strong>القاهرة ــ خالد محمود رمضان
أعلن أنه لن يعود حالياً إلى إسرائيل ونفى نقل معلومات أمنية إلى حزب الله وسوريا

حسم رئيس حزب التجمع الوطني الديموقراطي عزمي بشارة أمس خياراته في مواجهة الحملة الإسرائيلية ضده، وقدّم استقالته من عضوية الكنيست إلى السفارة الإسرائيلية في القاهرة، معلناً أنه لن يعود إلى الدولة العبرية قريباً ونافياً التهم التي تروّج ضده.
وقدّم بشارة استقالته إلى السفير الإسرائيلي في القاهرة شالوم كوهين بحضور عضو الكنيست واصل طه ومسؤولين، بينهم نائب السفير والقنصل.
وقال بشارة، في حديث بثته قناة «الجزيرة» مباشرة، «لقد قدّمت استقالتي من خلال السفارة الاسرائيلية في القاهرة. توجهت الأحد الى مقر السفارة من دون موعد مسبق وقدمت كتاب استقالتي الى السفير وكان القنصل موجوداً».
وأوضح بشارة أنه «حسب القانون» يمكن تقديم الاستقالة «إما في السفارة أو الكنيست».
واكد بشارة (50 عاماً)، الذي غادر اسرائيل في آذار الماضي ومنذ ذلك الحين لم يعد سوى لفترة وجيزة، أنه سيبقى في الوقت الراهن في الخارج.
وأضاف بشارة إن استقالته جاءت لعدم إعطاء منتقديه فرصة الاستمرار في هذا الهجوم عليه، ولذلك «رميت لهم الحصانة كي لا ينزعوها مني، فأنا لا أختبئ وراء الحصانة». وأوضح أن «الحقيقة هنا، المشكلة الاساسية أنه لو عدت الى البلاد لن أخرج لسنة او سنتين او ثلاث سنوات، لأن التحقيقات والمحاكم (حتى لو تمت تبرئتي في النهاية) تحتاج الى ثلاث سنوات على الأقل لإنهاء المحاكم». وأضاف «هذه عملية تأخذ وقتاً في تلك البلاد، لذلك قررت عدم الانتظار وتقديم الاستقالة».
ورداً على سؤال عما اذا كان ينوي العودة الى اسرائيل، قال بشارة «المنفى ليس خياراً». وأضاف «في النهاية ستكون هناك عودة. موعد العودة بالضبط مرتبط بإخوة عدة من الوطن العربي»، من دون مزيد من الإيضاحات. وتابع «أتشاور معهم لأرى أين المكان الأفضل في هذه المرحلة، لكي أساهم في العمل القومي العربي والعمل الديموقراطي والعمل الوطني بشكل عام». وخلص الى القول «سأرى متى الوقت المناسب ولكن العودة أكيدة».
وفسّرت مصادر قريبة من بشارة الاستقالة بأنها رد فعل طبيعي على المتاعب النفسية الناجمة عن ملاحقة السلطات الاسرائيلية، مشيرة إلى أن الاتهام الأخير يعدّ له منذ عامين تقريباً.
وكان بشارة قد أعلن، عقب لقائه وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط، أن التحقيق جار في الاتهامات الموجّهة إليه، وأن هناك تعتيماً إسرائيلياً عليه، ولكن لم تقدّم لائحة اتهام ضده حتى الآن إلى المحاكم الإسرائيلية. وقال إن إسرائيل ترفض مبادرة السلام العربية، لكنها مضطرة إلى التعامل معها، محذّراً من «الوقوع في الفخ الاسرائيلي». وأضاف إنها «تنتظر أن تصدر أصوات عربية فيها نوع من التنازل عن حق العودة أو غيرها من القضايا لإرضاء إسرائيل»، معرباً عن قناعته بأن لا شيء يرضي إسرائيل سوى ثوابتها.
ورأى بشارة أن إسرائيل غير مستعدة للتنازل عن القدس، وليس فقط قضية اللاجئين، كما أنها ضد العودة إلى خطوط الرابع من حزيران 1967وضد حق العودة للفلسطينيين.
وأضاف «إن من يعتقد أن التنازل مثلاً عن مبدأ واحد من مبادرة السلام العربية سيجعل إسرائيل تقبل بالباقي فهو مخطئ لأنه سيفتح شهية إسرائيل للمزيد».
وكان بشارة قد أبلغ ندوة عقدت مساء أول من أمس في مقر نقابة الصحافيين المصريين وسط القاهرة انه قد لا يعود إلى تل أبيب خشية تقديمه للمحاكمة. وأوضح أن التهم الموجهة إليه في إسرائيل تتضمن تزويد العدو بمعلومات في أوقات الحرب وزيارة دولة عدو وإدخال أموال إلى إسرائيل بصورة غير مشروعة، معتبراً أن هذه التهم مردها ملاحقة سياسية تهدف إلى حمله على وقف نشاطاته السياسية.
ونفى بشارة الاتهامات الإسرائيلية له بأنه نقل معلومات أمنية الى حزب الله وسوريا خلال حرب لبنان الصيف الماضي. ونقلت وكالة «يونايتد برس انترناشونال» عن مصادر قولها إن بشارة أبلغ الحضور في نقابة الصحافية «أن حزب الله يعرف معلومات أمنية عن إسرائيل اكثر مني عبر جواسيسه في الجيش الإسرائيلي».
وقال بشارة ان التغطية الإعلامية لقضيته «تطغى عليها حملة تحريض مكثفة تشبه إثارة حالة من التعبئة التي تسبق الحروب. وكأنها أشبه بأجواء الأسبوع الأول لما قبل حرب لبنان». وأضاف «نحن لا نرى أن سوريا ولبنان بلدان معاديان، ونرفض قواعد اللعبة هذه وأرفض إخضاع علاقاتي بالعرب للابتزاز الإسرائيلي».
وقال بشارة «إن إسرائيل تريد تحويل قضيتي الى مفصل تاريخي لجميع عرب إسرائيل بالقول إن أمامكم خيارين، إما هنا أو هناك. وفي الحرب لا يجوز ان تكون عقولكم وقلوبكم مع الطرف الذي يعتدي على إسرائيل». وتابع ان إسرائيل تسعى أيضاً الى استغلال القضية لنزع الشرعية عن نضال فلسطينيي 48 عند الرأي العام الغربي «بالإشارة إلينا لا كمناضلين ديموقراطيين بل كإرهابيين يتعاونون مع جماعات ودول يراها الغرب إرهابية».
والتقى بشارة في القاهرة كلاً من مدير المخابرات المصرية عمر سليمان والأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى.
ونفت مصادر مصرية أن تكون القاهرة قد سعت لممارسة أي ضغوط على بشارة سواء للاستقالة أو الاستمرار فى عضوية الكنيست. ورجحت المصادر ان اللقاءات كانت استطلاعاً للرأي الرسمي المصري في شأن إمكان الإقامة في القاهرة.
وقال دبلوماسي مصري، لـ«الأخبار»، إن «القرار بالاستقالة كان قراره الشخصي وهو أبلغنا به نظراً للعلاقات التي تربطه بنا»، مشيراً إلى أن القاهرة ترى أن الموضوع برمته «مشكلة تخصّ المؤسسات الاسرائيلية وبالتالي لا نتدخل فيها على أي نحو».
وبعد لقائه موسى، غادر بشارة القاهرة إلى العاصمة القطرية الدوحة.


سارعت إدارة الكنيست، فور الإعلان عن تقديم الدكتور عزمي بشارة استقالته منه، إلى إغلاق مكتبه داخل مبنى البرلمان. وطلب المدير العام للكنيست، آفي بلاشنيكوف، من المساعد البرلماني لبشارة، طارق بيرقدار، مغادرة المكتب فوراً والامتناع عن دخوله، قبل أن يقفله. وقال بلاشنيكوف إن قرار إغلاق مكتب بشارة صدر عن السلطات القضائية المختصة، رافضاً اعتبار الخطوة مسّاً بالحصانة البرلمانية لبشارة لأن محتويات المكتب بقيت كما هي، مشيراً إلى أن أي طلب لإجراء تفتيش في المكتب سيُنقل إلى المستشار القانوني للكنيست من أجل البت فيه. يذكر أن الحصانة البرلمانية لعضو الكنيست تبقى سارية المفعول لمدة 48 ساعة من تقديم استقالته