«هآرتس» ــ زئيف شيف
حتى لو أعلنا عشرات المرات أن «حماس» تحت الضغط وتريد وقف النار، فهذا لا يلغي حقيقة أن إسرائيل قد هزمت عملياً في معركة سديروت. التصريحات الفائضة التي تتناول حرباً محتملة مع سوريا لا ينبغي أن تصرف الانتباه عن الهزيمة في سديروت.
لقد حصل لإسرائيل، في هذه المدينة، ما لم يحصل لها منذ حرب الاستقلال؛ فالعدو استنزف مدينة كاملة. أوقف حياتها اليومية. يأس رئيس بلدية سديروت هو مثال واحد على ما يجري. مشهد شيوخ المدينة يعودون من رحلة «الانتعاش» ويرفضون النزول من الحافلة إلى منازلهم هو دليل آخر على أن ما يجري في سديروت هو عار وطني.
الحكومة ـــــ الحالية على وجه خاص، وسابقتها أيضاً ـــــ فشلت هنا فشلاً ذريعاً. الحكومة لم تنجح في أن تصبح سديروت المقصوفة مشروع دفاع وطني. وهذا يعزز التقدير بأن هذه الحكومة غير قادرة على قيادة الأمة في مواجهة عسكرية كبرى. كما أن هذه الهزيمة هي هزيمة المؤسسة الأمنية أيضاً، بما في ذلك الجيش.
العدو الذي هزم سديروت هو منظمة إرهابية ضعيفة من ناحية عسكرية، ورغم ذلك، نجحت في تحقيق ردع متبادل حيال إسرائيل مثلما فعل ذلك حزب الله. الحكومة والمؤسسة الأمنية تبرران الوضع بحجج على شاكلة: إن الأمر يقتضي حملة اجتياح شديدة، سيقتل فيها أعداد كبيرة من الفلسطينيين وسيسقط لإسرائيل خسائر كثيرة؛ الجيش الإسرائيلي سيعلق في قطاع غزة، في وقت قد تشتعل فيه الجبهة السورية؛ الرأي العام الدولي سيعارض رداً إسرائيلياً شديداً. وفي هذه الأثناء، الجيش الإسرائيلي لا يرد بالنار على مصادر «القسام» حين تطلق من مناطق مأهولة.
النتيجة النهائية هي القول الفصل، لا التفسيرات. النتيجة هي أنه يوجد ردع متبادل بين إسرائيل وقطاع غزة الواقع تحت سيطرة «حماس». إسرائيل علقت في تعادل عسكري مع «حماس». هذا فشل ذريع في الوعي الوطني، وهو، في نظري، أخطر من الفشل في حرب لبنان الثانية.
وفضلاً عن ذلك، تقررت حقيقتان استراتيجيتان، من المحظور تجاهلهما. الأولى أن التغييرات في ميدان المعركة وفي طبيعة القتال كشفت عن واقع مفاده أن العمق الاستراتيجي (وليس فقط الجغرافي) لإسرائيل هو صفر. إذا حصل لإسرائيل في الضفة ما يحصل لها في غزة، فسنعود إلى وضع مشابه للوضع الذي كان هنا في حرب الاستقلال، بما في ذلك احتمال طرد مؤيدي الإرهاب.
الحقيقة الثانية هي السقوط الكامل تقريباً للقاعدة الاستراتيجية التي حددها دافيد بن غوريون، والتي تقضي بنقل المعركة إلى أرض العدو حال اندلاع مواجهة عسكرية. الآن، أصبح العدو هو الذي ينقل المعركة فوراً إلى أرض إسرائيل.