هآرتس ــ يسرائيل هرئيل
انعقدت قمة شرم الشيخ في جو من الهلع بعدما سيطرت على غزة «حماس» التي تهدد أيضاً بالسيطرة على الضفة الغربية وبتحطيم الكيان الفلسطيني نهائياً، وتلهم بتصميمها ونهجها العقائدي الإخوان المسلمين في مصر، وتُثوّر جزءاً من السكان الفلسطينيين في الأردن، وتُعرِّض إسرائيل لمواجهة كيان إرهابي هدفه المعلن القضاء على الدولة اليهودية. أحد المحللين وصف المشاركين في القمة بأنهم «حلف الخائفين».
هذا وضع معقّد، بلا ريب، لكنه يتيح أيضاً إخراج الرأس الإسرائيلي من الرمل، حيث دُفن زمناً طويلاً جداً، والنظر بشجاعة إلى الواقع الجديد.
إن حرب الإرهاب المتواصلة التي نشبت في إثر أوسلو، وفشل الانفصال عن قطاع غزة، والخسارة في حرب لبنان الثانية والأحداث الدامية في غزة، كلٌ من هذه الأحداث على نحو مستقل، لكن جميعها معاً بالتأكيد، تقتضي أن يُصوّب آخر المخطئين بالأوهام النظرَ الى الواقع.
لا يجوز أن نعتاد مشاهد الفظاعة التي شوهدت في محاربة «حماس» لـ«فتح» في غزة وأن نمرّ بها مرور الكرام. من جهتنا، ليست هذه «أحداثاً داخليةً» بين حركتين تتحاربان على السلطة، لكنها مؤشرات تحذير لنا.
إذا سقط نظاما الحكم في مصر والأردن في يد الإسلام المتطرف، فإن الدولتين ستستمران في البقاء ولن يكون أكثر السكان في خطر وجودي. وكذلك الأمر أيضاً في العراق، والسعودية، وسوريا ولبنان. لكن إذا وجدت في بعض الدول المحاذية لإسرائيل نُظُم حكم كـ«حماس» أو إيران، فإنها ستهدد الوجود المادي ــ لا السيادي فقط ــ لسكان إسرائيل.
إذاً على إسرائيل أن تعلن، لا بسبب إطلاق صواريخ «القسام» على غربي النقب فقط، أن نظام «حماس» في غزة لا شرعية له. صحيح أنه يوجد ثمن لاقتلاعه، وخاصة من القتلى والجرحى، لكن الثمن سيكون أكبر بأضعاف مضاعفة إذا تركنا هذا الكيان يُمكّن لنفسه. أصبح يتدفق على غزة اليوم رجال حزب الله والقاعدة ومنظمات إسلامية مشابهة. وعندما يرسّخ هؤلاء وجودهم، لن تعود غزة حماستان، بل جهادستان.
إذا لم تقتلع إسرائيل الآن أول موطىء لأقدامهم، فستضطر بعد ذلك، وقد يكون الأمر متأخراً جداً، الى محاربة المنظمات التي مصدرها العِرقي والعقائدي أفغانستان، وباكستان، وإيران والسعودية.