مهدي السيد
إسرائيل تعاني تضرر «صورتها الردعية» في لبنان إسرائيل مطالبة بترميم قوتها الردعية، التي كشف العدوان على لبنان نقاط ضعفها، وفحص الدعوات السلمية التي تطلقها دمشق بين الحين والآخر، حتى لو كانت هناك شكوك حولها، ومراقبة البرنامج النووي الإيراني، الذي لا مجال لمنعه من إنتاج القنبلة إلا بضربة عسكرية

«الحرب في لبنان جسّدت الإشكالية في المحيط الاستراتيجي لإسرائيل ومسّت بصورتها الردعية وكشفت عن نقاط ضعف في الجيش الإسرائيلي وفي عملية اتخاذ القرارات في إسرائيل» ـــ هذا ما أظهره تقرير الميزان الاستراتيجي للشرق الأوسط للعامين 2005-2006، الذي كتبه خبراء من معهد أبحاث الأمن القومي في جامعة تل أبيب.
وبحسب المعهد، فقد تفاقمت التهديدات على الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط خلال العام الماضي، وذلك بسبب عدم التقدم نحو التسوية على الحلبة الفلسطينية، وغياب الإنجازات في محاربة الإرهاب العالمي والتطرف الإسلامي، والفشل الأميركي في ترسيخ الوضع في العراق.
ورأى التقرير أيضاً أن الفشل الأميركي في العراق مس بمكانة الولايات المتحدة في المنطقة، مشيراً إلى أنه ليس لإسرائيل ما تربحه من استمرار الوجود الأميركي في العراق. وبالنسبة إلى سوريا، يرى التقرير أنها تعاني اليوم ضعفاً استراتيجياً وأنها تفحص خطوات لتحسين موقعها، بينها اقتراح الشروع في مفاوضات مع إسرائيل. وأشار الباحثون في المركز إلى أنه حتى وإن كان ثمة شك إزاء قدرة الرئيس السوري بشار الأسد واستعداده «لتوفير البضاعة»، فإنه من المناسب فحص موقف دمشق عن قرب.
في المجال الإيراني، أورد التقرير أن سعي إيران لامتلاك قدرة نووية عسكرية يحظى بتأييد شعبي واسع في الشارع الإيراني، وأن ثمة شكاً إزاء إمكان التنفيذ الفعلي لعقوبات دولية فعالة عليها. وأضاف التقرير إن الوقت يسير لصالح طهران، ومن دون عملية عسكرية، فإن السلاح النووي في يد إيران هو مجرد مسألة وقت. وتابع التقرير أن العالم العربي يقف منعزلاً ومشتتاً في مقابل السعي الإيراني، وقادته يكافحون من أجل بقائهم، مشيراً إلى أن الدول العربية فقدت من قوتها لصالح منظمات سياسية وأن اللاعبين غير العرب هم عناصر القوة الرئيسية في المنطقة.
وعند تطرقهم إلى المشروع النووي الإيراني، أشار الباحثون إلى أنه رغم أن لإسرائيل القدرة التقنية على تنفيذ عملية هجومية ما في إيران، إلا أنه يتعين الآن إتاحة المجال أمام المجتمع الدولي لمواصلة استنفاد عملياته وألا تكون تل أبيب عنصراً رئيساً في هذا الموضوع.
وبالنسبة إلى العدوان على لبنان ومغازيه، كتب معدو التقرير أن حزب الله، الموجود الآن في هجوم سياسي في محاولة منه لإسقاط الحكومة اللبنانية، لا يواجه أي قيود على إعادة تزوده بالسلاح، رغم قرارات الأمم المتحدة.
ومن الجائز، بحسب التقرير، أن حزب الله سيحافظ، في المدى القريب، على الهدوء عند حدود إسرائيل، كي يتيح المجال أمام ترميم منظوماته ومقارّه. وأضاف التقرير إن الحرب التي خاضتها إسرائيل في لبنان اعتُبرت فشلاً إسرائيلياً في نظر خصومها وحلفائهم على حد سواء. كما أظهرت بشدة كبيرة مدى قابلية الداخل الإسرائيلي للمس، وغياب الجواب الفعال لمشكلة الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى.
وفي سياق انعكاسات العدوان على لبنان، نقلت «يديعوت أحرونوت» عن اللواء احتياط غيورا آيلند، أحد الباحثين في المركز، والرئيس السابق لمجلس الأمن القومي، توضيحه أنه كانت للحرب نتيجتان بعيدتا التأثير وخطيرتان: أدركت دول عربية أن قوة إسرائيل موضع شك بقدر معين ومن شأن هذه الدول أن تنفذ في المستقبل عمليات هجومية بينما لم يكن يخطر على بال أحد القيام بذلك قبل نصف عام. والنتيجة الثانية للحرب هي خيبة الأمل القاسية التي سببتها إسرائيل للولايات المتحدة والدول الغربية في ضوء إنجازاتها المحرجة. «هذه الحقيقة من شأنها التأثير في المستقبل على كل نقاش يرتبط بإسرائيل في المستويات الهجومية».