حيفا ــ الأخبار
“أنا لا أنام في الليل. أخاف من النوم في الحافلة في طريقي إلى العمل. أخاف أن أنام وأحلم بكابوس فأصرخ ويراني الركاب”. بهذه الكلمات عبر احد جنود العدو الاسرائيلي، الخارجين من حرب لبنان، عن مشكلات نفسية، تحوّلت عند بعضهم إلى مشكلات مزمنة، وذلك في تحقيق نشرته صحيفة “يديعوت احرونوت”، في ملحقها السياسي أمس.
وأشار تحقيق الصحيفة الإسرائيلية الموسّع عن المصابين بـ “صدمة الحرب”، إلى أنَّ مئات الجنود الإسرائيليين، وخصوصاً جنود الاحتياط منهم، “أصيبوا بصدمة مزمنة”. ونقلت عن اختصاصيين نفسيين قولهم إنَّ عودة ثلث جنود الاحتياط الاسرائيلي إلى بيوتهم، “كانت صعبة للغاية”.
وقالت الصحيفة إنَّ أكثر من 400 جندي احتياط اسرائيلي، توجّهوا إلى وزارة الدفاع طالبين العلاج، بينهم 250 جندياً عرّفوا على أنَّهم يعانون حالات “صدمة حرب”.
ويقدّر مسؤولون في وزارة الدفاع الإسرائيلية أن عدد المصابين سيزداد بالمئات، وخصوصاً بعد انتشار الحالة بين صفوف الجنود النظاميين ومن لم تنتشر بينهم الظاهرة.
وأشارت الصحيفة إلى أنّهَ من الواضح أنَّ الاخفاقات الاسرائيلية في حرب لبنان، والتي تعالجها لجنة التحقيق “فينوغراد”، أثّرت كثيراً على نفسية الجنود الإسرائيليين.
ويعبّر جنود الاحتياط الاسرائيليون عن الصدمة في أعقاب فقدانهم الثقة بقيادة الجيش والتخبّط اثناء الدخول إلى لبنان والتعاطي مع “الأجواء الصعبة” عند العودة إلى إسرائيل وخلال العدوان نفسه.
وقابلت الصحيفة عدداً من الجنود الاسرائيليين العائدين من لبنان، وتحدّثوا كلهم عن ظواهر نفسية صعبة للغاية تتلخص بالأرق وكوابيس، ونوبات خوف وعصبية، وتبويل في الليل. وتُبيّن الأبحاث أنَّ هذه الظواهر، إذا ظلت بعد ثلاثة أشهر من الحرب، فهذا يعني أنَّ النوبات المؤقتة تتحول فيما بعد إلى “صدمة مزمنة”.
وأشارت الصحيفة إلى أنَّ وزارة الدفاع الاسرائيلية تستصعب قول هذا بوضوح، لكن كل من حارب في المعارك الصعبة داخل لبنان في شهري تموز وآب، يعاني اليوم حالات نفسية صعبة للغاية.
وتقول الصحيفة إنَّ هناك أحداثاً كثيرة في العدوان على لبنان أدَّت إلى حدوث الكثير من الحالات النفسية الصعبة. منها: معارك دبل ووادي سلوقي وبنت جبيل وهجوم الكاتيوشا على كفار جلعادي، الذي قتل فيه أكثر من 12 جندياً إسرائيلياً.
وقال أحـــــــــــد الجنود ممن اصيبوا بصدمــــــــة الحــــــــرب “لا أنــــــــام، أتناول حبوباً طوال الوقت. لا استطيع الجلوس في مقهــــــــى. الناس يعيدونني إلى ذلك البيــــــــت الذي ملأه الجنود. عندما اكتشــــــــفونا ونحن هناك وبدأوا (حزب الله) في اطلاق النار علينا”. وأضاف: “تركت صديقــــــــتي، أنا لست مستعداً اليوم لقول كلمة طيبة. يريدون منحي شهادة تقدير لكني ارفض. أعيدوا لي حياتي. أعيدوني إلى ما كنت عليه قبل الحرب”.
وذكر التقرير أن الجندي “ر” غادر لبنان الى المستشفى وقبع هناك فترة اسبوع. ومنذ خروجه من هناك وهو يتلقى العلاج في أذنيه وأنفه إضافة إلى العلاج النفسي الصعب، مشيراً الى أنَّه “لا ينام ويتناول الحبوب يومياً ويصاب بنوبات غضب من كل من يقترب منه”.
ويقول جندي آخر “طلب مني معالجي أن اعود الى الاحتياط كي اغلق الدائرة التي فتحتها. لكن انا لا اعرف. من حظي أن المرض النفسي تفشّى في هذه الآونة. أنا متأكد من أن هناك من سيصاب بالصدمة بعد 15 عاماً”.