strong>محمد بدير
مثوله أمام الكنيست يثير انقساماً بين أعضاء لجنة الخارجية والأمن

حل رجل الأعمال الأميركي السوري الأصل، إبراهيم سليمان، أمس ضيفاً على لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست الإسرائيلية، مروّجاً لخيار التفاوض بين دمشق وتل أبيب، وداعياً الدولة العبرية إلى تبنيه في ضوء استعداد سوريا لذلك ورغبتها فيه، بحسب أقواله.
وكان سليمان قد أجرى مع المدير العام السابق لوزارة الخارجية الإسرائيلية، ألون ليئال، مفاوضات سرية في سويسرا بين عامي 2004 و 2006، أفضت إلى وثيقة تفاهمات غير رسمية حول اتفاق سلام بين إسرائيل وسوريا. ورغم تشديده على صفته الشخصية في المفاوضات، إلا أن سليمان وليئال يؤكدان أن القيادتين السورية والإسرائيلية، وكذلك الأميركية، كانت مطلعة على تفاصيل المحادثات وتلقت تقارير بشأنها منهما.
وحفلت الزيارة الإسرائيلية للضيف السوري ـــــ الأميركي بسلسلة من التصرحات اللافتة، أبرزها تشديده على عدم وجود نية لدى سوريا للمبادرة إلى عمل عسكري ضد إسرائيل، وكشفه عن أن الرئيس بشار الأسد رفض فتح جبهة ثانية ضد الدولة العبرية خلال عدوانها الأخير على لبنان الصيف الماضي، رغم ضغوط مورست عليه من جهات داخل النظام.
وحضر سليمان صباح أمس جلسة خاصة عقدتها لجنة الخارجية والأمن، التي كانت قد دعته للمثول أمامها للاطلاع منه على فحوى المفاوضات التي أجراها مع ليئال. وعرض كلا الضيفين على اللجنة سياق الاتصالات والمباحثات التي أداراها على مدى عامين، وشدد سليمان، خلال العرض، على وجود «رغبة حقيقية في القيادة السورية للشروع في مفاوضات مع إسرائيل»، طالباً من الدولة العبرية التثبت من صحة ذلك عبر المحاولة. وفيما أكد أنه قدم طوال الوقت تقارير للسلطات السورية عن الاتصالات التي كان يجريها مع ليئال، قال إن الرئيس السوري عين جنرالاً في الجيش منسقاً للملف الإسرائيلي ليبقى على تواصل دائم معه.
وأعرب سليمان، لأعضاء اللجنة، عن قناعته بأن الموافقة على «وثيقة التفاهمات» التي توصل إليها مع ليئال من شأنها أن تؤدي إلى قطع سوريا لعلاقاتها مع حزب الله، وإلى مساعدتها في المكافحة الدولية للإرهاب وكذلك الولايات المتحدة في العراق.
ودعا سليمان، الذي كان نجم وسائل الإعلام الإسرائيلية أمس، إلى إجراء مفاوضات سرية بين إسرائيل وسوريا، معتبراً أن مفاوضات كهذه ستؤدي إلى سلام، ومشيراً إلى أن وجوده في إسرائيل يحول كل شيء إلى أمر ممكن.
أما ليئال فقال من جهته، خلال اجتماع اللجنة، إنه أطلع وزارة الخارجية على نتائج المحادثات مع سليمان، وأن الأخير التقى موظفين إسرائيليين. وأوضح ليئال أن «وثيقة التفاهمات» تقضي بانسحاب إسرائيل بشكل تدريجي من هضبة الجولان على أن يتم إنشاء «محمية سياحية» في القسم الأكبر من الهضبة المحتلة ويكون بإمكان الإسرائيليين الدخول إليها من دون تصريح وأن يتم جعل المناطق الإسرائيلية والسورية المتاخمة للجولان منزوعة السلاح.
وخلال الاجتماع، كشف عضو الكنيست عن حزب العمل، داني ياتوم، أنه توجه قبل أسابيع إلى السوريين باقتراح إجراء مفاوضات غير رسمية، إلا أنهم رفضوا الأمر وشددوا على موقفهم المعروف بأن أي مفاوضات يجب أن تكون رسمية.
وأثار حضور سليمان أمام اللجنة ردود فعل متباينة في صفوف أعضائها. فقد رأى بعضهم في الزيارة مناسبة لتأكيد ضرورة التحاور مع سوريا، فيما استغلها آخرون ليحول الزائر إلى ناقل رسائل متشددة إلى النظام السوري.
وطلب عضو الكنيست من الليكود، إسرائيل كاتس من سليمان نقل رسالة إلى الأسد تقول إن إسرائيل لن تنسحب بأي حال من الأحول من هضبة الجولان. وأضاف «لقد حصلت على تواقيع 61 عضو كنيست ضد الانسحاب من الجولان، وهناك غالبية صلبة حيال هذا الموضوع في الكنيست، ومن المهم أن يعرف الأسد ذلك». وأكد كاتس، بعد الاجتماع، أنه طلب من سليمان أن «يقول للأسد إنه إذا بادرت سوريا إلى حرب مع إسرائيل، فإن أي أرض سورية تحتلها إسرائيل ستبقى في أيديها».
أما عضو الكنيست، زهافا غالؤون، من حزب ميريتس، التي كانت قد بادرت إلى دعوة سليمان للحضور أمام اللجنة، فقد رأت أن الاجتماع الذي عقد يمثل خطوة كبيرة، وخصوصاً أن «الخيار السوري عاد إلى النقاش العام». وشددت غالؤون على أهمية أن تبادر إسرائيل إلى إجراء اتصالات رسمية بسوريا، معتبرة ذلك مصلحة إسرائيلية واضحة لجهة إخراجها من محور الشر وقطع العلاقة بينها وبين إيران. وأشارت غالؤون إلى أن الوقت لا يعمل لمصلحة إسرائيل، وأن ثمة تآكل في الردع الإسرائيلي. وقالت إنه «من الممنوع دفع الأسد نحو الخيار العسكري».
أما رئيس اللجنة، تساحي هانغبي، فقال «بما أن هناك شكوكاً في شأن نيات الرئيس السوري عن السلام، فإننا نتوقع منه سلسلة من بوادر حسن النية مثل إعادة رفات (الجاسوس ايلي) كوهين وطرد خالد مشعل من دمشق ووقف دعم حزب الله».
وفي مؤتمر صحافي عقده في فندق الملك داوود في القدس المحتلة، أكد سليمان أن سوريا لن تبادر إلى أي عمل عسكري ضد إسرائيل، لكنها في المقابل «ستدافع عن نفسها بكل ما أوتيت من قوة إذا هاجمتها إسرائيل». وقال «أتحدى إسرائيل أن تستجيب للدعوات السلمية للأسد».
وكرر سليمان مرات عديدة، خلال المؤتمر الصحافي، أنه لا يمثل سوريا بشكل رسمي ولا يتحدث باسمها، مشدداً في الوقت نفسه على أن «بشار الأسد يريد السلام مع إسرائيل وأنا أصدقه، وزيارتي هنا مؤشر مقنع على أن السلام بين سوريا وإسرائيل ممكن». ورأى سليمان أن توقيع اتفاقية سلام بين البلدين ممكن خلال ستة أشهر، وأنه «يمكن حل معظم الخلافات بين الدولتين عبر حوارات هادئة». ورداً على سؤال عن استعداد الرئيس السوري للقيام ببادرة حسن نية على شاكلة زيارة القدس كما فعل الرئيس المصري الراحل أنور السادات، أجاب سليمان إن «الشعب السوري شعب معتد بنفسه. سوريا لا تحتل إسرائيل، وإنما العكس. لماذا على الرئيس السوري المجيء على ركبتية إلى إسرائيل؟ الأسد ليس السادات». وخلال تطرقه لتهريب السلاح من إيران عبر سوريا إلى حزب الله، قال «إن دمشق تقول إنها لا تهرب السلاح، ولا سبب لدي للتشكيك في ذلك».
رفضت السلطات الإسرائيلية طلب سليمان عقد لقاءات مع مسؤولين رسميين في الحكومة ووزارة الخارجية. وأوضح مكتب رئيس الحكومة أنه ليس هناك نية للقائه، فيما ألغى المدير العام للوزارة، أهارون أبراموفيتش، لقاء كان مقرراً معه خشية إيجاد انطباع خاطئ بإجراء مفاوضات بينهما. يذكر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، إيهود أولمرت كان قد وصف سليمان قبل أشهر بأنه «شخص يحاور نفسه» و «غريب الأطوار»