strong>علي حيدر
تمخضت التطورات الأخيرة التي شهدتها السياسة الأميركية في المنطقة عن ضوء أخضر أميركي لإسرائيل بإجراء محادثات سياسية مع سوريا، بعد فترة من الحظر المتصلب. لكن الإذن الأميركي الجديد لا يزال يراعي بدقة طبيعة وحجم التطور الذي بلغته السياسة الأميركية، حيث وضعت إدارة جورج بوش للدولة العبرية مجموعة من ضوابط تعكس أن الآفاق ما زالت مفتوحة على خيارات متعارضة ومتعددة

ذكرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أمس أن الإدارة الأميركية سمحت لإسرائيل بإجراء مفاوضات مع سوريا، مشيرة إلى نقل رسالة بهذا المضمون أخيراً إلى تل أبيب. وأوضحت الصحيفة أن الرسالة أكدت على السماح لإسرائيل بمناقشة مستقبل هضبة الجولان السوري المحتل والسلام والترتيبات الأمنية مع سوريا، لكنها وضعت لها حدوداً تمثلت بعدم السماح لها بالتفاوض، حتى بشكل غير مباشر، على مواقف الولايات المتحدة تجاه قضايا الشرق الأوسط، بالإضافة إلى مستقبل لبنان.
وركزت الرسالة، بحسب الصحيفة نفسها، على ثلاث قضايا أساسية تقع في صلب المحادثات الممكنة مع سوريا:
ــــــ في ما يتعلق بمستقبل هضبة الجولان، تسمح الولايات المتحدة لإسرائيل وسوريا بإجراء مفاوضات بهذا الشأن.
ــــــ أما بخصوص لبنان، فأوضحت واشنطن لإسرائيل أنها لا تستطيع طرح هذا الموضوع على طاولة المفاوضات.
ــــــ ولقطع الطريق على أي تثمير سوري لأي مفاوضات تتصل بالقضايا العالقة مع الولايات المتحدة، أوضحت الإدارة لإسرائيل أنه ليس من شأنها التعهد للسوريين بكيفية تصرف واشنطن حيال مختلف القضايا في الشرق الأوسط، على قاعدة هذا الموضوع يخص الإدارة الأميركية فقط.
وأشارت «هآرتس» إلى أن المبعوثين الأميركيين لم يعربوا عن أي موقف يتعلق بمقار تنظيمات المقاومة الفلسطينية في دمشق، ودور سوريا في تهريب الأسلحة إلى حزب الله، ومنه إلى الأراضي الفلسطينية. كما أشارت إلى أنه تم تجاهل موضوع آخر هو إيران وعلاقاتها العسكرية مع سوريا.
وبحسب الصحيفة نفسها، أتى «تحول» الموقف الأميركي في أعقاب مؤتمر القمة العربية في الرياض قبل شهرين، الذي تمت فيه مناقشة مبادرة السلام العربية، بالإضافة إلى مؤتمر شرم الشيخ، الذي ناقش مستقبل العراق وعُقد خلاله لقاء بين وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس مع نظيرها السوري وليد المعلم. وأوضحت الصحيفة أن السوريين أشاروا، خلال اللقاء المذكور، إلى أنه إذا ما جرى حديث آخر، يجب أن يكون في دمشق. وأضافت أن مسؤولي وزارة الخارجية الأميركية «يخططون للقاء دولي في موضوع النزاع، بمشاركة مندوبين إسرائيليين وفلسطينيين وسوريين».
كما نقلت «هآرتس» عن رايس قولها، أثناء زيارتها إلى إسرائيل قبل أشهر، إنها «ردت على طرح مسألة استئناف المفاوضات، بالنفي»، مشددة على أن «من الأفضل ألا تفحصوا هذه الإمكانية». وأشارت الصحيفة إلى أن «الموقف الأميركي المتصلب أتى على خلفية عدم السماح لسوريا باستغلال المحادثات مع إسرائيل لتخليصها من عزلتها السياسية، لأنها لم تف بالتزاماتها بمنع عبور المتطوعين الإرهابيين لمقاتلة الأميركيين في العراق، وبمطلب إقامة المحكمة الدولية بالنسبة إلى اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري».
ويُشار في هذا السياق إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي أيهود أولمرت درج على الادعاء، عندما كان يطرح موضوع المحادثات مع سوريا، بأن بوش يعارض المحادثات مع سوريا. وفيما كان رئيس الموساد مئير دغان ضد المحادثات مع دمشق، كان قادة الاستخبارات العسكرية، وبينهم رئيسا شعبة الاستخبارات الحالي عاموس يدلين والسابق اللواء في الاحتياط أهارون زئيفي فركش من أنصارها.