محمد بدير
بدأ القلق الإسرائيلي من إمكان أن يحقق تشكيل حكومة الوحدة الفلسطينية اختراقاً في جدار الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني منذ أكثر من عام، يأخذ منحى أكثر توجساً مع تنامي الخشية من أن ينعكس الأمر على الموقف الأميركي، فيؤدي إلى تليينه، تحت ضغط الروس وبعض الأوروبيين.
وتداركاً لذلك، بادرت إسرائيل إلى تحرك استباقي، فأرسل رئيس وزرائها، إيهود أولمرت، وفداً من كبار مساعديه إلى العاصمة الأميركية لإقناع المسؤولين فيها بالإصرار على معارضة إجراء أي حوار مع حركة «حماس»، أو مع حكومة الوحدة الفلسطينية، ما لم تذعن لشروط الرباعية الدولية القاضية بالاعتراف بإسرائيل والاتفاقيات الموقعة معها ونبذ «الإرهاب».
ويضم الوفد رئيس طاقم مكتب رئاسة الوزراء، تورام توربوفيتش، والمستشار السياسي لأولمرت، شالوم ترجمان، ومن المقرر أن يلتقي في واشنطن بمستشار الأمن القومي ستيف هادلي، ونائبه أليوت أبرامز ومساعدة وزيرة الخارجية ديفيد ولش.
وأكدت تقارير إعلامية إسرائيلية أن مهمة الوفد تأتي على خلفية وجود تخوف إسرائيلي من حدوث تغيير في موقف الإدارة الأميركية فتوافق على الاتصال بحكومة «فتح ــــــ حماس» استجابة لضغوط يمارسها عليها بعض أعضاء الرباعية الدولية، وفي مقدمتهم فرنسا، التي كانت قد أعلنت أنها ستتعاون مع حكومة الوحدة الفلسطينية.
وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن الجهود الإسرائيلية المضادة لهذه الضغوط ستشتد مع اقتراب موعد انعقاد الرباعية الدولية المقرر الشهر المقبل، الذي سيخصص للبحث في استئناف الحوار السياسي بين إسرائيل والسلطة الفسلطينية.
ونقلت وكالة «فرانس برس» عن مسؤولة إسرائيلية، رفضت الكشف عن اسمها، قولها إن زيارة الوفد الإسرائيلي إلى واشنطن تهدف أيضاً إلى التمهيد للقاء الجديد، الثالث من نوعه، بين أولمرت ورئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، مشيرة إلى أنه قد يعقد في منتصف الشهر الجاري.
وكان نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي، شمعون بيريز، قد قال في برنامج تلفزيوني أول من أمس إنه لا يستبعد إجراء حوار مع حركة «حماس» إذا «كانت راغبة في التفاوض والاعتراف بإسرائيل وتحقيق السلام».
وفي سياق متصل، أعلن سكرتير الحكومة الإسرائيلية، يسرائيل ميمون، إن إسرائيل على اتصال دائم بدول إسلامية سنية وصفها بالمعتدلة. وأوضح ميمون، في كلمة ألقاها خلال اجتماع لصغار الصناعيين الإسرائيليين، أن هذه الدول تؤيد النهج الذي يهدف إلى عزل حركة «حماس» لأنها تدرك أن هناك رغبة إيرانية في السيطرة على الجمهور العربي.
وعلّق ميمون على اتفاق مكة قائلاً إنه لم ينتج ما كانت تطمح إليه إسرائيل، «إلا أنه في حال موافقة حكومة حماس بشكل لا لبس فيه على شروط الرباعية، فإنه لن يكون هناك أي سبب لعدم الجلوس والتفاوض معها، لأنها لن تكون حينئذ حماس التي نعرفها». وأضاف أنه رغم اتفاق مكة، فإن إسرائيل «لن تحطم الأدوات مع أبو مازن، وستواصل التحاور معه، وستفرق بين الفلسطينيين المعتدلين والمتطرفين».
وتطرق ميمون إلى الوضع في قطاع غزة، فرأى أنه في ذروة السوء لجهة استمرار تدفق الأسلحة والمواد المتفجرة والخبرات العسكرية من خلال عمليات التهريب عبر الحدود مع مصر، إضافة إلى مواصلة بناء الأنفاق تحت الأرض. وأشار إلى أن ذلك كله يحدث ضمن إطار مراكمة حماس للقوة استعداداً لمواجهة مقبلة.