القاهرة | في أول حكم قضائي يصدر ضد الرئيس المعزول محمد مرسي، قضت، أمس، محكمة جنايات القاهرة بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة 20 عاماً، بتهم «استعراض القوة والعنف والقبض والاحتجاز المقترن بالتعذيبات البدنية». وجاءت الأحكام ضمن قضية أحداث قصر الاتحادية التي شهدت اشتباكات بين مؤيدي مرسي ومعارضيه إثر إصداره «الإعلان الدستوري» في تشرين الثاني 2013، مانحاً لنفسه سلطات واسعة (قبل أن يتراجع عن الإعلان)، فيما برأته المحكمة من تهمة القتل العمد ــ كان يواجه فيها احتمال الحكم بالإعدام ــ وإحراز الأسلحة والذخائر من دون ترخيص.
وقضت المحكمة ــ بعد محاكمة استمرت نحو 18 شهرا ــ بالعقوبة نفسها ضد 12 شخصا آخرين منتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين، من أبرزهم نائب رئيس ديوان رئيس الجمهورية السابق، أسعد شيخة، ومدير مكتب رئيس الجمهورية، أحمد عبد العاطي، إضافة إلى المستشار الأمني لرئيس الجمهورية، أيمن هدهد، والقياديين في «الجماعة»، عصام العريان ومحمد البلتاجي.
وقال القاضي، أحمد صبري يوسف، في جلسة النطق بالحكم التي لم تستغرق سوى دقائق معدودة: «منطوق الحكم الصادر... السجن المشدد لمدة عشرين سنة، ووضعهم تحت مراقبة الشرطة لمدة خمس سنوات، وذلك بتهم استعراض القوة والعنف والقبض والاحتجاز المقترن بالتعذيبات البدنية». كما حكم بالسجن عشر سنوات على متهمين اثنين اخرين. وصدرت الاحكام غيابيا على ستة متهمين.
وبعد صدور الحكم، قال القيادي في «جماعة الإخوان»، عمرو دراج، إن محاكمة مرسي صورية وإن الحكومة توجهها. وأضاف دراج الذي كان وزيرا خلال حكم مرسي في بيان صدر في اسطنبول، أن الحكومة تريد إصدار حكم بالسجن المؤبد على الديموقراطية.
من جهة أخرى، دعت منظمة العفو الدولية إلى ان يلقى مرسي إعادة محاكمة عادلة تتماشى مع «المعايير الدولية». وقالت مساعدة برنامج الشرق الاوسط وشمال افريقيا في المنظمة، حسيبة حاج صحراوي، إن «هذا الحكم يبدد كل الاوهام الباقية عن حياد واستقلال القضاء المصري».
وجاء قرار المحكمة بعدما أكد رئيسها المستشار أحمد صبري يوسف رفض الدفوع التي قدمها محامو الرئيس الأسبق بعدم جواز محاكمته إلا أمام محكمة خاصة وفقاً للدستور باعتباره ما زال رئيساً للجمهورية.
وفي الوقت الذي أعلن فيه محامو مرسي اعتزامهم الطعن بالحكم أمام محكمة النقض فور إيداع الحيثيات بالمحكمة للدفع ببراءة موكلهم، قررت نقابة الصحافيين تقديم مخاطبة للنائب العام من أجل طلب نقض الحكم والمطالبة بتوقيع عقوبة الإعدام على المتهمين، وخاصة أن المحكمة برأتهم من تهمة قتل الصحافي، الحسيني ابو ضيف، الذي استهدف برصاصة في الرأس خلال قيامه بتصوير أعمال العنف إبان أحداث «الاتحادية».
ويحق لمرسي، وفقاً لإجراءات التقاضي، تقديم طعن أمام محكمة النقض خلال 60 يوماً من صدور الحكم، على أن يجري، حال القبول، إلغاء حكم أول درجة (الصادر أمس) فتعاد محاكمته من جديد أمام دائرة جنايات أخرى.
وقال المحامي عبد المنعم عبد المقصود، القيادي في «الجماعة»، «لا سبيل أمامنا سوى اتخاذ الإجراءات القانونية بالطعن على الحكم. كنا نتمنى البراءة في جميع الاتهامات ولا تعليق على الحكم».
وللمرة الأولى منذ صدور قرار قاضي التحقيق بالقبض على مرسي واحتجازه بعد عزله عن السلطة، أُجبر الرئيس الأسبق على ارتداء البدلة الزرقاء، والتقطت الصور التي تحمل رقمه كمسجون لا كمتهم قيد الحبس الاحتياطي، فيما نقلت مصادر أمنية عن مرسي استمرار رفضه الاعتراف بالمحاكمة على اعتبار أنه ما زال الرئيس الشرعي.
وينتظر مرسي أيضاً في 16 أيار المقبل وفي 23 من الشهر نفسه، أحكاماً في قضايا أخرى، أبرزها التخابر مع جهات أجنبية، والتخابر مع قطر، في قضايا قد تصل عقوباتها حد الإعدام.