مهدي السيد
يدور جدل قانوني بين محامي مقاتلي حزب الله، الذين اعتقلهم جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوان تموز الماضي، والادعاء العام، حول كيفية التعامل معهم: هل هم أسرى حرب، أم موقوفون جنائيون؟
وترى المدعية العامة أن معتقلي حزب الله (محمد سرور، وحسين سليمان وماهر كوراني) هم «مقاتلون غير شرعيين»، لذلك أخضعتهم للمحاكمة بحسب القانون الجنائي العادي. وقدمت ضدهم في الثامن عشر من أيلول الماضي لوائح اتهام في المحكمة المركزية في الناصرة، تنص على أنهم «قدموا خدمات لمجموعات غير قانونية» و«التدرب على الأسلحة في إيران ولبنان من دون مصادقة الحكومة» اللبنانية، و«المشاركة في تنفيذ جرائم»، و«المشاركة في تنفيذ عمليات قتل». وأضيف إلى اتهامات «سليمان وكوراني» المشاركة في محاولة تنفيذ عمليات قتل وخطف، لدور الأول في عملية الأسر في 12 تموز ومشاركتهما في المحاولة السابقة في قرية الغجر.
في المقابل، رفض المحاميان الممثلان لمعتقلي حزب الله، سمدار بن نتان وإيتي هرملين، الادعاء القائل بأنهم مقاتلون غير شرعيين، وادعيا أن جميع الأعمال المذكورة نفذت «ضمن عمليات قتالية»، وأن المتهمين «وقعوا في الأسر ضمن إطار عملهم كمقاتلين» وأن «لهم الحق بأن يتحلوا بصفة أسرى حرب، مع ما يتضمن ذلك من حقوق مترتبة وفق معاهدة جنيف». وعلى هذا الأساس، قدم المحامون التماساً للمحكمة اللوائية، للسماح للصليب الأحمر الدولي بزيارتهم، وهو ما تم منعه عنهم منذ اعتقالهم.
لكن بعد رفض القاضي اللوائي طلب المحاميين، قدما استئنافهما أمام المحكمة العليا، التي رفضت بدورها الطلب، وإن قررت، عبر المحامي ألياكيم روبنشتاين، أن المحكمة اللوائية في الناصرة ستجري نقاشاً موضوعياً حول ادعاءاتهم، وحُدِّد موعد النقاش في العاشر من شهر نيسان.
وفي هذا السياق، ستصدر المحكمة قرارها، بالاستناد إلى توصيفها للعلاقة التي سادت خلال الحرب بين حزب الله والحكم المركزي في بيروت. فإذا رأت المحكمة أن حزب الله حارب «كجزء من القوات المسلحة اللبنانية»، عندها ستضطر إسرائيل لتطبيق معاهدة جنيف عليهم والاعتراف بهم كأسرى حرب. أما إذا رأت أنهم عملوا بشكل مستقل ومن دون أي خضوع للجيش اللبناني، فسيضطر المعتقلون الثلاثة إلى التنازل عن مطالبتهم بوصفهم أسرى حرب.
ويستند المحاميان، لإثبات أن حزب الله حارب كجزء من القوات الحكومية، إلى ما قاله رئيس الحكومة إيهود أولمرت، في اليوم الذي اندلعت فيه الحرب في 12 تموز، بأن «الهجوم القاتل الذي وقع صبيحة اليوم، ليس عملاً إرهابياً، بل عمل حربي لدولة، دولة لبنان، ضد دولة إسرائيل على أراضيها السيادية.... حكومة لبنان، التي يشكل حزب الله جزءاً منها، تحاول تقويض الاستقرار الإقليمي. لبنان هو المسؤول، ولبنان يتحمل نتيجة أفعالها». لكن الادعاء العام يرفض هذا الكلام الذي قاله أولمرت.
كما يستند المحاميان أيضاً إلى الرئيس الأسبق لقسم الأبحاث في جهاز الشاباك، رؤوبين باز، المختص بالحركات الإسلامية، الذي أورد عدداً كبيراً من الاقتباسات نقلاً عن شخصيات لبنانية متعددة تحدد مكانة حزب الله على أنه ضمن إطار منظومة الحكومة اللبنانية. ونقل عن رئيس الجمهورية إميل لحود قوله إن «حزب الله هو قوة المقاومة الوطنية، ويكمل دور قوات الجيش اللبناني». وعن رئيس الحكومة فؤاد السنيورة قوله إن «المقاومة اللبنانية هي تعبير طبيعي عن الحق الوطني للشعب اللبناني للدفاع عن أرضه وسيادته في ضوء الأعمال العدائية، والتهديدات والأطماع الإسرائيلية»، وعن قائد الجيش العماد ميشال سليمان قوله إن «تعزيز المقاومة هو أحد المبادئ الأساسية لعقيدة الجيش اللبناني».
في المقابل، يرى الادعاء العام أن حزب الله هو منظمة إرهابية، لذلك لا يجب النظر إليه على أنه جزء من القوات المسلحة الشرعية اللبنانية. وكتب ممثل الادعاء للمحكمة أن «حزب الله، منظمة إرهابية، بكل ما للكلمة من معنى، وعناصره مسؤولون عن موت المئات من المواطنين الإسرائيليين بالإضافة إلى تجاوزهم قواعد القتال. وهذه المنظمة تعمل لتدمير دولة إسرائيل وقتل مواطنيها».
لكنّ محاميي المعتقلين أشارا إلى أن اعتبار حزب الله منظمة إرهابية يمكن أن يلحق الضرر بفرص استعادة الجنديين الأسيرين الموجودين لدى حزب الله.