محمد بدير
تترقب الحلبة السياسية الإسرائيلية، بتوتر شديد، ما ستقرره اليوم المحكمة العليا في شأن نشر الملخص الأوليّ لتقرير مراقب الدولة المتعلق بأداء الحكومة والجيش في «الجبهة الداخلية» خلال العدوان الأخير على لبنان الصيف الماضي.
وعلى وقع التسريبات التي كشفت بعضاً من نتائج التحقيق، احتدم الخلاف بين طرفي النزاع ليتخذ، ككل شيء في إسرائيل، طابعاً سياسياً، رغم أن المعنيين الأساسيين فيه جهات رسمية، يُفترض بها أن تكون بعيدة عن تجاذبات السياسة الحزبية، كما هو شأن مؤسسة مراقب الدولة، أو الجيش الإسرائيليورغم معارضة كل من الجيش ورئاسة الحكومة، يصر رئيس لجنة مراقبة الدولة في الكنيست، زفولون أورليف (من حزب المفدال المعارض) على عقد اجتماع للجنة اليوم يتم فيه استعراض ملخص التقرير الأولي الذي أعده مراقب الدولة، ميخائيل لندنشتراوس، ويفصّل فيه الإخفاقات وأوجه التقصير والفشل، التي انطوت عليها إدارة الجبهة الداخلية إبان الحرب، سواء من جانب الأجهزة الحكومية المدنية، أو من جانب قيادة «الجبهة الخلفية» التابعة للجيش، التي تقدم قائدها، الجنرال إسحاق غرشون، أمس بالتماس للمحكمة العليا يطلب فيه تأخير نشر التقرير ريثما يعد الجيش ردوده عليه بعد الإطلاع الوافي.
وإذا كان الجيش يطالب بحق الرد على الاتهامات التي يتضمنها التقرير ضده، فإن ما يخشاه رئيس الوزراء ايهود أولمرت هو أن يمثّل التقرير، بما يتضمنه من فضائح، ورغم الطابع غير الملزم قانوناً لتوصياته، ضربة معنوية وسياسية له تمهد بإعطاء الزخم للضربة المتوقعة من تقرير لجنة فينوغراد بعد أيام، فتصبح الأخيرة قاضية على مستقبله السياسي كرئيس للحكومة.
كما يخشى أولمرت أن تدفع توصيات تقرير لندنشتراوس لجنة الرقابة إلى استغلال حقها القانوني والإعلان عن إنشاء لجنة تحقيق رسمية، وهو الأمر الذي لا يخفي رئيس اللجنة رغبته في حصوله، برغم سعي أولمرت الحثيث إلى التهرب منه.
ولذلك، شن أولمرت هجوماً استباقياً عنيفاً، هو الأول من نوعه، على مراقب الدولة، اتهمه فيه باستهدافه شخصياً، وبالكذب والاستخفاف بالقانون. ودعا أولمرت، في رسالة وجهها إلى رئيسة الكنيست، داليا إيتسيك، إلى التحقيق مع مراقب الدولة في شأن التسريبات الصادرة عن مكتبه عن نتائج تقريره، معتبراً أنها تمثّل مخالفة جنائية. كما أكد أولمرت أنه متمسك بحقه وحق أجهزة الأمن والجيش والشرطة ووزارة الداخلية ومؤسسات الحكم المحلي بالرد على ما جاء في التقرير قبل أن ينشره المراقب. وكانت المواجهة بين أولمرت ولندنشتراوس اندلعت يوم الجمعة الماضي، عندما كشفت تقارير إعلامية أن رئيس الحكومة رفض حتى الآن المثول أمام لجنة التحقيق التابعة لمراقب الدولة، كما أنه لم يجب عن الأسئلة المكتوبة التي أُرسلت إليه، الأمر الذي دفع لندنشتراوس إلى اتخاذ قرار بنشر تقريره من دون اشتماله على إفادة أولمرت.
ويمثّل التقرير خلاصة تحقيق شامل أجراه مكتب مراقب الدولة في شأن أداء أجهزة الإغاثة والإطفاء والشرطة ومخزونات الطوارئ والبيئة وتخزين المواد الخطرة ونقلها واعداد الملاجئ خلال فترة الحرب.
ونشرت صحيفة «هآرتس» أمس جزءاً من هذه الخلاصة، أظهر وجود إهمال كبير في كل المجالات المذكورة.
ووجد مراقب الدولة أن وزير الدفاع الإسرائيلي عامير بيرتس قرر عدم الإعلان عن حالة طوارئ التي من شأنها أن تؤدي إلى تنسيق العمليات التي تنفذها الهيئات المختلفة، فيما وجه انتقادات شديدة إلى أولمرت أهمها عدم إعلانه أن إسرائيل في حرب إلا متأخراً.
وبانتظار قرار المحكمة العليا، أخذ لندنشتراوس وأورليف خطوة إلى الوراء وأعلنا أن الخلاصة التي ستعرض أمام لجنة الرقابة البرلمانية اليوم ستكون عامة ولن تتضمن الاتهامات الشخصية أو المؤسساتية التي ستجد مكانها في التقرير النهائي.