هآرتس» ـــ عكيفا الدار
الضيوف الغربيون الذين يزورون دمشق في هذه الأيام، عادوا منها بانطباع أن السوريين قد أدركوا أن الإسرائيليين لن يساعدوهم في تقصير طريق الخروج من «محور الشر»، لذلك يركز السوريون جهودهم الآن على مغازلة الولايات المتحدة بصورة صريحة، بدلاً من إهدار الوقت على الاتصالات غير المباشرة مع الإسرائيليين، على أمل استعادة الجولان. يفترض (الرئيس السوري بشار) الأسد أن (الرئيس الأميركي جورج) بوشسينزع من (رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود) أولمرت وهو عائد إلى بيته من العراق، ذريعة رفض التفاوض مع سوريا حول الجولان.
للتذكير: إثر كشف المباحثات السرية بين الممثلين غير الرسميين عن إسرائيل وسوريا، قال أولمرت، عبر صحيفة «هآرتس» في السادس عشر من كانون الثاني، إن ابراهيم سليمان السوري ـــ الأميركي، الذي مثَّل الأسد في اللقاءات السويسرية مع قادة سابقين من الموساد الإسرائيلي، هو شخص غريب الأطوار و«خيالي».
وادّعى ديوان أولمرت أن اللقاء الذي عقده الوسيط السويسري، نيكولاس لينغ، في ذروة حرب لبنان مع يورام توبوفيتش، لم يتطرق نهائياً إلى المفاوضات مع سوريا. دوف فايسغلاس، الذي كان مستشاراً لشارون، قال إنه لم يسمع أمراً أو نصف أمر حول اللقاءات التي أجراها الدكتور ألون ليئال (والدكتور عوزي أراد في المراحل الأولى) مع سليمان.
لكن مصدراً موثوقاً جداً كشف النقاب، هذا الأسبوع، خلال محادثة مغلقة، عن أن أرييل شارون، الذي تعهّد أولمرت بـ«السير على خطاه»، لم يتأثر كثيراً بالمقاطعة الأميركية لسوريا، ومنذ المراحل الأولى من المباحثات السرية في «المسار السويسري» تسلم شارون تقريراً من رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية «أمان»، اللواء أهارون زئيفي فركش، في حينه. وأشار رده إلى معرفته بالأمر. سأل شارون فركش من أين يعرف بالأمر، فرد عليه الأخير أنه لو لم يكن يعلم بأمرها لكان عليه أن يُقيله من منصبه.
فايسغلاس كان دقيقاً، على ما يبدو، حين قال إنه لا يعرف بأمر هذه اللقاءات. حافظ شارون على السرية التامة في كل ما يتعلق باللقاءات مع السوريين حفاظاً على حساسية صديقه بوش للموضوع السوري. ووصل الأمر إلى حد إخفائه عن أولمرت نفسه، الذي كان يتولى منصب القائم بأعماله. لذلك، عندما قال أولمرت قبل شهرين إنه لا يعرف بأمر اللقاءات مع سليمان، فقد كان محقّاً في قوله.
لكن بعد أيام فقط، وخلال لقاء مع فركش، عشية زيارته لواشنطن، سمع أولمرت للمرة الأولى عن الاتصالات الجارية منذ عهد شارون، واستمرت في ذروة حرب لبنان. وحدَّثه فركش أيضاً بأن شارون عرف بالأمر وصمت كعلامة على الموافقة. وفي الموقف نفسه، اقترح فركش على رئيس الوزراء أن يسير وفق نهج شارون في المسار السوري، لا الاختباء وراء ذريعة «حظر الأميركيين لذلك».
رفض فركش التطرق إلى هذه الحكاية، خيراً أو شراً. والتقى فركش هذه الأيام مع مسؤول سابق رفيع المستوى في الإدارة الأميركية، جاء إلى إسرائيل بعد زيارته إلى دمشق. هذا الرجل، الذي يمتلك علاقات جيدة مع إدارة بوش ومع نظام الأسد، أشار إلى تغير الاتجاه في العلاقات بين الزعيمين. وقال فركش إن «الأزمة العراقية تضطر الأميركيين إلى التحدث مع الدول المجاورة للعراق، ومن بينها سوريا». هذه أخبار جيدة بالنسبة لإسرائيل، حسب رأي فركش، لأن السوريين يفضلون النموذج المصري المنفتح على أميركا، على النموذج الفلسطيني ـــ الأردني الذي يفتح خطاً مباشراً مع إسرائيل. ويوصي فركش إسرائيل بحرارة ألّا تكون لامبالية بالإشارات السورية والاختباء وراء ذرائع بائسة.