strong>علي حيدر
على رغم محاولة إضفاء السمة المهنية على القضاء الإسرائيلي
في ما يخص القضايا التي لا تمس الأمن القومي، تعرضت صدقية هذا القضاء ومهنيته لاهتزاز شديد بعدما ظهر تحيّزه وحرصه على عدم السير في مسار قد يؤدي الى إدخال رئيس الدولة السجن على رغم التهم الشنيعة الموجّهة ضده

أعلن المستشار القضائي للحكومة، ميني مزوز، خلال مؤتمر صحافي أمس، أنه تم التوصل الى اتفاق مع الرئيس موشيه كتساف على «صفقة ادعاء أقر بموجبها بمسؤوليته عن سلسلة طويلة من الجنح الجنسية ولا سيما التحرّش والأفعال غير اللائقة»، في مقابل إسقاط تهم الاغتصاب عنه وصدور حكم بالسجن بحقه مع وقف التنفيذ. وأوضح مزوز أن محامي كتساف هم من بادروا إلى عقد الصفقة بالمضمون الذي تمت الموافقة عليه.
وقال مزوز إن كتساف أقرّ بذنبه بخصوص ارتكاب جرائم جنسية ضد موظفات في إطار اتفاق يجنّبه دخول السجن. وعلى رغم أن مزوز تراجع عن اتهامه العلني لكتساف بالاغتصاب إلا أنه قال إن «العار سيلازمه إلى الأبد». وأضاف «يتحول (كتساف) من المواطن الأول في إسرائيل إلى مجرم مدان بجرائم جنسية». وبرّر مزوز صفقة الادعاء بأن المضي قدماً في الاتهامات الأصلية كان سيؤدي إلى «مشكلات غير منطقية في البراهين والأدلة».
وقال مزوز إن كتساف، الذي كان يمكن أن يواجه عقوبة قصوى بالسجن سبع سنوات بسبب تلك الجرائم، سيحصل على عقوبة مع إيقاف التنفيذ بعد موافقة الحكومة على اتفاق الإقرار بالذنب. وأضاف أن كتساف، الذي كان نفى ارتكاب أي مخالفات، وافق أيضاً على دفع ما يعادل 3500 دولار تعويضاً لإحدى النساء و8300 للأخرى.
وفي أعقاب إعلان مزوز الصفقة، أعلنت المشتكية الرئيسية في القضية، «أ»، ومحاميتها، أنهما تنويان تقديم التماس للمحكمة العليا ضد الصفقة التي لا تتضمن بنود الاتهام المتعلقة بها ومنها الاغتصاب والأعمال المشينة. ووصف مقرّبون منها الصفقة بأنها «فضيحة» وغير عادلة ولا منطقية في ضوء شهادات 10 نساء تحدثوا عن ممارسات كتساف.
وبحسب الاتفاق، يُحذف بندا الاغتصاب من لائحة الاتهام ويبقى بند ممارسة الأعمال المشينة بحق الموظفة السابقة في وزارة السياحة «أ» مع تخفيف بند الاتهام إلى ممارسة أعمال مشينة بتوافق الطرفين ولكن باستغلال السلطة. وبعد ساعات معدودة على إعلان مزوز، عقدت المشتكية «أ»، مؤتمراً صحافياً روت فيه تفاصيل ما كانت تتعرض له من قبل رئيس الدولة من ألفاظ وتحرش وممارسة جنسية قهرية. وقالت «أنا أشعر أنها (هذه الصفقة) شرّعت لمرتكبي الجرائم الجنسية أن يفعلوا كل ما يخطر على بالهم... من دون أن يعاقبوا». وبعدما أُخفي وجهها على شاشات التلفزة، قالت «أ» «أنا أشعر بالألم من القرار الذي اتخذه المدعي العام والمستشار القضائي للحكومة». وأضافت «أتحدث عن شخص مارس إرهاباً مادياً ونفسياً وجسدياً، هو موشيه كتساف». وعبّرت عن شعورها «بالعار لكوني جزءاً من هذه المنظومة التي تسمى دولة إسرائيل».
وشملت الصفقة أيضاً الإبقاء على بند آخر يتعلق بممارسة أعمال مشينة ضد مشتكية أخرى وهي موظفة في ديوان الرئاسة، وإبقاء بند مماثل ضد موظفة ثالثة. ويدور الحديث عن احتضان إحدى الموظفات في ديوان الرئاسة في حفل عيد ميلاد كتساف.
وبعد إعلان مزوز نبأ الاتفاق وإقرار رئيس الدولة ببعض التهم الموجهة إليه في مقابل عدم سجنه، نقلت الإذاعة الإسرائيلية عن الرئيس قوله إنه اضطر إلى «قبول الاعتراف بمسؤوليته عن تلك الأعمال التي لم يرتكبها ليجنّب عائلته المزيد من المعاناة».
وتعليقاً على إعلان مزوز الاتفاق، اتهمت عضو كتلة ميرتس اليسارية زهافا غلاؤون مزوز بالجبن الأخلاقي. وقالت للصحافيين أنه بعد هذا الاتفاق «ستعتقد ضحايا الجرائم الجنسية بأنه ليست لهن أي درع». واحتجت النائبة العمالية شيلي ياشيموفتش على قرار مزوز قائلة إن «11 امرأة رفعن شكاوى ضد كتساف، والشرطة صدقت رواياتهن، وأنا أيضاً».