قائمة هنا» في إسرائيل و«هناك حوار حول الترانسفير في الحكومة (الإسرائيلية) وقد تخطّينا الكثير من الخطوط الحمراء في السنوات الأخيرة وعندها تسأل نفسك ما هي الخطوط الحمراء المقبلة التي سنتخطاها أيضاً».
ورأى بورغ أن «مجتمعنا يعيش على سيفه، وليس عبثاً أن أقارن ذلك مع ألمانيا، لأن مشاعر الالتزام لدينا بالعيش معتمدين على السيف نابعة من ألمانيا، وما سلبته منا خلال سنوات الحكم النازي الـ12 يحتم سيفاً كبيراً جداً. انظر إلى الجدار العازل، إنه جدار ضد جنون الارتياب وهو بمثابة طلاق لحلم الاندماج» في المنطقة.
وقال بورغ إن «الواقع الإسرائيلي لا يثير حماسة، والناس ليسوا مستعدين للاعتراف بذلك. لكن اسأل أصدقاءك: من منهم واثق بأن أولاده سيعيشون هنا، 50 في المئة في أحسن الأحوال، أي أن النخبة الإسرائيلية أصبحت منفصلة عن هذا المكان، ومن دون نخبة لا توجد أمة».
واعتبر بورغ أن الإسرائيليين يختنقون في إسرائيل من دون الروح، «أصبحنا أمواتاً، رغم أنه لم يبلغنا أحد، لكننا أموات». وأضاف «أعتقد أن انعدام الوجود الإسرائيلي ليس بديلاً لكل الوجود اليهودي منذ ألفي عام، ولذلك ألّفت الكتاب، لأنه لا يمكنني ترك العالم فيما أنا أكذب على نفسي، وقلت لك إنه لا وجود يهودياً من دون رواية، لا يوجد شيء كهذا، وهنا بالتأكيد لا توجد رواية، لكن الأمر الأخطر هو عدم وجود قوة قادرة على إنماء الرواية من الداخل، ولهذا أتوجه إلى العالم وإلى اليهودية».
وقال بورغ «أنا مواطن عالمي، وهذه هي هرميّتي، وبعد ذلك يهودي وفقط بعد ذلك إسرائيلي، ولديّ مسؤولية كبيرة حيال سلامة العالم». ولفت إلى أنه يحمل جواز سفر فرنسياً، واعتبر أن الرئيس الفرنسي المنتخب حديثاً نيكولا ساركوزي «هو بنظري خطر على سلامة العالم، ولذلك ذهبت وصوَّتُّ ضده»، ونصح كل إسرائيلي بأن يستصدر جواز سفر أجنبياً.
وكتب بورغ في كتابه إن عمليات الاغتيال التي تنفذها إسرائيل ضد الفلسطينيين هي في الواقع أعمال قتل، وقال إن «هذا ما نفعله هناك، ما الذي تريدني أن أقوله؟ هذا عمل إنساني؟ هذا الصليب الأحمر؟».
وأكد بورغ على أن ما تنفذه إسرائيل في الأراضي الفلسطينية هو جرائم حرب و«خصوصاً لعدم وجود أفق للحوار، والإسرائيلي هادئ جداً، عربي واحد أكثر، عربي واحد أقل، لكن في النهاية الكومة تتراكم وأعداد الأبرياء (القتلى من الفلسطينيين) كبيرة لدرجة أنه لا يمكن احتواؤهم أكثر». وأضاف «إني أرى ما يحدث أمام نظري وأرى أن كومة الجثث الفلسطينية تعبر السور الذي وضعناه من أجل ألّا نراها».
ودعا بورغ إسرائيل إلى تفكيك سلاحها النووي الذي سيكون «أهم يوم في حياة دولة إسرائيل، فهذا سيكون اليوم الذي سنحقق فيه صفقة جيدة للغاية مع الطرف الآخر، ولن نحتاج بعدها للقنبلة، وهذا يجب أن يكون طموحنا. وعموماً أنا متفائل جداً».
واعتبر بورغ أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، إيهود أولمرت، الذي تربطه به صداقة وطيدة، هو «الأكثر خبرة بين أبناء جيله، وهو إنساني للغاية. لكن بعد إعلان الحرب (على لبنان) لم يعد بإمكانه إخراج ما لديه من قدرات». ورأى أن «التفكير على طريقة (الرئيس الأميركي جورج) بوش بأن الحرب هي خيار أول هو خطأ أضرّ بكل الأمور الجوهرية الأخرى لدى أولمرت، وما أزال أصلّي لأن يصحح أولمرت ذلك من خلال دراما سياسية كبيرة، باتجاه حماس أو سوريا أو مبادرة السلام العربية».
وقال بورغ، القيادي السابق في حزب العمل الإسرائيلي، إنه يؤيد وصول إيهود باراك لرئاسة الحزب لأنه «أثبت» عندما كان رئيساً للوزراء أنه «مستعدّ للذهاب أبعد من الإجماع الإسرائيلي» في سياق حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
(يو بي آي)


قال بورغ «إننا لا نقبل ذلك، لكن وجود الشتات هو بداية وجودنا، فقد اكتشف (النبي) إبراهيم الله خارج حدود البلاد وأنجب يعقوب الأسباط خارج حدود البلاد، وتحوّلت الأسباط إلى شعب خارج حدود البلاد، وتم منح التوراة خارج حدود البلاد، ونحن كإسرائيليين صهاينة تجاهلنا ذلك تماماً ورفضنا الشتات» الذي يعتبره الإسرائيليون مناقضاً للتواجد في إسرائيل