strong>حيفا ـــ فراس خطيب
التفاصيل الصادرة عن لجنة «فينوغراد» كانت بمثابة «ملف إدانة» لرئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود أولمرت ووزير الدفاع عامير بيرتس ورئيس هيئة الاركان السابق دان حالوتس، إلا أنَّه لم يوص بالاستقالة مباشرة، واختار، حسبما يشير كبار المحللين، أن يبقي «السؤال مفتوحاً للجمهور الإسرائيلي»

لم تنفع استعدادات ايهود أولمرت وعامير بيرتس لتقرير فينوغراد وما بعده، والتي علّقت عليها ناحوم برنياع في «يديعوت احرونوت» بالقول إنه «لو استعد اولمرت لحرب لبنان الثانية، مثلما استعد لتوصيات فينوغراد، لما كان لا لجنة تحقيق ولا توصيات».
ويبدو واضحاً أن توصيات التقرير فاقت الاستعدادات، حيث لم يتوقع أولمرت أن يشتمل على «156 كلمة إخفاق». لقد احدث بالفعل هزة في مكتبي رئيس الوزراء والدفاع؛ فالاثنان لم يتوقعا «ملف إدانة» خطيراً إلى هذا الحد، بحيث تجاوز «الاستراتيجية الدفاعية» التي وضعاها قبيل الاعلان عن نتائج اللجنة.
ويجد مقربو أولمرت ومستشاروه في هذه الآونة، صعوبة في تفسير بقاء رئيس الوزراء على كرسيه. في المقابل، أجرى وزير الدفاع مشاورات بشأن مستقبله السياسي، بعدما أقر بأنه «تلقى ضربة قوية، لكنه لم ينكسر». وخلال الجلسة المذكورة، كان هناك من طالبه بالاستقالة، إلا أنَّه لا أحد من مساعديه أدخل ورقة إلى داخل الجلسة كتب فيها أن «اولمرت لا ينوي الاستقالة»، وهو ما جعل بيرتس يلغي خياراً كهذا، رافضاً الرد رسمياً على التقرير حتى «قراءته معمّقاً».
ويعمل مقربو بيرتس على التقليل من حدة ادانة فينوغراد له، ولفت الانظار نحو أولمرت، باعتباره المسؤول الأول عن الفشل الاسرائيلي في حرب لبنان الثانية، ما يوجد حالاً سياسية أشد صعوبة من تلك التي توقعها الاثنان، وخصوصاً بعدما استقال رئيس الأركان دان حالوتس، الذي «دفع الثمن» بالمفهوم الاسرائيلي، ليتقاسم الاثنان حمل ما أعده «فينوغراد للثلاثة».
في المقابل، اجتمع أولمرت مع مقربيه ومستشاريه، وأعلن في وسائل الاعلام انه «لن يستقيل». وقال «ليس من الصحيح الاستقالة الآن»، مشيراً إلى أن «التقرير يبيّن إخفاقات عند متخذي القرارات السياسية وأنا على رأسها». وأضاف «يجب استخلاص العبر وإصلاح الخلل، ويجب العمل، العمل كثيراً على هذا»، مشدداً على أنه «سينشط من أجل الاصلاح سريعاً».
وقال اولمرت «سأعمل على اقامة جلسة حكومة خاصة يوم الاربعاء. وسأقترح على أعضاء الحكومة تأليف لجنة تعمل على دراسة سريعة لقرار فينوغراد واستخلاص العبر». وتابع أن التقرير «لا ينهي فصل الحرب، بل يفتح صفحة جديدة ومهمة لإصلاح داخلي». وكرر أن الحرب «كانت صادقة وليست قابلة للمنع»، مشيراً إلى أنه يفكّر «بعائلات القتلى والجرحى والمخطوفين جلعاد شاليط (في غزة) وايهود غولدفاسير وإلداد ريغف (لبنان)».
وأشار مقربون من أولمرت إلى أنَّ «انتخابات قريبة ستلحق ضرراً منقطع النظير في إسرائيل». وهاجموا بشكل غير مباشر خصم أولمرت في «كديما»، وزيرة الخارجية تسيبي ليفني، من دون ذكر اسمها، بالقول «حتى الآن لا نملك شخصاً أكثر ملاءمة من أولمرت في مواجهة كديما».
أما ليفني، فاكتفت من جهتها بالقول إنه «يجب اجراء نقد ذاتي». وكشفت القناة الاسرائيلية العاشرة أنَّ هناك شخصيات داخل «كديما» تطالب أولمرت بالاستقالة الفورية.
المعارضة
وقال رئيس الكتلة البرلمانية لـ «ليكود»، جدعون ساعر، إن «النتيجة من التقرير واحدة، لا حق أخلاقياً لهذه الحكومة لأن تستمر». وانضم ايضاً رئيس لجنة الخارجية والأمن السابق، عضو الكنيست يوفال شطاينتس (ليكود)، الذي قال ملخصاً نتائج التقرير إنه «في الصيف الماضي، لم تكن لإسرائيل قيادة أمنية سياسية فعّالة»، مضيفاً أنَّه «لا يمكن أن يكون هناك خلل أخطر من هذا في دولة ديموقراطية». وطالب رئيس الحكومة والوزراء، «اذا كانوا يملكون وطنية، بالاستقالة الفورية وإعادة الخيار للناخب».
ووصف وزير الخارجية السابق (ليكود)، سليفان شالوم، تقرير فينوغراد بأنَّه «لائحة اتهام» بحق اولمرت والحكومة، مضيفاً أنَّ «على القيادة تسليم المفاتيح والذهاب إلى انتخابات جديدة». وأضاف «سأعمل بكل الطرق من اجل إسقاط الحكومة».
وطالب رئيس حزب «المفدال»، زبولون اورليف، أولمرت بأن «يعيد المفاتيح». وأضاف «إذا لم يستقل اولمرت في أعقاب التحقيقات الجنائية ضده، فإنّ تقرير فينوغراد لن يترك له مجالاً إلا للاستقالة». وقال عضو الكنيست ران كوهين من حزب «ميرتس» إن تقرير فينوغراد يقول «بشكل لا يقبل التأويل، إنَّ اولمرت وبيرتس فشلا في اداء مهماتهما»، موضحاً أن عليهما «استخلاص العبر والاستقالة».
وقال رئيس حزب «ميرتس»، يوسي بيلين، إن نتائج فينوغراد «لا تترك مجالاً للتحليل. على بيرتس أن يتنازل عن ترشيح نفسه لرئاسة حزب العمل، وعلى أولمرت ألّا ينتظر تظاهرة العائلات الثكلى»، مضيفاً «إذا كان يملك قطرة مسؤولية، فإنّ عليه الاستقالة».
الائتلاف الحكومي
حتى داخل الائتلاف الحكومي، لم تكن المواقف موحّدة من التقرير. فثمة وزراء من «كديما» يرون بأنّ على اولمرت الاستقالة من منصبه. لكنَّ هذه المواقف لم تترجم «حتى الآن» إلى مواقف رسمية. وقال رئيس الائتلاف الحكومي، افيغدور يتسحاكي (كديما)، إن «التقرير خطير للغاية»، فيما قال متان فيلنائي، من حزب «العمل»، «هذه ساعة امتحان لدولة اسرائيل. ليس هذا الوقت المناسب لقطع الرؤوس والصراعات السياسية. والجمهور الاسرائيلي يقرر مستقبل من ذكروا في التقرير».
وقال يوئيل حاسون، من حزب «كديما»، إن «(الأمين العام لحزب الله حسن) نصر الله لم ينتصر في الحرب فلا تمنحوه النصر الآن». وأضاف أنه من المفضل «قراءة التقرير بمهنية، وألا نتحول إلى المصارعة السياسية»، مشيراً إلى أن على رئيس الحكومة «إجراء تغييرات في تركيبة الحكومة والبدء في استخلاص العبر وتنفيذ الاستنتاجات قبيل التحديات المقبلة». وقال رئيس لجنة الدستور، مناحيم بن شاشون، (كديما) إن اعضاء كديما، يقفون إلى جانب رئيس الحكومة.
العرب
قال النائب العربي في الكنيست الاسرائيلي محمد بركة (الجبهة الديموقراطية) إن «على المسؤولين الثلاثة (أولمرت وبيرتس وحالوتس)، أن يستخلصوا النتائج، لكن يجب الانتباه إلى أن جميع أولئك الذين يسعون للجلوس مكانهم، ليسوا أقل منهم عبودية للعقلية العسكرية والغطرسة، ويقدسون مبدأ القوة مهما كلف هذا من ثمن».