دقة المتابعة في الأراضي التي لا تزال واقعة تحت سيطرة تنظيم «داعش» في العراق تكفي لمعرفة أن ثمة تغيراً في طريقة عمل التنظيم هناك، ولا سيما أن شبح الاغتيالات والغليان الشعبي باتا يلاحقان عناصر التنظيم. فبعد الهدوء الذي عمّ ناحية القيارة (60 كلم جنوب الموصل)، منذ أحداث حزيران 2014 وسقوطها بيد «داعش»، فإن للحادي عشر من الشهر الجاري وقعاً خاصاً في سجلات التنظيم، حينما انتفضت عشائر الجبور والجميلات ثأراً لشبابهما المغدورين على أيدي «المحتل الجديد».يذكر مصدر خاص أن مسلحي العشائر هاجموا المحكمة الشرعية لـ«داعش» في ناحية القيارة على خلفية إعدام التنظيم 300 من أبنائهم ممن كانوا يعملون في القوات الأمنية، وقد أدى الهجوم آنذاك إلى خسائر جسيمة بين عناصر التنظيم الذي ردّ بحملة اعتقالات وإعدامات.

وتكرر المشهد، إذ إن من حمل السلاح في تلعفر وكانوا يتمتعون بثقة «داعش» ويتولون مناصب قيادية في صفوفه، باتوا الآن ملاحقين لقيادات التنظيم العربية والأجنبية، بعد اتهامهم بالتخاذل والعمالة لمصلحة المخابرات التركية. ويفيد مصدر من داخل تلعفر بأن العشرات من عناصر «داعش» قتلوا وجرحوا إثر اندلاع اشتباكات مسلحة في ما بينهم بعد إعدام قيادي في التنظيم من أهالي القضاء. وذكر المصدر أن قياديي «داعش» في الموصل اتهموا عناصر التنظيم في تلعفر، الذين كانوا مسؤولين عن قاطع الجزيرة وناحيتي ربيعة والعياضية وأجزاء من سنجار غرب الموصل، بالهرب دون قتال، ما أدى إلى سيطرة قوات «البشمركة» عليها.
وحالياً، تشهد مناطق عديدة من مدينة الموصل حالات اعتقال لمنتسبي الأجهزة الأمنية، إذ ذكر مصدر محلي أن «داعش» خطف ما يقارب سبعين من منتسبي الجيش والشرطة في منطقة الفاروق في الجانب الأيمن من المدينة، وهم من الذين سبق أن أعلنوا «توبتهم» للتنظيم. كذلك نقلت عائلات تقطن هناك أنه منذ يومين ينفذ التنظيم مداهمات مفاجئة للمنازل في حال الشك في أن أحد أفراد العائلة يجري اتصالاً هاتفياً، بل تجري مصادرة الهواتف النقالة وإجبارهم على دفع غرامات مالية، وذلك بعد تعاون بعض الأهالي مع الأجهزة الأمنية والإبلاغ عن أسماء وعناوين عناصر التنظيم وأماكنهم.
وبعدما أخفقت مساعي «أئمة داعش» في تجنيد أبناء الموصل عبر المنابر وصلوات الجمعة، بات التنظيم يوجه نداءات من أجل ضم ضباط الجيش السابق من البعثيين القدامى إلى صفوفه، وذلك لتعويض خسائره من القتلى والجرحى والفارين، وهو تغيّر جديد في أسلوب العمل. ووفق الرصد الميداني، فإن «داعش» بات يعاني من تخبط وتغييرات مفاجئة وعشوائية، وخاصة بعد خسائره في جبهات عديدة، آخرها تكريت، وأيضاً في ظل تعرض عناصره لأربعة اغتيالات خلال الأسبوع الماضي داخل الموصل نفسها.

* نشر بالتعاون مع شبكة «إعلاميّو نينوى»