يحيى دبوق
انضمت وزارة الخارجية الإسرائيلية إلى مجلس الأمن القومي وشعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي، في تبني الموقف الداعي الى فحص مؤشرات السلام السورية بجدية. وبذلك، بقي «الموساد» وحده على موقفه الأساسي، القائل إن بشار الأسد لا يريد السلام، بل يستخدم دعواته لإنقاذ بلاده من العزلة الدولية.
وفي هذا السياق، كُشف النقاب أمس عن وثيقة داخلية لوزارة الخارجية الإسرائيلية ترى أن النيات السورية لإجراء مفاوضات مع إسرائيل جدية، وأن سوريا لن ترضى بأن يبقى الوضع هكذا وتحذر من نشوب حرب بين الدولتين إذا استمر الرفض الإسرائيلي للبدء بمفاوضات مع دمشق في شأن الجولان.
وكانت الفترة الأخيرة قد شهدت تحوّلاً في ميزان القوى داخل الأجهزة الاستخبارية في إسرائيل في شأن المسألة السورية، إذ تكونت للمرة الأولى وسط أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية غالبية حول الاعتقاد بأن النظام السوري معني بالفعل بمفاوضات سلام مع إسرائيل. وبحسب صحيفة «معاريف»، فإن «من يرغب في التأكد من هذا الأمر، فمن الممكن إيجاد مؤشر واضح على ذلك، عبر تفعيل قوات الأمن السورية في الفترة الأخيرة للقضاء على نشاطات منظمات الجهاد العالمي على أراضي الدولة». وتجدر الإشارة إلى أن موقف شعبة الاستخبارات، برئاسة اللواء عاموس يدلين، يفيد أن على إسرائيل تحسّس جدية المؤشرات السورية للسلام بسرية. كما أن رئيس مجلس الأمن القومي، إيلان مزراحي، أعرب يوم الاثنين داخل الكنيست، عن رأيه في أن السوريين بالفعل صادقون بدعوتهم إلى استئناف محادثات السلام مع إسرائيل. وانضمّ إلى هذا الرأي أيضاً أول من أمس مركز الأبحاث السياسية «ميماد» (وهي وحدة التحليل الاستخباري التابعة لوزارة الخارجية)، حيث نُقل موقف المركز في اليومين الأخيرين إلى مكتب رئيس الحكومة إيهود اولمرت، وكذلك إلى كل ممثلي المؤسسة الأمنية.
ويتبين من وثيقة التقدير الجديدة، التي أعدها مركز الأبحاث السياسية في النصف الثاني لشهر نيسان ونشرت في «معاريف» للمرة الأولى أمس، أنه «حسب إدراكنا، فإن الأسد مستعد للقيام باتصالات سرية تؤدي في نهايتها إلى الإعلان عن وجود مفاوضات وهو يريد بشكل شبه مؤكد أن يبقى فحواها سرياً، حتى إعادة الجولان إلى دمشق بسلام. وفقاً للانطباع الذي كوّناه، هناك اهتمام عال وسط القيادة في دمشق، وعلى رأسهم الرئيس الأسد، باستئناف المفاوضات مع إسرائيل، على الرغم من الشكوك التي تسود في دمشق بخصوص قدرة الحكومة الحالية في إسرائيل والرغبة الأميركية لاحتمال تأييد عملية كهذه».
في هذا الوقت، يتمسك اولمرت، وغالبية وزراء الحكومة، بالموقف المعارض لمحافل التقدير الاستخباري التي تؤيد فحصاً جدياً للرغبة السورية. وبحسب «معاريف»، فإن: «في أساس هذه المعارضة، يقف التقدير الذي يقول إن نيات الأسد هي لإجراء محادثات سلام، لكن ليس في نيته الوصول إلى سلام فعلي».
ويقود رئيس «الموساد» مئير دغان هذا الخط ويدّعي بأن الأسد يستخدم دعواته إلى السلام كرافعة لإنقاذ بلاده من الحفرة السياسية الموجودة فيها.
وتعليقاً على موقف الحكومة الرافض الاستجابة للدعوات السورية، رأى محلل الشؤون العسكرية في «معاريف»، عامير ربابورت، أنه «من غير اللطيف الاعتراف بذلك، لكن ما هو أكثر أهمية من موقف وزارة الخارجية الإسرائيلية هو الموقف الأميركي». وأضاف إنه «بعد مرور أكثر من سبع سنوات، أصبح ميزان الاعتبارات واضحاً جداً، ويميل لجهة وجوب إجراء مفاوضات مع سوريا، لكن لماذا لا تجري مفاوضات؟ الجواب بسيط: لأن الأميركيين حتى الآن لم يقرروا إذا ما كانوا سيسمحون لنا بالتحدث إلى جيراننا».