حيفا ــ فراس خطيب
انتخبت الهيئة العامة للكنيست الإسرائيلي، النائب الأول لرئيس الحكومة الإسرائيلية، شمعون بيريز، رسمياً، لمنصب رئيس دولة إسرائيل التاسع، بعدما تفوّق في الجولة الأولى على منافسه رؤوبين ريفلين (ليكود) وكوليت أفيطال (العمل). وبهذا، يكون بيريز، الخاسر الأزلي في الانتخابات الإسرائيلية، قد سجّل انتصاراً، للمرة الأولى، بعد 8 مرات ترشح فيها لمناصب عديدة: من رئاسة حزب العمل، وصولاً إلى رئاسة الحكومة والدولة، خسر في جميعها.
يذكر أنّ النظام في إسرائيل ليس رئاسياً، وصلاحيات الرئيس رسمية ومحدودة، إذ ينتخب بواسطة أعضاء الكنيست الـ120 كل سبع سنوات. وقد حصل بيريز في الانتخابات الحالية ضمن الجولة الأولى على 58 صوتاً، في مقابل 37 صوتاً لريفلين و21 لأفيطال، فيما امتنع ثلاثة أعضاء عن التصويت، وألغي صوت واحد. إلا أنّ أحداً من المرشحين الثلاثة لم يحصل على 61 صوتاً، ما يستدعي جولة ثانية، تعقد بعد نصف ساعة من الجولة الأولى. وأثناء الاستراحة بين الجولتين، أعلنت كوليت أفيطال انسحابها من المنافسة، معلنة تأييدها لشمعون بيريز.
كما تلاها أيضاً ريفيلن، الذي أعلن انسحابه داعياً مؤيديه إلى انتخاب بيريز. وقال «تعيش دولة إسرائيل، يعيش رئيس الدولة»، وأجهش بالبكاء.
وبحسب قانون انتخاب رئيس الدولة، أجريت الجولة الثانية، وصوّت الأعضاء على مرشح واحد بـ«ضد» أو «مع»، وقد حصل بيريز على تأييد 86 نائباً، وعارضه 23، وثمانية ممتنعين، وإلغاء اثنين، وغياب نائب عن التصويت. وبهذا، أعلن رسمياً أنه الرئيس التاسع لدولة إسرائيل، وسيخلف القائمة بأعمال رئيس الدولة، رئيسة الكنيست داليا ايتسيك التي خلفت حسب القانون، الرئيس السابق موشيه كتساف، المتورط بقضايا اغتصاب وتحرشات جنسية.
يذكر أنّ نتائج انتخابات الرئاسة، وانتخابات حزب «العمل»، أدت دوراً هاماً لمصلحة رئيس الحكومة الحالي إيهود أولمرت، الذي بذل مجهوداً منقطع النظير لإنجاح بيريز في هذه الانتخابات. وسيترك بيريز منصبه في الحكومة والكنيست وسينتقل إلى ديوان الرئاسة الإسرائيلية، وبهذا استفاد أولمرت على مستويين: الأول، هو إخلاء بيريز منصب النائب الأول، تاركاً أيضاً حقيبة «تطوير الجليل والنقب» الوزارية تحت تصرفه، ما يسهل عليه التفاوض مع باراك وأحزاب أخرى لتقوية الائتلاف الحكومي الحالي.
أما المستوى الثاني، فهو ابتعاد بيريز عن «كديما» وعدم طرح اسمه لخلافة أولمرت في حال زعزعات ائتلافية مستقبلية متوقعة بعد صدور التقرير النهائي لـ«فينوغراد» أو في حال تصميم حزب «العمل» بقيادة باراك على تبديل أولمرت بشخصية أخرى من «كديما».
وقال مقرّب من أولمرت إنه «عمل حتى الدقيقة الأخيرة لمصلحة بيريز»، مضيفاً «أردنا إيهود باراك في حزب العمل، وأردنا بيريز رئيساً للدولة، وهذا فوز مضاعف لرئيس الوزراء».
وأضاف المقرب: إنه قبل أسابيع، تمّت دعوة أولمرت إلى الاستقالة بعد تقرير فينوغراد، والتنازل في أعقاب التحقيقات، «لكنه اليوم يعيد إليه القوة من جديد»، موضحاً أن أولمرت نال «قوة داخل كديما وقوة سياسية على مستوى الجمهور الإسرائيلي. وانتخاب بيريز هو اعتراف بقوة رئيس الوزراء».
ويعتبر الرئيس الإسرائيلي «المواطن الرقم واحد» وصاحب المنصب الأرفع وليس الأهم. ويتمتع الرئيس، بصلاحيتين أساسيتين، الأولى هي العفو عن السجناء، والثانية هي تكليف رئيس القائمة الكبرى من قوائم الكنيست لتأليف حكومة بعد الانتخابات.
شمعون بيريز، 84 عاماً، عضو في الكنيست الإسرائيلي منذ 48 عاماً. كان عضواً في عصابة «الهاغانا الصهيونية»، وعمل إلى جانب دافيد بن غوريون. عندما كان عمره 36 عاماً، شغل منصب المدير العام لوزارة الدفاع الإسرائيلية، واتصل بالفرنسيين لبناء المفاعل النووي الإسرائيلي في ديمونا، وهو من مؤسسي الصناعات الجوية الإسرائيلية. كان من مؤسسي حزب «العمل»، وشغل مناصب حكومية متعددة، منها وزير الدفاع، والمواصلات، والاتصالات، والإعلام، والداخلية، والأديان، والخارجية، والمال، ووزير التعاون وتطوير الجليل والنقب، والاستيعاب.
كما شغل بيريز، مرتين، رئاسة الحكومة، بين السنوات 1984 ـــ 1986، كانت الحكومة بالتناوب بين حكومة «ليكود» بقيادة اسحق شامير وبين «المعراخ» (العمل اليوم) بقيادة شمعون بيريز. كما شغل بيريز، منصب رئيس الوزراء بعد اغتيال اسحق رابين، بين السنوات 1995 ـــ 1996.
خسر في ثماني معارك انتخابية متتالية، في حزبه، وعلى رئاسة الوزراء والدولة. كان آخرها خسارته الرئاسة لمصلحة موشيه كتساف، وخسارة رئاسة حزب «العمل» لمصلحة عامير بيرتس، ما أدّى إلى انسحابه من حزب «العمل» والتحالف مع أرييل شارون، مؤسس «كديما» بعد انسحابه من الليكود نهاية عام 2005.