strong>يحيى دبوق
يبدو أن الهاجس الاسرائيلي من تنامي قوة الجيش السوري وتزوده بوسائل قتالية متطورة، بلغ حد الرهاب، وهو ما ينعكس بقوة ودورياً في تصريحات المسؤولين السياسيين والعسكريين الاسرائيليين وتسريباتهم.

وجهت اسرائيل امس انتقادات شديدة اللهجة الى روسيا، في اعقاب الانباء التي تحدثت عن نية موسكو تزويد الجيش السوري صواريخ متطورة مضادة للطائرات والدروع، وعبرت عن خشيتها من وصول هذه الصواريخ الى حزب الله.
ورأى النائب الأول لرئيس الحكومة الاسرائيلية شمعون بيريز أن «تزويد سوريا بالسلاح بمثابة حقنة تشجيع لدمشق على الذهاب إلى الحرب»، مضيفاً أن «سوريا تتأرجح بين رغبتها في السلام، وإغرائها بشن حرب، وتزويدها بالسلاح محفز» لها على شن حرب.
وتابع بيريز أن «الأمم المتحدة تعترف بأن عمليات تهريب الأسلحة من سوريا الى حزب الله مستمرة»، داعياً اسرائيل الى ممارسة ضغوط على موسكو لتتوقف عن تزويد دمشق بالسلاح.
أما الوزير السابق للخارجية الاسرائيلية، عضو الكنيست سيلفان شالوم (ليكود)، فقال من جهته إن «الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قرر على ما يبدو إعادة سوريا إلى مكانتها إبان عهد الإمبراطورية السوفياتية، وقرر أن يلعب بالنار»، مضيفاً أن «دمشق قد دفعت بالفعل المتوجبات المالية عليها لروسيا من خلال اموال تلقتها موسكو من ايران».
وكانت صحيفة «يديعوت احرونوت» قد نشرت امس تقريراً مطولاً عن الصواريخ الروسية الجديدة المنوي تزويد الجيش السوري بها. وقالت إن المؤسسة الامنية الاسرائيلية تشعر بالقلق الشديد من امكان تزود دمشق بشبكة اسلحة متطورة مضادة للدبابات «لم تشهد المنطقة مثيلاً لها من قبل».
ونقلت «يديعوت» عن مصادر امنية اسرائيلية قولها ان «الجيش السوري يتزود الآن بعدد كبير من صواريخ مضادة للدبابات، في اطار التطوير الذي يجتازه استناداً الى الدروس التي استخلصها من حرب لبنان الاخيرة، بما يشمل تطوير وحدات مضادة للدبابات اضافة الى زيادة عدد وحدات الكوماندوس في سلاح المشاة السوري».
واسهبت الصحيفة في شرح مزايا الصواريخ الجديدة المنوي تزويد الجيش السوري بها. وقالت «ان الصواريخ هي الاكثر تطوراً بين تلك الموجودة حالياً لدى الجيش الروسي، والتي هي ايضاً الافضل في العالم، ويسميها الروس كريزنتيما، بينما يطلق عليها حلف الأطلسي اي.تي ــــــ 15، وهي وريثة صواريخ الكورنت التي استخدمها حزب الله ضد دبابات الميركافا (الاسرائيلية) في لبنان».
وتابعت الصحيفة ان «المدى الفعال للصاروخ هو ستة كيلومترات، وهو مدى اطول من مدى مدافع اكثر الدبابات تطوراً في العالم، ويجري توجيهه من خلال رادار وأيضاً بأشعة ليزر مما يمكّنه من تخطي شبكات التشويش الموضوعة على الدبابات الحديثة، وهو ما يجعل الصاروخ فريداً ولا يضاهيه صاروخ آخر في العالم الغربي كله».
وعن المزايا الاضافية التي تقلق الجيش الاسرائيلي، اضافت الصحيفة، ان «الصاروخ مزود برأس متفجر مزدوج يسمح بخرق التحصين المدرع في الدبابات الموضوعة حالياً في خدمة الجيوش الغربية ومن بينها الجيش الاسرائيلي، وجرى تطوير رأسه المتفجر لاختراق التحصينات الثابتة مثل الملاجئ تحت الارض والمباني، ويكفي مطلق الصاروخ ان يوجهه نحو الهدف من دون ان يتابع توجيهه لاحقاً».
وبحسب «يديعوت أحرونوت»، فإن الجهات التي تدفع باتجاه بيع أسلحة لسوريا هي الصناعات العسكرية الروسية «التي تخوض صراع قوى مع الحكم المركزي الروسي»، مضيفة ان «تجارب الماضي تشير إلى أن الصناعات العسكرية الروسية كانت تنتصر دائماً في صراعات القوى» في روسيا.
وحذرت الصحيفة من تداعيات الصاروخ على القدرات العسكرية الاسرائيلية، فاذا «نقل الروس بالفعل صواريخ كريزنتيما الى سوريا، فمن المعقول الافتراض بأنها ستصل في نهاية الامر الى حزب الله، مثلما وصلته صواريخ الكورنت»، مضيفة أن «وجود الصاروخ الجديد سيفرض تحدياً في غاية القسوة على القوات المدرعة الاسرائيلية، وعلى شبكة التحصينات الواقية التي تقرر شراؤها للدبابات، في أعقاب الدروس التي استخلصت من الحرب الاخيرة في لبنان».
استعدادات عسكرية سورية
وحذر مسؤولون عسكريون اسرائيليون امس من الجهود السورية المبذولة في الاشهر القليلة الماضية لإقامة بنية تحتية عسكرية في المناطق المقابلة لهضبة الجولان «يمكن ان تستخدم لشن حرب على اسرائيل».
وطبقاً لمسؤول امني اسرائيلي رفيع المستوى، تحدث لصحيفة «جيروزاليم بوست» التي لم تسمّه، فإن «الجيش السوري حرك بنية تحتية عسكرية، بما يشمل مستودعات الوقود، إلى اماكن قريبة من الحدود، اضافة الى بناء منشآت تحتية يمكن أن تستخدم مخازن للاسلحة وقواعد عسكرية»، مضيفاً انه «ليس هناك شك في أن شيئاً ما غير اعتيادي يحدث على الجانب السوري من الحدود».
واستصرحت الصحيفة بواسطة الهاتف قائد قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك في الجولان (UNDOF)، العميد ولفغانغ جيلك، الذي انكر وجود تغيير عسكري على الارض، وأضاف «من وجهة نظرنا، إن الوضع هادئ ولا إشارة إلى أي تغيير في الاسابيع أو الأشهر الماضية»، ذلك ان قوة المراقبة الدولية تعمل على اجراء مسح اسبوعي للمناطق المنزوعة السلاح بين سوريا وإسرائيل في مرتفعات الجولان.
واشارت الصحيفة نفسها إلى ان الجيش الإسرائيلي يقوم بجمع معلومات استخبارية عن سوريا يومياً، ويستخدم اساليب وتقنيات متقدمة جداً.
من جهته، تطرق المراسل العسكري لصحيفة «يديعوت احرونوت»، اليكس فيشمان، للاستعدادات العسكرية السورية، وقال ان «التشديد في بناء القوة العسكرية السورية يتركز على الوحدات المتحركة المضادة للدبابات، على حساب وحدات المدرعات الثقيلة». واضاف انه «كقاعدة، فان انتشار الجيش السوري وتدريباته في السنة الاخيرة كان دفاعياً، فالسوريون يبنون جيشهم لكي تكون تحت تصرفهم كتلة كبيرة من القوة المضادة للدبابات، وهدفهم ان يصلوا الى قدرة تصدّ لكل محاولة اسرائيلية للاقتحام بواسطة قوة برية الى سوريا عبر هضبة الجولان، واصطدامها بكمين كبير مضاد للدبابات».
ونقل فيشمان عن مصادر امنية اسرائيلية تقديرها أن «يستكمل الجيش البري السوري ثورته الحالية في غضون ثلاث الى اربع سنوات». وأكدت المصادر: «سنرى جيشاً برياً سورياً مختلفاً عما عرفناه حتى اليوم».