هآرتس - ألوف بن
ثمة فكرة جديدة يتم تداولها في السجال العام: إسرائيل تعترف بالسيادة السورية على هضبة الجولان وتستأجرها منها لفترة طويلة. المستوطنات والمعسكرات تبقى في أماكنها ليرفرف العلم السوري فوقها، وفي هذه الأثناء يتم التحقق من حسن سلوك السوريين والتزامهم حسن الجوار والنظام المستقر. بهذه الطريقة يمكن البقاء مع الجولان وتوليد الشعور أنه ليس معنا، تحقيق الحلم الإسرائيلي من دون التحول الى مغفلين والتفاوض مع السوريين من دون إعطائهم شيئاً. سلام مقابل السلام.
الوزيران أفيغدور ليبرمان ومئير شطريت يؤيدان مبادرة السيادة والاستئجار هذه. في نهاية الأسبوع الماضي، انضم إليهما عضو الكنيست عامي أيلون الذي يخوض المنافسة على رئاسة حزب العمل ويحاول التخلص من الصورة اليسارية التي التصقت به والالتفاف على خصمه إيهود باراك الذي أوشك على إعادة الجولان لسوريا قبل سبع سنوات. هناك خلاف بين المبادرين للفكرة: ليبرمان يقترح الاستئجار لـ99 سنة، وشطريت يكتفي بنصف يوبيل، وأيلون الذي أجرى مقابلة مع غيدي فايتس في ملحق «هآرتس» يتحدث عن 50 إلى 80 سنة.
المطلعون على مجريات المفاوضات مع سوريا يقولون إن دمشق لن توافق على مثل هذا الاقتراح، ووفق تقديرهم يمكن التحدث عن منطقة صناعية مشتركة في المنطقة المتنازع عليها عند ساحل طبريا في أقصى الأحوال، لكن لا مجال للحديث عن إبقاء البنية التحتية الإسرائيلية في كل الجولان.
الأجدر بأصحاب فكرة الاستئجار أن يلاحظوا الألغام الأربعة الكامنة في هذه الفكرة قبل سؤالهم بشار الأسد عن رأيه عنها:
  • «البريطانيون أيضاً استأجروا هونغ كونغ». هذا ليس دقيقاً: بريطانيا احتلت هونغ كونغ في حربي الأفيون، وأقامت هناك مستعمرة للتاج البريطاني باتفاقية مع الصين من دون تحديد مدتها، بعد ذلك استأجر البريطانيون منطقة أخرى (الأراضي الجديدة) لـ99 سنة. في ختام مدة الاستئجار، أعادت بريطانيا إلى الصين المنطقة التي استأجرتها مع المستعمرة. البريطانيون أبقوا على سكان هونغ كونغ الصينيين وحرصوا على نيلهم لحقوقهم ولم يجلبوا مكانهم مزارعين بريطانيين واسكتلنديين خلافاً للاحتلال الإسرائيلي في الجولان الذي أدى الى اقتلاع غالبية المواطنين السوريين وتدمير قراهم.
  • «الأردن استبدل الأراضي معنا»: هذا صحيح، لكن الحديث هنا يتعلق بمناطق صغيرة وغير مأهولة، لا منطقة جغرافية كبيرة ومأهولة. سوريا التي خشيت من أن يمثّل ذلك سابقة، وجهت في حينه انتقادات حادة إلى هذا البند في اتفاق السلام الإسرائيلي ـــــ الأردني.
  • «المستوطنات ستبقى»: المبادرون الى الاستئجار يقترحون الإبقاء على الوضع، لكن ماذا سيحدث إذا رغبت إسرائيل في إقامة مستوطنة جديدة؟ هل ستطلب إذناً من سوريا؟ وإذا رغبت عروس سورية في السكن مع عريسها الدرزي من مجدل شمس فهل سيُسمح لها بالدخول أم سيُرفض طلبها حسب قانون الجنسية الجديد؟ وماذا سيحدث عندما تنتهي مدة الاستئجار؟ هل سيرحل المستوطنون طواعية؟.
  • «أين الحدود؟»: الخلاف على خط عبور الحدود الذي كان سبباً في فشل المفاوضات الإسرائيلية السورية في عهد باراك، لن يُحل من تلقاء نفسه من خلال نموذج الاستئجار. أيلون يقول إن السوريين سيرفعون علمهم على «الحدود الدولية»، لكن سوريا لا تكتفي بذلك، وهي تريد كل المنطقة التي احتُلت في حرب حزيران حتى ساحل طبريا. فلماذا ستوافق على التسوية الآن؟.
    يجب قراءة اقتراح أيلون ـــــ ليبرمان بصورة مغايرة. هما في الواقع يقولان: نحن نريد مواصلة السيطرة على الجولان ومستعدون للمخاطرة بمئات الجنود القتلى والصواريخ التي تنزل على الجبهة الداخلية من أجل الإبقاء على هذه المنطقة ومصادرها المائية.
    هذا كان موقف كل الحكومات الإسرائيلية منذ عام 1967، وما زال الموقف نفسه اليوم. قد يكون ممكناً ممارسة احتلال راقٍ في الجولان من دون حواجز أو تنديد دولي، وخصوصاً أن سوريا لا تملك جوقة تأييد دولية مثلما يوجد لدى الفلسطينيين. كما قد تكون ممكنة المساجلة في منطقية هذه المخاطرة قياساً الى الثمن المكتسب، لكن لا ينبغي إيهام الجمهور بوجود اختراع للسيطرة المجانية على الجولان، وخصوصاً في فترة «يسخن فيها الستار الفولاذي» وتتصاعد أصوات الحرب من على جانبيه.