strong>محمد بدير
أطلقت إخفاقات الحرب الأخيرة موسم المناوارات والتدريبات في إسرائيل، التي يبدو أن حجمها غير المسبوق يهدف إلى محاكاة الحجم نفسه لفشل العدوان. وفي هذا الإطار، قررت «قيادة الجبهة الداخلية»، المسؤولة عن وضع الداخل الإسرائيلي خلال حالات الحرب، إجراء مناورة هي الأكبر في تاريخ الدولة العبرية، في محاولة منها للاستعداد للعدوان المقبل!

تخضع إسرائيل اليوم لأكبر مناورة في تاريخها تحاكي أشكالاً مختلفة من الهجمات التقليدية وغير التقليدية على أهداف متنوعة فيها. ويشارك في المناورة، التي هي في الواقع سلسلة من المناورت المتفرقة، كل أذرع «الدفاع المدني»، كنجمة داوود الحمراء وخدمات الإطفاء، إضافة إلى الشرطة وأجهزة أمنية مختلفة، فضلاً عن وزارات حكومية معنية كالصحة والبيئة والداخلية، والسلطات البلدية.
وتشرف «قيادة الجبهة الداخلية»، التابعة للجيش، على المناورة التي أطلق عليها اسم «نقطة تحول» في دلالة على أنها تمثّل محطة فاصلة عن المرحلة السابقة التي كانت الإخفاقات الفضائحية في عدوان تموز
علامتها الفارقة.
وستبدأ المناورة عند الساعة الثانية عصراً، حيث ستطلق، وللمرة الأولى في حالة من نوع كهذا، صفارات الإنذار في غالبية المناطق الإسرائيلية لمدة دقيقة ونصف دقيقة. واستُثنيت المنطقة الشمالية ومنطقة «غلاف غزة» من إطلاق الصفارات نظراً لحساسية الوضع فيهما لجهة حالات الخوف والهلع التي عايشوها خلال عدوان تموز ويعايشونها الآن مع السقوط المتواصل لصواريخ «القسام».
وأفادت تقارير إعلامية إسرائيلية أن هدف هذه المناورات هو الوقوف على جهوزية الجبهة الداخلية لسيناريوهات طارئة متعددة، بدءاً بـ«هجمات إرهابية» تقليدية وغير تقليدية، مروراً بهجوم صاروخي من الحجم الصغير كالكاتيوشا والقسام، وانتهاءً بسقوط صواريخ بالستية تحمل رؤوساً تفجيرية مختلفة على تجمعات سكنية، وكذلك على منشآت استراتيجية كمحطات الطاقة.
وبحسب المصادر الإسرائيلية، فإن التركيز في إجراءات المناورة سيكون عبر تطبيق الدروس المستخلصة من حرب لبنان، ومن بينها التنسيق بين مختلف الأجهزة والجهات في معالجة تداعيات الهجمات في الداخل الإسرائيلي.
وتجري المناورات، التي ستكلف الخزينة الإسرائيلية نحو مليوني شيكل (400 ألف دولار)، في ظل المواجهة التي خاضها قائد الجبهة الداخلية، الجنرال إسحاق غرشون، مع مراقب الدولة، ميخائيل لندنشتراوس، على خلفية نية الأخير نشر تقرير في شأن إخفاقات «قيادة الجبهة الداخلية» خلال حرب تموز.
وفي ما بدا أنه خطوة استباقية، أعلن غرشون أمس أن الدروس التي استُخلصت من إخفاقات الحرب، والتي أشار إليها مراقب الدولة في تقريره، ستطبق في هذه المناورة.
وأقر غرشون في إيجاز مع الصحافيين عشية المناورة أن قيادته ارتكبت أخطاءً، داعياً إلى إعطاء الفرصة لتصحيحها قبل نشرها. وأضاف «إن الانتقال من الوضع العادي إلى حالة الطوارئ خلال الحرب تم بصعوبة. لقد كانت هناك صعوبات في الشرح الفوري في وسائل الإعلام وتوجيه السكان نظراً لاختلاف اللغات».
وأوضح غرشون إن المناورة هي الأولى من نوعها وهي ستعكس دمج الجهود العسكرية والمدنية في الجبهة الداخلية، وستحاكي نشاطات «إرهابية» مختلفة، «من صناعة القاعدة، كما في أماكن أخرى من العالم التي قد تصل إلى إسرائيل، إضافة إلى استخدام مواد غير تقليدية كما يحصل في العراق، وسقوط صواريخ كما حصل خلال الحرب مع لبنان إضافة إلى صواريخ بعيدة المدى».
من جانبه، قال نائب وزير الدفاع، افرايم سنيه، «إن الأمر يتعلق بمناورة غير عادية من حيث الحجم، وهي جزء من عملية بناء جهوزية الجيش والشرطة والدولة في أعقاب الحرب، ونحن في أوج هذه العملية».