strong>محمد بدير
نشــر الشهــادات بعــد التقريــر الأولي للّجنــة... و«نقــد شديــد جــداً» لقــادة العــدوان

انتهت الدراما القضائية في إسرائيل حول نشر محاضر شهادات قادة حرب تموز أمام لجنة فينوغراد إلى انكفاء المحكمة العليا وتبنيها موقف اللجنة المُصرّ على أن يحصل النشر بعد إصدار تقريرها الأولي، في وقت قدرت فيه تقارير إعلامية إسرائيلية أن هذا التقرير سيتضمن «نقداً شديداً جداً» ضد هؤلاء القادة.
وأصدرت المحكمة أمس قرارها، الذي شكل تراجعاً فاضحاً عن قرار سابق كانت قد أصدرته في السادس من شباط الماضي وقضى، في حينه، بإلزام اللجنة نشر المحاضر قبل نشر التقرير الأوّلي.
وكانت قاعة المحكمة قد شهدت سجالات مطولة حول هذا الموضوع، امتدت إلى حلقات عديدة، سجلت الأخيرة منها، يوم الأحد الماضي، توتراً شديداً بين قضاة المحكمة من جهة وممثلي الادعاء الذين يرافعون باسم اللجنة من جهة أخرى؛ فبعدما تعهدت اللجنة نشر محاضر شهادات كل من رئيس الحكومة، إيهود أولمرت، ووزير الدفاع، عامير بيرتس، ورئيس الأركان السابق، دان حالوتس، قبل إصدار تقريرها الأوليّ المتوقع نهاية الشهر الجاري، عادت وتراجعت عن موقفها متذرعة بضغط الوقت تارة، وبالخشية من أن يسيء الاجتزاء، لدواع أمنية، في المحاضر التي ستنشر، إلى سوء فهمها من الرأي العام، مستدلة على هذا السياق بما حصل مع شهادة نائب رئيس الحكومة شمعون بيريز.
إلا أن المحكمة، التي شعرت بالإهانة في حينه، وجهت انتقادات شديدة اللهجة إلى اللجنة، ورفضت البحث في طلبها إبقاء قرار نشر المحاضر رهن استنسابها. وطالبت المحكمة اللجنة، خلال النقاش الذي اتّسم بالحدة والتشنج، بتحديد جدول زمني لنشر المحاضر.
لاحقاً، وفي موقف لا يخلو من تحدّ، أعلمت اللجنة المحكمة أنها ستنشر محاضر قادة الحرب الثلاثة بعد أسبوعين من إصدار تقريرها الأولي، وأُرفق هذا الموقف بتسريب إعلامي تحدث عن نية اثنين من أعضاء اللجنة الاستقالة إذا ألزمتها المحكمة نشر المحاضر قبل إصدار التقرير.
ويبدو أن المحكمة، التي تعرضت أيضاً لضغوط على شاكلة آراء حقوقيين أيدوا موقف اللجنة علناً، لم تشأ المضي في أزمة مفتوحة على احتمالات تفجر سياسي وشعبي قد يطال موقعها والنفوذ الذي تتمتع به في هرم السلطة، والذي هو موضع جدل في إسرائيل، لذلك، قررت الرضوخ أمام التصميم الذي أظهرته لجنة فينوغراد، برغم انتقادها الشديد لطريقة تعاطيها مع القضية.
واتخذ قرار المحكمة أمس بغالبية أربعة قضاة، في مقابل القاضية أيالا بروكتشيه التي أصرت على نشر المحاضر فوراً.
وفي ما يمكن وصفه بمحاولة لحفظ ماء الوجه، حثت رئيس المحكمة، دوريت بينش، التي كانت من أشد المنتقدين لتريث اللجنة، أعضاءها على المسارعة إلى نشر المحاضر في أقرب وقت من نشر التقرير. وكتبت بينيش في القرار أن «اللجنة ستحسن فعلاً لو عملت على نشر أجزاء المحاضر في أقرب وقت ممكن بعد تسليم التقرير إلى الحكومة، وقبل أن يمر أسبوعان على هذا الموعد».
وأبدت بينيش تفهمها للعبء الملقى على عاتق اللجنة، واستندت إليه في تبرير التغيير الذي طرأ على موقفها. وجاء في نص القرار الذي كتبته بينيش «لا شك أنه في الوقت الراهن، حيث نشر التقرير الأولي قريب جداً، فإن اهتمامات اللجنة منصبة على صياغة التقرير، وذلك يتطلب بالتأكيد عملاً كثيراً ومجهداً».
ولم تفوّت المحكمة المناسبة لتجديد الانتقاد للتغيير الذي طرأ على موقف لجنة فينوغراد بشأن نشر المحاضر، وجاء في القرار أنه «إذا كان هناك داع لإثارة تحفظات، فقد كان يجب فعل ذلك قبل القرار الأول، لا بعده». وشدد قرار المحكمة على ما كان قد ورد في القرار السابق عن كون «مبدأ علنية المداولات وحق الشعب بالمعرفة أمر ملزم للجنة فينوغراد».
وفي تعليق لها على قرار المحكمة، قالت عضو الكنيست غالؤون، التي قدمت الالتماس المطالب بنشر المحاضر، إنها تحترم قرار المحكمة، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن «التأخير في نشر المحاضر يمس بصورة أساسية صدقية تقرير اللجنة وصلاحيتة وقوته الأخلاقية».
ومثّلت قضية نشر المحاضر موضع جدل على المسرح السياسي الإسرائيلي. ونقلت صحيفة «هآرتس» عن وزراء وسياسيين، ممن أدلوا بشهادات أمام لجنة فينوغراد، أنهم على استعداد لنشر شهاداتهم، فيما قال آخرون إنهم كانوا سيعيدون النظر في ما أدلوا به لو كانوا يعرفون مسبقاً أن الشهادات ستُنشر.
إلى ذلك، ذكرت القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي أمس أن التقرير الأولي الذي ستصدره لجنة فينوغراد أواخر الشهر الجاري سيتضمن «نقداً شديداً» ضد كل من أولمرت وبيريتس وحالوتس. وأشار مراسل القناة للشؤون الأمنية، روني دانييل، إلى أن عبارات «الفشل» و«الإخفاق» سترد في معرض التطرق إلى أداء هؤلاء الثلاثة في إدارة الحرب.