محمد بدير
تشهد العلاقات الأهلية بين لندن وتل أبيب ملامح أزمة مرشحة للتطور مع إعلان جهات نقابية بريطانية نيّتها فرض مقاطعة أكاديمية على إسرائيل، وسعي أخرى إلى فرض مقاطعة اقتصادية؛ فقد اتخذت نقابة المحاضرين الجامعيين البريطانيين (UCU) أول من أمس قراراً يدعو أعضاءها إلى مقاطعة المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية بسبب السياسات القمعية وانتهاكات حقوق الإنسان التي تمارسها سلطات الاحتلال الإسرائيلية بحق الفلسطينيين. وتم تبنّي القرار بغالبية 158 صوتاً مؤيداً في مقابل 99 معترضاً خلال المؤتمر السنوي لممثلي النقابة الذي عقد في مدينة بورموث. وينص القرار، الذي يفترض أن يطرح في وقت لاحق للتصويت على أعضاء النقابة كافة، البالغ عددهم 120 ألفاً، على التنديد «بتعاون الأكاديمية الإسرائيلية مع الاحتلال» كما يدعو إلى العمل على تجميد التمويل الأوروبي للمؤسسات التابعة لها، «أخذاً بالاعتبار للآثار الأخلاقية المترتبة على إقامة علاقات معها».
وأفادت تقارير إعلامية أن النقاش الذي شهده المؤتمر حول هذه القضية كان عاصفاً، وأن المبادرين إلى اقتراح مشروع القرار انتقدوا بحدّة الممارسات الإسرائيلية في مناطق الضفة والقطاع، واصفين إياها بالأبارتهايد.
وانتقدت وزيرة التربية الإسرائيلية، يولي تامير، الخطوة، وقالت إنها ستتوجه إلى نظيرها البريطاني ورؤساء الجامعات العريقة في بريطانيا كي يتخذوا موقفاً ضدها. ورأت تامير أن القرار يعكس «قدراً كبيراً من النفاق»، مشيرة إلى أن «هذه المقاطعة لن تجد مصادقة ولا تطبيقاً».
ودان مدير أكبر منظمة للنواب البريطانيين اليهود جون بنجامين العريضة، داعياً إلى عدم الاقتداء بها، فيما أكد وزير التربية البريطاني، بيل رامل، أن الحكومة «تعارض بحزم» مقاطعة إسرائيل أو الجامعات الإسرائيلية.
ويأتي القرار في سياق سلسلة من الخطوات المماثلة التي اتخذت في الماضي أو يجري العمل على تبنّيها مستقبلاً. فقد صوّتت نقابة الصحافيين البريطانيين قبل نحو شهر على مقاطعة البضائع الإسرائيلية، وطالبت بفرض عقوبات على تل أبيب من قبل الأمم المتحدة والحكومة البريطانية. كما إن أكثر من مئة طبيب كانوا قد دعوا إلى مقاطعة الجمعية الطبية الإسرائيلية التي تمثل الأطباء الإسرائيليين. وقبل أيام، وقّع عشرات المهندسين المعماريين البريطانيين على عريضة تحمّل إسرائيل مسؤولية قمع واضطهاد الشعب الفلسطيني وتتهم المهندسين الإسرائيليين بالمساهمة في ذلك.
إلا أن الخطوة الأكثر جدّية، وإثارة للخشية الإسرائيلية، هي المبادرة المتبلورة داخل نقابة الموظفين الحكوميين البريطانيين الداعية إلى المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل. وتبحث النقابة، التي تضم 1.6 مليون عضو، إقرار مقاطعة اقتصادية ضد إسرائيل، احتجاجاً على العدوان الذي شنّته على لبنان في تموز الماضي والعمليات العسكرية في قطاع غزة.
وكانت هذه النقابة قد أعلنت مقاطعة اقتصادية ضد إسرائيل في عام 2002، شملت منع شراء بضائع إسرائيلية والاستثمار في إسرائيل وألغتها في عام 2006 بعد تنفيذ خطة فك الارتباط وانسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع. وستحاول النقابة هذه المرة توسيع المقاطعة لتشارك فيها النقابات المهنية الكبرى في إيرلندا وكندا وجنوب أفريقيا.
تجدر الإشارة إلى أن نقابة الموظفين الحكوميين هي أكبر نقابة بريطانية وإحدى أكبر النقابات في العالم، وتسيطر على الاستثمارات وعلى جزء من صناديق التقاعد البريطانية، ويمكنها التأثير باتجاه سحب أموال استثمرتها صناديق التقاعد في شركات إسرائيلية وهو ما تضمّنته مسوّدة قرار النقابة الذي سيتم التداول في إقراره بعد ثلاثة أسابيع.
(الأخبار، يو بي آي)