strong>محمد بدير
قالت صحيفة «هآرتس» الاسرائيلية أمس، إن الحظر الاميركي على اجراء محادثات مع سوريا «لم يعد مقدساً كما يظهر»، وعرضت الصحيفة في هذا السياق العديد من المحطات التي رأت فيها إشارات في هذا الاتجاه.
وذكرت «هآرتس» انه في اعقاب نشرها تقريراً عن «القناة السويسرية» التي كانت تهدف إلى التوصل لمسودة اتفاق بين سوريا واسرائيل، دُعي المدير السابق لوزارة الخارجية، المشارك في المحادثات عن الطرف الاسرائيلي، الون ليئال، الى السفارة الأميركية في تل أبيب لتقديم تقرير عن الاتصالات التي أجراها مع السوريين. وأوضحت أن كل الطاقم السياسي للسفارة شارك حينها في ذلك اللقاء باستثناء السفير نفسه. ولم يتوقف، بحسب الصحيفة، الامر عند هذا الحد. اذ دُعي الوسيط السويسري الخاص في تلك المباحثات، نيكولاس لينك، الذي كان رجل الارتباط بين الإسرائيليين والنظام السوري، الى واشنطن حيث وضع كبار المسؤولين في الخارجية الأميركية وفي مجلس الأمن القومي في تفاصيل اللقاءات ونتائجها.
وذكرت الصحيفة ان قرار دمشق إرسال ممثل عنها الى مؤتمر بغداد المزمع عقده غداً بهدف التباحث في حل الازمة العراقية «دليل آخر على رأب الصدع السوري ــــــ الاميركي». ووضعت ارسال الولايات المتحدة مساعد وزيرة الخارجية الأميركية ايلان سوربري في زيارة عمل الى العاصمة السورية، لحل مشكلة اللاجئين العراقيين، ضمن هذا السياق. وأوضحت انه رغم اعلان المتحدث باسم الخارجية الأميركية عن أن المسؤولة الرفيعة التي زارت سوريا، ليست منفردة وهي ملحقة بالمفوض الأعلى للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، رأت أنه «من الصعب تجاهل كون سوربري هي المسؤولة الأميركية الأرفع التي تطأ قدمها ارض سوريا في العامين الأخيرين».
ونقلت الصحيفة عن مسؤول اسرائيلي زار واشنطن في الآونة الأخيرة قوله «إن المسؤولين الأميركيين همسوا في أذنيه بأن الولايات المتحدة تتحدث مع سوريا، لكنهم طلبوا منه ألا يُحدث أحداً» في ذلك.
وذكَّرت الصحيفة، في معرض الحديث عن ليونة ما على خط العلاقات السورية ــــــ الاميركية، بمفاجأة واشنطن لتل أبيب، عندما توصلت الى مصالحة سياسية مع النظام الليبي وزعيمه العقيد معمر القذافي.
وذكرت «هآرتس» أن المواطن الاميركي، السوري الأصل، إبراهيم سليمان، الذي أدار المحادثات نيابة عن النظام السوري في قضية «القناة السويسرية»، سيمثل امام لجنة الخارجية والامن التابعة للكنيست، في الثاني عشر من شهر نيسان المقبل، كي يقدم تقريره عن آخر الاتصالات السورية ــــــ الاسرائيلية، رغم ان دمشق سبق أن أعلنت أنه لا يمثلها، ونقلت صحيفة «يديعوت احرونوت» عنه شخصياً قوله إنه لم يكن يمثل سوريا في المفاوضات التي جرت مع ليئال، الذي وصفه اولمرت بأنه يفاوض نفسه.
وفي هذا الاطار، أشارت «هآرتس» إلى أنها المرة الاولى التي يجري فيها استدعاء شخصية اجنبية من دولة معادية، رغم انه اميركي من اصل سوري، كي يقدم تقريره امام لجنة تابعة للكنيست. وسيقدم ممثل إسرائيل، ألون ليئيل، تقريراً عن المحادثات في «القناة السويسرية».
ويأتي هذا الاعلان في اعقاب توجه رئيس لجنة الخارجية والأمن، تساحي هنغبي، قبل أسبوعين، إلى رئيس كتلة «ميرتس» زهافا غلؤون، وإبلاغها أنه قد استجاب لطلبها بإجراء هذا النقاش في اللجنة، وطالبها بأن تؤكد استعداد ليئيل وسليمان للمشاركة، وهو ما فعلاه.
ويأتي هذا القرار من هنغبي، رغم نفي اولمرت اي صفة رسمية او اي علم مسبق بهذه المحادثات، ووصفه سليمان بأنه «شخص يهذي».
ويأتي عرض «هآرتس» لما رأته أدلة على «محاولات اميركية لجس نبض سوريا» بعدما كانت نقلت عن وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس، خلال زيارتها الاخيرة للقدس المحتلة في شهر كانون الثاني الماضي، «أن على إسرائيل أن تمتنع عن أي اتصال بسوريا بما في ذلك دراسة مقترحات دمشق لإجراء محادثات سلمية».
لكن الصحيفة قالت ان طلب رايس دخل «بوابة مفتوحة في ديوان رئيس الوزراء»، انطلاقاً من ان المصائب القائمة تكفيه اصلاً من دون الدخول في محادثات مع سوريا وتعريض نفسه لنيران المستوطنين في هضبة الجولان. لكنها اضافت أنه رغم كل ذلك «يوجد هناك في واشنطن من يقومون بجس نبض نافذة الفرص التي يمكن من خلالها إخراج سوريا من محور الشر».
يذكر أن «هآرتس» سبق ان نشرت تقريراً يتحدث عما اطلق عليه «القناة السويسرية»، التي تم تقديمها على انها محادثات سورية ــــــ اسرائيلية بواسطة سليمان وليئيل، اسفرت عن بلورة وثيقة تفاهم غير موقعة، تنسحب إسرائيل بموجبها إلى خطوط الرابع من حزيران 1967، فيما يجري تقسيم المنطقة المحاذية للحدود بنسبة 1/4 لمصلحة إسرائيل، ويتم في المنطقة الفاصلة على طول بحيرة طبرية، التي ستتحكم بمياهها الدولة العبرية، إقامة منتزه مشترك، يمتد على جزء من أرض الجولان. وتضمن التفاهم، السماح للإسرائيليين بالدخول الى المنتزه من دون تأشيرة دخول سورية. ولم يتم خلالها المحادثات الاتفاق على مدة الانسحاب، حيث طلب سليمان استكماله خلال 5 سنوات، فيما طلب ليئيل أن يتم ذلك خلال 15 عاماً.