مهدي السيد
رغم إجماع المحللين الإسرائيليين بأن تقرير فينوغراد سيُحدث هزة على الحلبة السياسية في إسرائيل، إلا أنهم اختلفوا في تحديد درجاتها وفق مقياس "ريختر السياسي"؛ ففيما رأى البعض بأن هزة فينوغراد ستطيح أيهود أولمرت، اعتبر آخرون بأن هذا الأمر لن يحصل حتما قبل صدور التقرير النهائي والكامل، هذا في وقت طُرحت العديد من الأسئلة حول مدى ملاءمة رئيس الوزراء لقيادة " الدولة" في مواجهة التحديات المقبلة


اعتبر المحلل السياسي في صحيفة «هآرتس»، ألوف بن، أمس أن السؤال الذي سيتصدر السجال العام لا يدور حول من المسؤول عن اخفاقات حرب لبنان الثانية، بل بمدى ملاءمة رئيس الحكومة ايهود أولمرت لقيادة إسرائيل إزاء التحديات السياسية والعسكرية التي تنتظرهاوبحسب بن، فإن السؤال الذي يتعين طرحه الآن هو: هل إن التهور الجزع نحو الحرب يمنع أولمرت من مواصلة ولايته؟ هل يمكن لمثل هذا الشخص أن يتولى القيادة في المواجهات المحتملة مع حماس في غزة، وربما مع سوريا في الجولان؟ أم أن العكس صحيح، بحيث أن الخبرة التي اكتسبها، وادراكه لحدود القوة ومشاكل السيطرة في الجيش، تحوله إلى زعيم أكثر ملاءمة؟
ورأى بن أن خط الدفاع الذي سينتهجه أولمرت يركز على المسؤولية الجماعية لأعضاء الحكومة، الذين أيدوا شن الحرب بالإجماع. بيد أن معركة البقاء التي يخوضها أولمرت ستُحسم، بحسب بن، في المؤسسة السياسية غير المتحمسة للذهاب الى الانتخابات. وبالتالي، فإن نجاحه مرتبط بحزب العمل وبمدى تأثير التقرير والغضب الشعبي على المرشحين لرئاسته. وبحسب بن، فإن حال اللامبالاة الشعبية ستتيح لأولمرت حرية المناورة وستتركه في كرسيه.
بدوره، قال معلق الشؤون العسكرية في «يديعوت أحرونوت»، رون بن يشاي، إن من يتوقع حصول هزة أرضية سياسية سيخيب أمله على ما يبدو. وأضاف "صحيح أن التقرير المرحلي للجنة فينوغراد سيهز الحكومة والمؤسسة العسكرية، لكن قوة الهزة ستبلع بالكاد خمس درجات على مقياس ريختر. لكن عندما ينجلي الغبار بعد اسبوع أو اسبوعين، سيتضح أن حكومة أولمرت باقية كما هي وربما ستتعزز".
وبحسب يشاي، "فإن هذا التكهن السياسي لا يستند إلى معرفة ماذا سيرد في التقرير المرحلي للجنة فينوغراد، بل على اساس تقدير ما لن يتضمنه التقرير. ذلك أن الخلاصات المرحلية ستتطرق إلى الأيام الخمسة الأولى من حرب لبنان الثانية وما سبقها منذ العام 2000. هذا يعني أن التقرير سيتطرق إلى المرحلة التي تُعتبر فيها مسؤولية الحكومة الحالية عن الإخفاقات منخفضة نسبيا. لكن كل من يعرف، ولو بشكل سطحي، ما حصل خلال تلك الحرب، يعرف أن معظم القرارات الخاطئة، والإرباك والفشل في القتال قد ظهر في المستوى السياسي والمستوى العسكري بدء من الاسبوع الثاني للحرب وما بعد. والأيام الخمس الأولى تحديدا كانت ناجحة نسبيا".
وفي تقديره للمتضررين الأساسيين، يرى يشاي أن "من سيتضرر بصورة فعلية وبشكل كبير من التقرير المرحلي هم كبار قادة هيئة الأركان، الذين كانوا شركاء في اتخاذ القرارات في المراحل الأولى من الحرب، والذين لا يزالون في الخدمة الفعلية"، أما أولمرت، فيرى يشاي، خلافا لكثيرين، "أنه لن يتضرر بشكل لا يمكن إصلاحه من هذا التقرير، بل إنه قد يربح منه أيضا. لا سيما بسبب التأثير الذي سيكون لخلاصات اللجنة على المكانة الشعبية لعامير بيرتس وعلى نتائج الانتخابات التمهيدية في حزب العمل".
من جهته، اعتبر المحلل السياسي في «معاريف»، بن كسبيت، أن «الامر الاكثر حكمة وصحة الذي يمكن لبيرتس أن يفعله في الصباح التالي لنشر تقرير لجنة فينوغراد، هو أن يستقيل فورا من منصب وزير الدفاع، وأن يضع هذه المفاتيح الساخنة على الطاولة المتفككة لايهود اولمرت، ووضعه أمام الحقيقة».
وبحسب كسبيت، فإن ثمة العديد من الأمور سيحققها بيرتس من هذه الخطوة: "أولا، سيمس باولمرت، الذي سيجد صعوبة في أن يشرح لماذا لا يستقيل هو نفسه. ثانيا، يستعيد شيئا ما من كرامته الذاتية. ثالثا، يحظى بنقاط استحقاق في الرأي العام. رابعا، سيلقي في ذات الفرصة خطاب حياته، ويطلب من اولمرت ان يستغل الفرصة ويعطيه حقيبة المالية".
ويعتقد كسبيت أن أولمرت قد يتمكن من اجتياز اتهام التقرير له بالتهور، لكن السؤال هو اذا كان سيجتاز "الفشل". ويشير كسبيت إلى أن "التقرير يتضمن تحديدات حادة بالنسبة لاولمرت. كلمة "فشل" تظهر هنا، ولاكثر من مرة. نعم، اولمرت فشل في ادارة هذه الحرب، هكذا يقضي تقرير فينوغراد. كما فشل معه أيضا عامير بيرتس ودان حالوتس".
أما أسلافهم في المناصب، "فلن يوزع التقرير عليهم، في ما يبدو، أوسمة البطولة. سيتعين على جميع منشدي اناشيد المجد على بوابات متنزهاتنا في الشمال، في الوقت الذي اقام (الأمين العام لحزب الله حسن) نصر الله لايران نطاقا استراتيجيا متينا على السياج الحدودي، سيتعين عليهم إجراء حساب النفس. غير أنه مع كل الاحترام ليسوا هم الذين يتبوأون المناصب الرفيعة الان. دان حالوتس في هارفرد، موشيه يعلون يتجول في الحقول، ارئيل شارون غائب عن الوعي، موفاز في المواصلات وبراك يصارع على مكانه في حزب العمل".
ويخلص كسبيت إلى أن "هذا التقرير ينبغي أن يحسم مصير رئيس الوزراء ووزير الدفاع الحاليين لدولة اسرائيل. والصحيح حتى اليوم انه لم يحسمه. القرار سيصدر بشكل رسمي يوم الاثنين. اما الحكم فسيصدر بعده، وسينطقه الجمهور. هل ستكون تظاهرة الربع مليون في الميدان؟ هل ستغرق القدس بالمتظاهرين؟ من يريد أن يسقط رئيس الوزراء في اسرائيل ينبغي له أن يفعل ذلك في الكنيست، او في الشارع. الكنيست، حاليا على الاقل، هي لاولمرت. اما الشارع ففارغ".