مهدي السيد
بدا رئيس الأركان الإسرائيلي دان حالوتس أقرب إلى تجرّع كأس الاستقالة المُرّة التي تجنّب تجرّعها حتى الآن، بعدما أخفق، خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده أول من أمس، في إعادة التوازن الشخصي لنفسه والمؤسساتي لجيشه، في أعقاب مداولات كبار ضباط جيش الاحتلال، التي استمرت يومين للبحث في خلاصات لجان التحقيق الداخلي في إخفاقات العدوان على لبنان

ورأى زئيف شيف، في «هآرتس»، أنه بعد تنفيذ مرحلة التحقيقات في الجيش الإسرائيلي حول حرب لبنان الثانية، بات الهدف الرئيسي الآن هو ترميم هذا الجيش، مشيراً إلى أن المطروح على بساط البحث الآن هو مسألة ما إذا كان حالوتس هو الشخص المناسب لإصلاح العيوب، في ظل علامات أزمة ثقة داخلية مع رئيس الأركان داخل المؤسسة العسكرية.
ورغم رفض حالوتس لدعوات الاستقالة، قال شيف إن مستقبل رئيس الأركان مرتبط بمسألة تضمُّن خلاصات لجنة فينوغراد توصيات شخصية ضده. وبحسب شيف، فقد أدت التحقيقات إلى استخلاص دروس مختلفة تستوجب أن يكون المسؤول عن ترميم الجيش الإسرائيلي متفرغاً تماماً، بما في ذلك على المستوى النفسي، لهذه المهمة.
وفي إشارة إلى عدم أهليّة حالوتس للقيام بهذه المهمة، قال شيف إنه رغم أن رئيس الأركان بدا واثقاً من نفسه أكثر من أيّ مرة منذ بدأت الحرب، إلّا أنّ السؤال الكبير بقي قائماً وهو: هل يستطيع حالوتس التصدي لعملية ترميم الجيش التي سيكون في صلبها القوات البرية ونشاط هيئة الأركان؟
في السياق نفسه، وجهت صحيفة «هتسوفيه» اليمينية انتقاداً لاذعا إلى حالوتس على خلفيّة مواقفه الأخيرة، متسائلة ما إذا كان قد تحوّل إلى معلّق عسكري. وقال المحلل السياسي في «هتسوفيه»، حجاي هوبرمان، إن «كل من تابع مجريات المؤتمر الصحافي الذي عقده حالوتس، اكتشف فجأة وجود تهديد جوهري على مكانة المعلقين العسكريين في وسائل الإعلام الإسرائيلية».
وذكّر هوبرمان «حالوتس بأنه ليس معلقاً عسكرياً، بل رئيس لهيئة الأركان العامة، وهو الرجل المسؤول مباشرة عن المؤسسة العسكرية كلها». وقال «نحن لا نريد من رئيس الأركان توضيحات. نحن نريد مسؤولية منه. ومن المناسب تذكير رئيس الأركان بأن المسؤولية تعني خلاصات شخصية. وبالتالي فإن البقاء في المنصب يُعتبر الهروب الحقيقي من المسؤولية».
وختم هوبرمان بالقول «من أجل أمن الدولة، ومن أجل الثقة بالجيش الإسرائيلي، يجب على دان حالوتس الذهاب إلى البيت، حالاً».
أما المراسل العسكري في «معاريف»، عمير ربابورت، فقال من جهته إن أحداً في إسرائيل لم يكن مستعداً ليحل مكان حالوتس أثناء وقوفه أمام عدسات التصوير. وأضاف انه «ظاهرياً، يبدو حالوتس كمن قام بفعل شجاع من خلال اعترافه علانية بالأخطاء الخطيرة التي ارتكبتها هيئة الأركان بقيادته. بيد أنه في الواقع، فإن الإجمال الذي قام به حالوتس كان عبارة عن عملية تمويه وتحوير».
وتطرق ربابورت إلى طريقة كلام حالوتس عن الإخفاقات الرئيسية خلال الحرب، مشيراً إلى أنه «تكلم بصوت ضعيف وعيون مغمضة»، ولم يكن «ذاك الضابط المليء بالكاريزما الذي عرفناه حتى الصيف الماضي، فقد كانت لغته مضغوطة».
ورأى ربابورت أنه «من الصعب قبول الادّعاء الرئيسي لحالوتس بأن الربط بين عدد من العيوب هو الذي أدى إلى النتيجة غير المرغوبة للحرب. ذلك أنه كلما جرى التعمق أكثر في أحداث الحرب تبدو الخلاصة مغايرة». وأضاف انه «يبدو من معطيات الحرب أن الفشل الرئيسي يكمن في حقيقة أن حالوتس أدار الحرب مثل طيار منفرد. فهو لم يعرض على المستوى السياسي بدائل، كما ان مغامرته بإمكان الحسم الجوي كانت خطأً». وختم بالقول إن «حالوتس لم يوفر، خلال مؤتمره الصحافي، توضيحات مقنعة للسبب الذي نبع منه هذا الفشل».


لا نقاط إيجابية
قال عاموس كرميل، في «يديعوت أحرونوت» إنه «لا مفرّ من استخلاص نتيجة واحدة على الأقل: إن دان حالوتس، ليس هو الشخص المناسب حالياً لإدارة هذا الجيش ولمواجهة الحرب المقبلة. والحقيقة، انه مع رئيس الأركان أيضاً، لا بد من التأكيد على تحميل المسؤولية الى رئيس الحكومة ووزير الدفاع، وان هذا إذا حدث، فإنه لا يضيف له أي نقاط إيجابية، بل إنه يزيد من قلقنا بصورة كبيرة للغاية».