محمد بدير
الجنون والنفاق والإحساس العميق باليأس والاشمئزاز. كلماتٌ اختصر فيها معلقون إسرائيليون المشهد العام للحلبة السياسية في دولتهم خلال الأيام الماضية، وهي أيام انشدّ فيها النقاش العام إلى اللغط الذي دار حول قضية تقرير مراقب الدولة حول إخفاقات الجبهة الداخلية إبان الحرب.
إطلالة سريعة على تعليقات الصحف العبرية، التي واكبت هذا الحدث، تُظهر أن إسرائيل، في نظر نخبتها، بدأت تستوعب أن الانحدار الحاد الذي تشهده في الأعوام الأخيرة في معايير الحكم والإدارة، أصبح يدنيها شيئاً فشيئاً من دول العالم الثالث.
وهكذا، تصف صحيفة «هآرتس» السجال الذي حصل حول نشر تقرير مراقب الدولة بـ«المسرحية التآمرية التي وصلت ذروتها في النقاش الذي شهدته لجنة الرقابة البرلمانية بشأنه، والذي جرى تحت عنوان إبداء القلق والحرص على سكان المنطقة الشمالية، إلا أنه لم يكن في واقع الأمر إلا تصفية حسابات شخصية متبلة بالكثير من السموم».
وإذ ترى «هآرتس» أن قضية مصيرية، بحجم تعرض الجبهة الداخلية للضربات خلال الحرب، تحولت في الواقع إلى صراع على المكانة الاعتبارية لكل من الأطراف المتورطين. وتضيف أن هذا المشهد «كان مثيراً للغضب بصورة خاصة، لأنه كشف الفجوة الهائلة بين المواقف المعلنة لقادة الدولة ودوافعهم الحقيقية. فأعضاء اللجنة تحدثوا بلهفة عن قلقهم على سكان الشمال، بينما كان اهتمامهم الحقيقي مُنصباً على تحقيق مكاسب سياسية من الحدث».
إنه «سيرك البراغيث»، بحسب «هآرتس»، وتوافقها «يديعوت أحرونوت» الوصف. ففي خضم الهرج والمرج «ابتلعت الأصوات التي كان يجب أن تُسمع، وتلاشت الموضوعات المبدئية التي كان يجب بيانها»، وانجر الجمهور الإسرائيلي «حائراً ليشهد خيبة أمل في دوامة قضائية مقززة، لا طائل منها، تجري قبالة عينيه وعلى حسابه».
وتتابع «يديعوت»: «ماذا سيبقى إذاً بعد نهاية السيرك الذي جرى أمس في المحكمة العليا، وفي جلسة الحكومة، وفي لجنة رقابة الدولة، فوق الإحساس العميق بالاشمئزاز واليأس؟ ليس الأمر واضحاً»، إذ حتى المحاسبة في صناديق الاقتراع تحول دونها «الصناعة المتشعبة لشراء الأصوات، التي يقودها خبراء الدعاية والعلاقات العامة».