يديعوت أحرونوت» ـــ سيفر بلوتسكر
خلافاً لآمال «جهات سياسية في القدس» وتنبؤات «جهات تقدير رسمية»، أصبحت حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية حقيقة قائمة. ومع إقامتها أصيبت إسرائيل بهزيمتها السياسية الكبرى منذ سنين طويلة. لقد أخذ تشكيل حكومة الوحدة الفلسطينية إسرائيل ـ الدولة كلها، لا الحكومة فقط ـ على حين غرة، فبدت غير جاهزة ومتخندقة في مواقف يراها الرأي العام العالمي معاندة ورافضة لأجل الرفض. الحكومة الفلسطينية، في مقابل ذلك، تبدو في نظر العالم، ما عدا البيت الأبيض، نتاج جهد يقوم على المصالحة والاعتدال والبراغماتية.
في حرب الأدمغة بين إسرائيل وحماس لا يمكن أن تكون النتيجة أكثر إذلالاً: صفر ــــــ10 لمصلحة «حماس». كما هو متوقع، الوحدة الفلسطينية هي أيضاً منتج عظيم للقوة للشرعية الدولية. إذ تعلن دولة تلو أخرى استعدادها لإقامة اتصالات بوزراء الحكومة الفلسطينية وتجاهل كونها حركة إسلامية متطرفة تلتزم القضاء على دولة إسرائيل. كما نجحت حكومة الوحدة في ضم شخصيات فلسطينية بارزة إليها، الكثيرون منهم مقبولون في الغرب مثل وزيري المالية والخارجية.
هذه إذاً أكثر الحكومات تمثيلاً وجلالة وصِدقاً التي وجدت للفلسطينيين قط، وهي مع ذلك أيضاً حكومة ترفض الاعتراف بإسرائيل والوفاء بالالتزامات التي أخذتها على عاتقها حكومات فلسطينية سابقة. ومن وجهة نظر إسرائيل المسألة تتعلق بالعودة إلى أيام «مؤتمر الخرطوم» في صيف 1967، بعد حرب الأيام الستة، وهو مؤتمر قرر فيه رؤساء الدول العربية قول «لا» للاعتراف بإسرائيل والسلام معها.
وماذا بعد؟ ما الذي تنوي إسرائيل فعله؟
أحد الخيارات هو الاستمرار في الخط الحالي: الخطاب بحماسة، واتخاذ قرارات أخرى في الحكومة لمقاطعة السلطة الفلسطينية، والدعاء إلى الله أساساً. أن ندعو الله ألا تمضي جميع الدول الأوروبية في أعقاب النروج وتعترف اعترافاً تاماً بحكومة إسماعيل هنية، وألا يسمح لنفسه، في جو الانتخابات، أي مرشح جدي لرئاسة الولايات المتحدة بالتخلي عن الصوت اليهودي والإعلان باستعداده للحديث إليها. النتيجة المحتومة للأخذ بهذا الخيار هي اعتراف عالمي كاسح بحماس ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني ودفع إسرائيل إلى الزاوية.
الخيار الثاني هو الضغط العسكري على الفلسطينيين، للتسبب بسقوط حكومتهم. إن اجراء كهذا كان ممكناً التوصية به مباشرة بعد تشكيل حكومة حماس الأولى التي لم تُشرَك فيها حركة فتح. الآن، بعد أن وافقت إسرائيل على وقف إطلاق نار في غزة من غير أن تُعيد جلعاد شليط إلى البيت، وبعد أن عقد أبو مازن حلف محبة مع حماس، أُزيل الخيار العسكري عن جدول الأعمال.
بقي الطريق الثالث، وهو الوحيد الواقعي حالياً: البدء بمحادثة سياسية مباشرة مع الحكومة الفلسطينية التي تتولى عملها. باختصار وببساطة: مفاوضة حماس.