«هآرتس» ـــ الوف بن
يعتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت أنه لا يجب رفع الضغط السياسي عن «حماس»، ولا يجب التنازل عن «شروط الرباعية الثلاثة» التي طرحت على الحكومة الفلسطينية: الاعتراف بإسرائيل، التخلي عن الإرهاب واحترام الاتفاقات السابقة. ويرى أن قبول الشروط سيؤهل وزراء «حماس» كشركاء في المفاوضات السياسية، ولكن حتى تلك اللحظة يجب إبقاؤهم خارج جدار الشرعية.
ويعتقد أولمرت أن شروط الرباعية تقوِّض أسس وجود «حماس»، وأن الإصرار عليها يضع إسرائيل في موقف دولي مريح. وما دام رئيس الوزراء يواصل لقاءاته مع رئيس السلطة محمود عباس ويلمح بذلك إلى استعداده للمفاوضات السياسية، وما دامت إسرائيل تمتنع عن عملية عسكرية واسعة ضد حماس في غزة، فإن العالم سيتناغم مع الموقف الإسرائيلي.
مبعوثو أولمرت سبق أن سمعوا قبل نحو عشرة أيام في واشنطن أن الإدارة الأميركية ستتحدث مع وزراء «فتح» في حكومة الوحدة الفلسطينية، وقد وصلت رسائل مشابهة من أوروبا أيضاً. لكن، في مكتب رئيس الوزراء أشاروا أمس (الأحد) برضى إلى أنه رغم بعض التخفيف في حدة مسألة الاتصالات مع الوزراء الفلسطينيين، فإن المقاطعة الاقتصادية للحكومة الفلسطينية لا تزال على حالها. وكان أولمرت قد حذر عباس الأسبوع الماضي من مغبة تعيين مقرّبيه وزراء وذلك كي لا تقطع إسرائيل الاتصال بهم. وفهم عباس التلميح. وبقي كبار مسؤولي «فتح»، الذين هم على اتصال بأولمرت ومكتبه، خارج الحكومة، وستستمر الاتصالات معهم.
وعليه، تنجح إسرائيل حالياً في التملص من المعضلة التي تضعها أمامها حكومة الوحدة الفلسطينية: هل ينبغي تخفيف الضغط والشروع في حديث مع «حماس»؟ ومتى؟
يمكن ذكر ستة أسباب لحوار إسرائيلي مع «حماس». أولاً، من أجل الحوار مع الجهة القوية في الجانب الفلسطيني. ثانياً، التزام حماس بوقف النار مع إسرائيل، رغم أنها لا تفرضه على الجهاد الإسلامي. ثالثاً، منذ أن وافقت «حماس» على وقف النار قبل أكثر من سنتين، انخفض عدد القتلى الإسرائيليين بقدر أكبر مما حصل في العمليات في عهد «فتح». رابعاً، حماس هي حركة أكثر انضباطاً وترتيباً من «فتح». خامساً، حماس تزعج إسرائيل أقل بكثير من «فتح» بالادّعاءات بالمس بحقوق الإنسان، بالحواجز وبالجدار.
سادساً، وهو الأهم، الفجوة بين مواقف «حماس» ومواقف أولمرت ووزيرة الخارجية تسيبي ليفني أضيق بكثير مما تبدو. فالهدنة، وهي وقف نار طويل الأمد، التي تقترحها «حماس» على إسرائيل، ليست بعيدة في جوهرها عن التسوية الانتقالية الطويلة المدى، التي يقترحها أولمرت وليفني على الفلسطينيين. أولمرت وليفني واسماعيل هنية شركاء في معارضتهم للتسوية الدائمة التي يحاول عباس دفعها. ويمكن لأولمرت أن يدّعي بأن ضغطه هو الذي دفع «حماس»، بالتدريج، الى الاعتدال.
لكن رغم هذه الأسباب، لا جدال داخلياً في إسرائيل حول مسألة الحديث مع «حماس». اليسار الذي قاد في الماضي إسرائيل للاعتراف بمنظمة التحرير ملتزم تجاه عباس ورفاقه من «فتح». المؤسسة الأمنية ـــ الاستخبارية تخشى من الإضرار بالعلاقات مع مصر والأردن، اللتين تريدان صدّ الحركات الإسلامية في نطاقهما، وستجدان صعوبة في استيعاب الشرعية الإسرائيلية للذراع الفلسطيني من «الإخوان» المسلمين. وزيرا العمل يولي تمير وغالب مجادلة، اللذان امتنعا أمس عن التصويت على مقاطعة حكومة الوحدة الفلسطينية، أشارا إلى الشرخ في الموقف الإسرائيلي. لكنهما لم يتلقّيا إسناداً من رفاقهما، الذين صوّتوا مع أولمرت.
وللأسباب نفسها ـــ التأييد لعباس والاعتبارات الإقليمية ـــ لا يوجد أيضا ضغط خارجي على أولمرت لتغيير موقفه. السعوديون فخورون بنجاحهم في إدخال حماس «إلى الخيمة»، وتقريب الحركة من المسيرة السياسية. لكنهم أيضاً لم ينجحوا حالياً في انتزاع اعتراف «حماس» بإسرائيل، حتى ولو بشكل غير مباشر. وطالما كان هذا هو الوضع، فلا ينبغي توقع تغيير حقيقي في موقف أولمرت، أو بروز جدال جدي في إسرائيل. وفقط إذا ما تغير الموقف الدولي أو اعتدلت «حماس» فجأة في معارضتها لشروط الرباعية، فإن إسرائيل ستكون مطالبة بالتصدي الجدي لمسألة الحوار مع «حماس».