strong>علي حيدر
أولمرت «لن يخوض حرب فتح في القطاع»... ويعمل مع واشنطن على تعزيز أبو مازن

أكّد رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت، خلال مشاورات مع قادة الأجهزة الأمنية أمس، أن إسرائيل «ستمنع بكل الوسائل التي تملكها تحوّل الضفة الغربية الى حماستان ثانية»، مشدّداً على أنه «من المحظور على إسرائيل التدخل في ما يجري في غزة»، وعلى أنه «لن يخوض أي جندي في الجيش الإسرائيلي حرب فتح في القطاع».
أما وزيرة الخارجية تسيبي ليفني فرأت من جهتها أن المواجهات بين أنصار حركتي «فتح» و«حماس» في القطاع لا تخدم مصالح اسرائيل لأنها تزيد من صعوبة التوصل الى اتفاق سلام، مشيرةً إلى أن ما جرى كان «نتيجة ضعف القوات الفلسطينية المعتدلة». ودعت ليفني الأطراف الأوروبية الى «دعم القوة المعتدلة» في المناطق الفلسطينية ـــــــ في إشارة الى الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وكرّرت ليفني طرح قضية نشر قوات دولية في القطاع، وخاصة عند محور فيلادلفي للحؤول دون «استغلال حماس» للوضع المستجد بهدف إدخال كميات كبيرة من الأسلحة الأشد خطراً مثل صواريخ كاتيوشا البعيدة المدى والصواريخ المضادة للطائرات.
وأوضحت ليفني أن هدف نشر قوات دولية ليس مراقبة ما يجري هناك وانما مقاتلة «حماس»، معتبرةً «أننا لا نحتاج إلى أن يأتي أحد ما ويحدثنا عن عمليات التهريب في محور فيلادلفي بل نحتاج الى شخص ما يوقف ذلك».
وفيما ذكرت تقارير إعلامية اسرائيلية أن السياسة التي ستعتمدها إسرائيل في مواجهة غزة، بعد سيطرة «حماس»، تتلخّص باعتماد «العزل والردع» من جهة واستعداد للتعاون مع «الكيان الحمساوي لمنع كارثة إنسانية» من جهة أخرى، يسود خلاف داخل المنظومة الأمنية على إمكان نشر قوات دولية في القطاع على قاعدة أن حلاً كهذا «ليس فعّالاً».
وأكدت التقارير نفسها أيضاً أن الأجهزة الأمنية ستحدّد حتى نهاية الأسبوع «كل أنواع السيناريوهات والردود، سواء على المستوى السياسي او الاستراتيجي، كما ستتمّ بلورة السياسيات بناءً على التطورات».
ورأت مصادر أمنية رافضة لنشر قوات دولية في القطاع أن «أي قوة ستُنشر في غزة ستتحوّل الى هدف، ولن تساعد على تحقيق الهدف». وأضافت إنه «لن يتم العثور على الجنود الذين يوافقون على الخدمة في غزة»، مشيرةً الى أن «غزة أسوأ من لبنان ولا مجال للمقارنة بينهما».
كما لفتت هذه المصادر الى أنه إذا اتُّّّّّّّخذ قرار بنشر القوات الدولية «فسيمر وقت طويل قبل أن تصل هذه القوات»، والسؤال هو «ما الذي سيحدث الى ذلك الحين وأي تفويض سيكون لهذه القوات في مواجهة حماس».
ولفتت التقارير الإعلامية الإسرائيلية الى أن اتصالاً هاتفياً جرى بين وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس والرئيس الفلسطيني محمود عباس قبل إعلانه قرار حل الحكومة الوحدة الوطنية.
وعبّرت مصادر سياسية عن ارتياحها لقرار أبو مازن بحلّ الحكومة الفلسطينية، لكونه «يعزّز المعتدلين في السلطة». وقالت إنه «كلّما سار أبو مازن في مسار فض الشراكة مع حماس وقطع العلاقة معها تحوّل الى شريك شرعي يستحق مساعدة اسرائيل ودول العالم».
وبات مؤكداً أن الوضع في غزة سيحتل موقعاً أساسياً في المحادثات التي سيجريها أولمرت مع الرئيس الأميركي جورج بوش، حيث يُفترض بأولمرت أن يعرض عليه السياسة الإسرائيلية إزاء الوضع في غزة، والتي ترتكز الى «وجوب إيجاد فصل بين مناطق الضفة وغزة بهدف الحؤول دون انتقال تأثير حماس الى الضفة» انسجاماً مع توصية المؤسسة الأمنية.
كما سيطرح أولمرت في محادثاته مع بوش ومع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إمكان نشر قوات دولية في قطاع غزة.
وأكدت المتحدثة باسم أولمرت، ميري آيزين، أن إسرائيل ستقدّم الدعم إلى عباس بما في ذلك تحويل أموال الضرائب الفلسطينية التي تحتجزها.
وذكرت صحيفة «هآرتس» أن السياسة الأميركية في الشرق الأوسط التي تميّزت بالأساس بالإخفاقات والورطات، تلقّت في هذا الأسبوع ضربة جديدة وقاسية عندما سيطرت «حماس» على غزة. وأكّد مسؤولون أميركيون، بحسب الصحيفة، أن «الاستراتيجية الأميركية انهارت تماماً». وأوضحوا «هم (الأميركيون) قاموا بخدعة الدمقرطة، الأمر الذي أوصل حماس الى الحكم وبعدها أرادوا تسليح فتح في غزة حتى تقاتل حماس بدلاً من أن يسدوا الطريق على عمليات تهريب السلاح والمال الى القطاع».
وأشارت «هآرتس» الى أن الإدارة الأميركية بلورت، في الأيام الأخيرة، إجماعاً على طرق العمل المطلوبة في أعقاب الأحداث التي وقعت في قطاع غزة.
ونُقل عن أولمرت قوله «إنه سيتم عزل قطاع غزة، ويكون التعامل معه ككيان معاد، إلا أن إسرائيل ستستمر بالتعاون مع أبو مازن والمعتدلين في الضفة الغربية، وأن في ذلك مصلحة إسرائيلية».
وأشارت الصحيفة الى أن الخطوط التي ترسم السياسة الأميركية بعد هذه التطوّرات تتلخص بمنع دخول الأسلحة الى القطاع وعدم حصول مجاعة ودفع الفلسطينيين إلى الاعتقاد بأن «سيطرة حماس صفقة سيئة». كما تعمل الإدارة على تقديم إنجازات لأبو مازن عبر تحسين مستوى المعيشة في الضفة الغربية، بما يوحي أنه «من الأفضل للفلسطينيين العيش تحت سلطة أبو مازن لا تحت سلطة حماس».
وتفيد مصادر إسرائيلية أن ما يسمّى «الممر الآمن» بين الضفة والقطاع، لن يكون ضمن جدول أعمال القمة الأميركية الإسرائيلية، ذلك أن السلطة الفلسطينية ترى من مصلحتها عدم حصول تنقّلات بين الضفة والقطاع. وتشير هذه المصادر إلى أن الولايات المتحدة لا تزال معنيّة بدعم بناء قوة الحرس الرئاسي الفلسطيني، وتحويل الأموال إلى حكومة الطوارئ.


قالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إن الولايات المتحدة ستواصل تدريب قوات الحرس الرئاسي والقوات التابعة لأبو مازن، رغم خيبة الأمل من أدائها في قطاع غزة. ونقلت الصحيفة عن مصادر في الإدارة الأميركية قولها إن الجنرال كيت دايتون، المسؤول عن تدريب القوات الفلسطينية، سيواصل القيام بمهمات عمله بعد نقل مركز الثقل إلى الضفة الغربية