«يديعوت أحرونوت» ـــ دوري غولد
من المعقول أن نفترض أن حكومة اولمرت، القابعة تحت ضغوط ثقيلة في الداخل، ستبحث عن طريقة لإحياء العملية السياسية من أجل أن تبني لنفسها، من بين جملة أمور، برنامجاً سياسياً. البحث عن مبادرة سياسية جدية هو أمر يرتكز على قراءة صحيحة للواقع الاقليمي.
قبل نشر تقرير فينوغراد، امتدح مسؤولون كبار في اسرائيل «المبادرة السعودية»، رغم التحفظات على مضمونها. حصلت المبادرة السعودية على تأييد مهم من ادارة بوش، ترك أثراً في التقديرات الاسرائيلية. لكن في الزيارة الأخيرة لوزيرة الخارجية كوندوليزا رايس للشرق الاوسط حدث أمر غريب: عندما امتدحت رايس المبادرة السعودية التي دعت الى انسحاب اسرائيلي تام في مقابل «علاقات طبيعية» بين إسرائيل والعالم العربي، ألغى الملك السعودي مشاركته في عشاء احتفالي مع الرئيس بوش في البيت الابيض، وندد بالغزو الاميركي للعراق واصفاً إياه بـ«احتلال اجنبي غير مشروع».
أخيراً رفض عبد الله حتى لقاء رئيس الحكومة العراقية، نوري المالكي، وبهذا، وجّه صفعة اخرى الى ادارة بوش، لأن المالكي يُعد زعيماً مناصراً لأميركا. وعن هذا الخلل في العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية، كتب مارتن انديك أخيراً في صحيفة «واشنطن بوست» أن «شهر العسل بين السعوديين وبوش انتهى».
السؤال الملحّ هو كيف تستطيع الولايات المتحدة أن تقود عملية سياسية بين اسرائيل والسعودية فيما العلاقات بين الرياض وواشنطن هشة جداً. بالإضافة إلى ذلك، ما يثير العجب طريقة عرض رايس موقفاً سعودياً مفتوحاً على التفاوض مع اسرائيل، فيما يطلق الملك السعودي تصريحات مضادة بشدة للغرب.
يبدو أن من قدّم المبادرة السعودية للإدارة الاميركية كان الأمير بندر بن سلطان، الذي هو اليوم مستشار الأمن القومي وكان في الماضي، ولمدة 22 سنة، سفير السعودية في واشنطن. كان واضحاً لكل من يتابع الأحداث في السعودية، أن بندر كانت له علاقات اشكالية بالملك عبد الله. أولاً، بندر هو ابن ولي العهد سلطان، المنحدر من فخذ آخر من أفخاذ العائلة المالكة السعودية، هو «الفخذ السُديري» الذي ينحدر منه الملك السابق فهد. ثانياً، بندر فشل في السنين الأخيرة في الترويج لوجهة النظر السعودية على المستوى الإعلامي في واشنطن؛ ولذلك أرسل عبد الله مستشاره السياسي آنذاك، عادل جُبير، ليطل على التلفزيون الأميركي في أعقاب أحداث الحادي عشر من ايلول 2001.
يكشف تقرير في صحيفة «نيويورك تايمز» في التاسع والعشرين من نيسان عن أن بندر لم يتخذ مواقف سعودية تمثل تصور عمه، الملك عبد الله، بل مواقف شخصية فقط. وبحسب تقارير في الإعلام الاسرائيلي، كان بندر هو الشخصية السعودية التي التقت اولمرت في الأردن قبل اشهر.
المملكة العربية السعودية، مثل إسرائيل، تريد أيضاً أن تحد من الانتشار الايراني في المنطقة، بيد أنها غير مستعدة لتقوية جهات فلسطينية معتدلة على حساب حماس، أو التوصل الى محادثة علنية مع اسرائيل. وهكذا، فإن أمل تبنّي المبادرة السعودية قد يتكشف في نهاية المطاف وهماً.