strong>نشرت لجنة فينوغراد أمس شهادات كل من رئيس الوزراء ايهود أولمرت ووزير الدفاع عامير بيرتس ورئيس الأركان السابق دان حالوتس، بعدما حذف مقص الرقيب منها ما رأى أنه يمثّل تهديداً أمنياً على إسرائيل أو يضر بعلاقاتها بدول أخرى. وفي ما يلي أبرز ما جاء في تلك الشهادات

أولمرت: صادقت على الأهداف في أيار


حمّل رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت، في الأجزاء التي نشرت من شهادته، المستوى العسكري مسؤولية فشل العدوان على لبنان، معتبراً أنه كان هناك خلل في مفهوم التحكم والسيطرة على القوات وفي فلسفة القيادة من جانب القيادة العسكرية، وأن الجيش الإسرائيلي «خيّب أمله في نفسه بشكل كبير» .
وتجدر الإشارة إلى أن مقص الرقيب كان الحاضر الأقوى والأبرز في شهادة أولمرت، وخاصة عند الحديث عن طبيعة خطط الحرب التي كانت معدة مسبقاً، وعند التطرق إلى مضمون المكالمة الهاتفية التي جرت بينه وبين وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس قبيل اجتماع الحكومة واتخاذ قرار الحرب.
عن خلفية قرار شن الحرب، قال أولمرت «رأيت كيف أغلق المستنقع اللبناني علينا، وأردت أن لا نكون مثقلين بخطواتنا، وأن يكون لدينا فضاء من المرونة، واعتقدت أن هذه الخطة (خطة الحرب) فيها هذا التآلف الصحيح». وادعى أولمرت أنه كان مدركاً أن الحرب «ليس فيها ضربة قاضية، بل هي بمثابة دمج بين ضربة عسكرية قوية وتفعيل إجراء سياسي للتدخل في الوقت المناسب، بحيث يمكن أن يقود إلى تغيير المعادلة، هذا في الحقيقة ما افترضنا».
وركز أولمرت على الأهمية التي أولاها للوضع على الحدود مع لبنان، فقال إنه منذ بدأ مزاولة مهماته كقائم بأعمال رئيس الوزراء في بداية شهر كانون الثاني من العام الماضي، بدأ يُشغل بما يحدث عند الجبهة الشمالية في مقابل لبنان، لأن «الشر سيأتي من الشمال». وأضاف إنه «مع كل الهزة السياسية، فإنه كان يجب الاستعداد للانتخابات بعد شهرين ونصف شهر وإقامة حزب ولم يكن واضحاً ما إذا كان (أرييل شارون) سيعود أم لا، وداخل كل هذه العاصفة، انهمكت طوال الوقت في موضوع واحد وهو شمال البلاد».
وبحسب رواية أولمرت، فقد طلب في شهر آذار من قادة الجيش أن يُقدموا إليه الخطط العملانية، وفي شهر أيار صادق على الأهداف السياسية لإسرائيل في لبنان، وهي تنفيذ قرار مجلس الأمن 1559.
وبحسب أولمرت، فإن التقديرات الأولية في جلسات الحكومة تركزت على اعتبار الحرب عملية عسكرية محدودة تستمر بين عشرة أيام حتى أسبوعين. وأضاف «لو أديرت العمليات الأولى بشكل مناسب، لكان بالإمكان الامتناع عن شن حملة برية».
وأوضح «أنه لو جرت معركة مارون الراس بشكل مغاير، ولو أن بنت جبيل بدت بشكل مغاير أيضاً، لربما ما كنا مضطرين إلى الوصول في نهاية المطاف إلى النقطة التي اضطررنا إلى الوصول اليها». ورأى أن قرار شن حملة برية واسعة في اليومين الأخيرين «كان أصعب قرار في حياتي».
وتعليقاً على ما قاله له ضباط الجيش قبل أيام من الحرب من أن القوات النظامية لا تجري التدريبات، قال أولمرت إنه لم يول ذلك أهمية ولم يأخذه على محمل الجد، معتبراً أنها أقوال تتكرر دائماً في الجلسات مع قيادة الجيش التي تتعلق بميزانية الجيش. وأضاف إنه في أعقاب اختطاف الجندي جلعاد شاليط في قطاع غزة، سأل قادة الجيش إذا كانوا جاهزين لواقع مماثل فردوا بالإيجاب. وتابع أنه «خلال زيارة الى مقر هيئة الأركان قبل اندلاع الحرب أكد لي رئيس هيئة الأركان: إنك تملك جيشاً نوعياً، قوياً وجاهزاً لأداء كل المهمات التي ستوكل اليه. ولم يكن بوسعي معرفة أن الحال لم تكن كذلك».
وقال أولمرت إن «الجميع قال إنه ينبغي الرد بقسوة. والجميع كان يعرف أن رداً قاسياً سيؤدي الى رد فعل قاس جداً سيطال الجبهة الخلفية ويرغمنا على التحرك».
وامتنع أولمرت عن توجيه النقد إلى وزير الدفاع عامير بيرتس، بل أثنى عليه وعلى جهده الخاص، فيما أكد موافقة وزيرة الخارجية تسيبي ليفني على قرار الحرب على الرغم من أنها «لم تُشرك في المشاورات الأمنية وهو درس له سيتعلم منه».
وإذ اعترف أولمرت بوقوع أخطاء عسكرية، كرر ادعاءه بأن القرار 1701 هو إنجاز كبير لإسرائيل. وختم شهادته بالقول إنه يعتقد بأن هذه «الحرب أيقظت دولة إسرائيل قي الوقت المناسب. فلو لم تحصل الآن، لربما كنا سندفع أثماناً وجودية، لو أنها حصلت بعد سنوات في ظروف مختلفة كلياً».




بيرتس: لست نادماً ومستعد لاتخاذ القرارات نفسها


كشف وزير الدفاع الإسرائيلي عامير بيرتس، خلال شهادته أمام لجنة فينوغراد، أن التقدير كان سائداً في بداية الحرب بأنها ستستمر بين 10 أيام إلى أسبوعين، وأنه كان على قناعة بعدم إمكانية وقف إطلاق صواريخ الكاتيوشا إلا عبر عملية برية أو مسار سياسي، مشدداً على أنه ليس نادماً على أي من القرارات التي اتخذها خلال العدوان وعلى أنه سيكررها لو وضع في الظروف نفسها.
أكد بيرتس أن التقدير كان سائداً في بداية الحرب بأنها «ستستمر بين 10 أيام إلى أسبوعين». وأوضح أن تقديره كان أن «المجتمع الدولي لن يعطينا نافذة زمنية أكبر. وفرضية العمل كانت الأخذ بالحسبان بأنه يمكن أن يوقفنا»، مشيراً إلى أن رئيس الأركان دان حالوتس كان مؤمناً طوال الحرب أن باستطاعة سلاح الجو القضاء على صواريخ الكاتيوشا وبأنه «كان مشبعاً بهذه الرؤية ولم أر إشارات على أنه يغيّر رأيه».
وعبّر بيرتس عن قناعته بأن أهداف الحرب قد تحققت «وحسب تقديري، فإن فرصة مهاجمة حزب الله لإسرائيل في السنوات المقبلة ضئيلة جداً»، مستنداً في ذلك إلى أن الحزب «قد تضرر جداً وأن الأهداف العملانية التي وُضعت أمامنا قد تحققت فعلاً».
واتهم بيرتس ضباط الجيش بأنهم لم يبلغوه «بوجود مشاكل في جهوزية الجيش والتدريبات حيث إن الجيش لم يأت في أي مرحلة ويقول: إن جهوزيتنا من ناحية التدريبات ناقصة، وإن هناك مشكلة في الجهوزية».
وأكد أنه «سأل حالوتس بعد عملية الخطف إن كانت هناك حاجة لتجنيد الاحتياط، فأجابه بالنفي. وإنه بعد أسبوع من نشوب الحرب اقترح تجنيد الاحتياط، لكن رئيس الحكومة إيهود أولمرت رفض طلبه».
وبخصوص أسباب العملية البرية الواسعة في اليومين الأخيرين، قال بيرتس «عندما اتخذ قرار بالعملية يوم الجمعة صباحاً، كانت هناك أزمة في المفاوضات السياسية. وبعد أن تم الاتفاق، طلب قادة الفرق العسكرية مواصلة التحرك خوفاً من أن يحوّلهم، وقف تقدم القوات، إلى أهداف أكثر عرضة للإصابة، وإنه كانت هناك خشية من أن يواصل حزب الله إطلاق النار على جنود الجيش بعد وقف النار».
ورداً على ملاحظة رئيس اللجنة القاضي إلياهو فينوغراد بأنه لم يجد أي مقولة خاصة به، وبأن ما قاله ليس سوى تكرار للمواقف التي قدمها ضباط الجيش، حاول بيرتس أن يقنع أعضاء اللجنة بأن مساهمته في الحرب تجلّت في قرار تجنيد الاحتياط، الذي طالب به، حسب قوله رغم معارضة رئيس الأركان ورئيس الحكومة. ونسب لنفسه الإعلان عن «وضع خاص» في الجبهة الداخلية، مشيراً إلى أن ضميره كان مرتاحاً خلال الحرب.
وحاول الدفاع عن نفسه عندما غمز القاضي فينوغراد من ناحية خبرته الأمنية، بقوله «أنا لا أعتقد أننا سنبدأ الآن بالبحث إن كان توجد لديّ خبرة أم لا، كنت عضواً في لجنة الخارجية والأمن، وكان لي تماس، في مناصب أخرى، مع المواضيع الأمنية، لكن لا أعتقد أن لهذا الأمر أي معنى».
ورد بيرتس على سؤال وجّه إليه إن كان نادماً على قرار اتخذه، بالقول «يمكن أن تكون هناك أخطاء من الممكن دراستها في ضوء اختبار نتائجها، لكن المسارات كانت صحيحة». وأضاف انه كان ليكرر المسارات والقرارات نفسها في تلك الفترة الزمنية.
ونفى بيرتس في ختام شهادته ما نشر في وسائل الإعلام الإسرائيلية من أنه قال بأن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله سينسى اسمه.




حالوتس: كنا ندرك عدم إمكان تحطيم {حزب الله}


ناور رئيس الأركان الإسرائيلي المستقيل، دان حالوتس، في إفادته أمام لجنة فينوغراد، بين محاولته رفع مسؤولية الفشل في الحرب عن نفسه، ملقياً بها على مَن فوقه من الساسة ومَن تحته من قادة الجيش، وبين الإقرار بمسؤوليته عن إخفاقات لم يتمكن من التملص منها مثل عدم الاستعداد الكافي للحرب.
ورأى حالوتس أن الفشل الأبرز في الحرب كان طول مدتها الذي لم يكن متوقعاً، مشدداً، رغم ذلك، على أن الوضع بعدها أفضل مما كان قبلها. وشدد على أنه كان من معارضي سياسة «ضبط النفس» التي اعتمدت على الجبهة الشمالية في فترة ما بعد الانسحاب الإسرائيلي من لبنان، مشيراً، من جهة أخرى، إلى أن انعدام الخبرة لدى وزير الدفاع، عامير بيرتس، جعله يشعر بتزايد حجم العبء على عاتقه.
وفي إفادته التي أدلى بها على مدى 6 ساعات ونُشر محضرها أمس في 77 صفحة بعد اقتطاع مقاطع واسعة منها لأسباب أمنية، قال حالوتس إن فشل الجيش في الحرب كان في مجالين: عدم تقصير مدتها، وعدم وقف صواريخ الكاتيوشا. وأوضح أن «33 يوماً من القتال أكثر مما ينبغي بكثير. هذا محسوم. في نهاية المطاف... هذا هو الفشل الأبرز».
ورداً على سؤال عن دراسة احتمال إطالة أمد المعركة عند اتخاذ قرار شنها وتداعيات ذلك على الجبهة الداخلية، قال حالوتس «حتى اليوم الأخير، لم أعلم أن الأمر سيطول 33 يوماً... اعتقدت أن القتال يمكن أن يؤدي إلى وقف مبكر لإطلاق النار...وكنا نعلم أن الجبهة الداخلية ستدفع الثمن، وقلنا ذلك».
وأقر حالوتس بالفشل لجهة عدم الاستعداد المبكر لخيار العملية البرية الواسعة وعدم تجنيد الاحتياط في بداية الحرب، مبرراً معارضته لهذا الخيار في تلك الفترة بإدراكه أن الأجواء داخل الحكومة كانت متحفظه عليه. وأضاف «لقد سبق أن قلت في موضوع الاستعداد أني أخطأت في أننا لم نستعد بشكل أوسع وأبكر وأكمل». ورغم ذلك، غمز حالوتس من قناة أداء القوات البرية قائلاً «لو نُفّذت العملية البرية الأولى (في بنت جبيل ومارون الراس) بشكل أفضل، لربما لم يكن هناك حاجة لعملية أخرى».
ولم يفوّت صاحب نظرية الحسم الجوي الفرصة للتشكيك في جدوى العملية البرية لجهة وقف الكاتيوشا قائلاً «إن السيطرة على الأرض لا تضمن عدم إطلاق الكاتيوشا»، مشدداً على أن استخدام عبارتي «حسم» و«هزيمة» لا يناسب الصراع ضد «منظمات إرهابية وعصابات». وأضاف «صحيح أن قول ذلك ليس أمراً مقبولاً لدى الرأي العام، لكني أقوله. لا يمكن هزيمة العقيدة».
وفي انتقاد لأداء القيادة السياسية، قال حالوتس «انطلاقاً من المعطيات التي كانت بحوزتنا ومع الوسائل التي كنا نملكها، كنا نستطيع أن ننجز أكثر بكثير لو كنا أكثر تصميماً».
وشدد حالوتس على أنه لم يكن يؤيد سياسة «ضبط النفس» على الحدود الشمالية بعد الانسحاب من لبنان. وقال «عندما كنت قائداً لسلاح الجو، اعتقدت أن هذه السياسة ليست صحيحة... واعتقدت أن سياسة الرد، حتى على حادثة الأسر عام 2000، كان يجب أن تكون مختلفة، إلا أن القرار اتخذ بشكل مخالف». وأضاف «لقد أصبحت مسألة سياسة الاحتواء أشد إلحاحاً عندي عندما صرت رئيساً للأركان. في شباط أو آذار 2006، وفي نقاش جرى بين هيئة الأركان العامة، قلت إني أنوي، حين تستقر الحكومة الجديدة، أن أتقدم إليها بتوصية إعادة النظر في هذه السياسة. لقد شعرت بأنها تولّد واقعاً لا يمكن احتماله من جهتنا، وأنها ستؤدي بنا إلى مكان لا نرغب فيه. وقدّرت أن التصعيد حاصل في لبنان وأن ثمة إمكاناً لحصوله في الصيف».
ورأى حالوتس أنه «كان هناك الكثير من حالات دفع المسؤولية نحو الأعلى». وأضاف «لو كان الضلعان الآخران في المثلث مشغولين من أشخاص آخرين، لربما كانت الأمور ستبدو مختلفة». وأوضح ما يعنيه قائلاً «إن الضلع الأول هو رئيس الأركان، والضلع الثاني هو ضباط الجيش الكبار على اختلافهم، والضلع الثالث هو الموجود خارج الجيش (في إشارة إلى المستوى السياسي). الأشخاص يصنعون الفرق، ومع تشكيلة أشخاص آخرين، كان يمكن أن تبدو الأمور مختلفة».
ورأى حالوتس أنه كان هناك عدة «نقاط خروج» كان يمكن إسرائيل عبرها أن تنهي الحرب، الأولى بعد أسبوع من بداية الحرب، والثانية بعد معركة بنت جبيل بين 26 و 30 تموز «إلا أننا أفسدناها من خلال (مجزرة) قانا»، والثالثة بين الرابع والخامس من آب «لكن الاقتراح الفرنسي لوقف النار لم يكن مقبولاً لدي». وأقرّ، رغم ذلك، بأنه في المراحل الأولى كان يعتقد بضرورة مواصلة ضرب حزب الله، مشيراً إلى أن الجيش كان يعلم مسبقاً أنه لا يمكن تحطيم الحزب في الحرب الحالية. وذكر أنه قدر في بداية الحرب أن في الإمكان وقف هجمات حزب الله في وقت مبكر.




كلام كثير في بطني

تميزت شهادة رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت باستفاضته في إجاباته عن أسئلة أعضاء لجنة فينوغراد، الأمر الذي دفع بهم أكثر من مرة إلى تنبيهه إلى ضرورة اختصار الكلام. وقد برر أولمرت ثرثرته بأنه «يخفي في بطنه كلاماً كثيراً لا يمكن الإفصاح عنه في غير هذا الموضع». لكن مقص الرقيب كان حاضراً لحذف جزء كبير من شهادته، لم تكن تلك الثرثرة من بينه.