حيفا ــ فراس خطيب
كشفت القناة الإسرائيلية الثانية، من خلال برنامج التحقيقات «عوفدا» (حقيقة)، عن ظاهرة استغلال منتشرة بين جنرالات الجيش الإسرائيلي «الذين حوّلوا وحدة المروحيات العسكرية إلى محطة للنقليات الخاصة»، كاشفة عن أحداث قام الجنرالات من خلالها باستغلال مروحيات سلاح الجو لأغراض شخصية «متجاهلين التكلفة الباهظة لإقلاعها وتشغيلها».
وفي العادة، يسمح للجنرالات الإسرائيليين بطلب نقلهم جواً، عبر وحدة «السيطرة الجوية»، التي تقوم بدورها بتأمين الموافقة. إلا أن الجنرالات يستغلون المساحة المتاحة لهم ويسخّرون النقلات الجوية لإتمام معاملات شخصية، لا تمّت بصلة تذكر إلى أهداف عسكرية.
ويكشف البرنامج أنَّ وحدة السيطرة تلقت طلبين لترتيب نقلة جوية، لجنرالين، طلبا خلالها الوصول إلى النقطة نفسها وفي الساعة نفسها. عندئذ، اتصل عنصر من الوحدة بأحد الجنرالين وقال له «اذا كنتما ذاهبين إلى المكان نفسه، فنحن نفضّل أن تكونا على متن المروحية نفسها». واتضح في النهاية أنَّ الجنرالين مدعوان إلى حفل «بار ميتسفا» (طقس يهودي يقام عند بلوغ الابن سن الثالثة عشرة)، وكل واحد منهما أتى مع زوجته ولا مكان للزوجتين على متن الطائرة نفسها.
ويكشف التقرير قصة أخرى عن قائد الأركان الحالي غابي اشكنازي، عندما شغل منصب نائب قائد الأركان. ويقول التحقيق إن اشكنازي طلب نقله جواً من بيته، وعندما وصلت المروحية اتضح أنّه سيعتلي المروحية برفقة زوجته، لأنهما مدعوان إلى عرس. وكان على الطيار أيضاً أن يحط في المناطق المحتلة من أجل نقل قائد الأركان آنذاك موشيه يعلون، كونه سينضم إلى الزوج اشكنازي وسيذهبان معاً إلى العرس.
ويستعرض البرنامج تكلفة إقلاع المروحيات، مشيراً إلى أن إقلاع مروحية من طراز «بلاك هوك» لمدة ساعة يكلف خزينة إسرائيل ما يقارب 5 آلاف دولار على الأقل. ويكشف عن كيفية تحوّل المروحية إلى «سيارة شخصية» تنقل الجنرال من وإلى بيته، علماً بأنّ استعمال هذه المروحية من المفترض أن يقتصر على «الأغراض العسكرية».
وقال أحد الجنود الاسرائيليين إنَّ قائد المنطقة الجنوبية للجيش الإسرائيلي يوئاف جالنط «وصل إلى مقر قيادة الجيش في إسرائيل برفقة قائد الاركان، قبل فترة وجيزة. وكان الاثنان على متن مروحية واحدة. نزل قائد الأركان في المقر وطلب جالنط من الطيار نقله جواً إلى بيته الواقع في مدينة الخضيرة التي تبعد 20 دقيقة في الجو».
وأظهر البرنامج أن جالنط استغل المروحية للوصول إلى البيت علماً بأنَّ تل أبيب قريبة من الخضيرة وفي حال عودته بسيارته الخاصة، كان سيصل متأخراً 10 دقائق فقط عن وصوله بالمروحية (مع احتساب وقت الوصول من مهبط الطائرة إلى البيت)، وتبيّن أنَّ الـ10 دقائق كلفت إسرائيل ما لا يقل عن خمسة آلاف دولار.
في كشف للنقلات الجوية لجالنط، تبين أنَّه طلب عشرات النقلات الجوية على مدار أربعة أشهر غالبيتها كانت من وإلى البيت.
وعقّب قائد المنطقة الشمالية الاسرائيلي، الجنرال المتقاعد يوسي بيلد، أنّ القضية «لا تتوقف عند التكلفة المادية»، مبيناً أنَّها «قضية أخلاقية من الدرجة الأولى»، مشيراً إلى «أن الجيش الإسرائيلي فقد شيئاً أخلاقياً ملكه في السابق». وختم بيلد بالقول «سيغضب الجنرالات مني، ولكن لا حاجة إلى مروحية من أجل الوصول إلى البيت».
وروى جندي من وحدة السيطرة الجوية أنه في أحيان كثيرة يطلب الجنرالات نقلهم جواً في وقت تكون فيه مروحية واحدة معدة لحالة الطوارئ.
وقدَّر أحد الطيارين أنه لو أن مدراء اكبر الشركات الاقتصادية في اسرائيل استأجروا مروحية وتعاملوا مثلما يتعامل جنرالات الجيش لـ«أفلست هذه الشركات نتيجة المصاريف»، مشيراً إلى أنَّ «ما يفعله الجنرالات هو مهين أخلاقياً».