بعد ثلاثة أيام من التراجع في ريف إدلب الجنوبي وريف حماه الشمالي الغربي، أوقف الجيش السوري زحف مسلحي «تنظيم القاعدة في بلاد الشام ــ جبهة النصرة» في المنطقة الاستراتيجية التي تربط شمال سوريا بوسطها وبالساحل. قوات الجيش انسحبت من مدينة إدلب قبل نهاية آذار الماضي، حتى كاد تنظيم «القاعدة» وحلفاؤه يسيطرون على كامل المحافظة.
وبعدما حقق الجيش تقدماً في هجومه المعاكس في ريف إدلب الجنوبي متجهاً نحو المدينة، باغته المسلحون يوم الجمعة الماضي في ريفها الجنوبي الغربي، فأسقطوا مدينة جسر الشغور صباح يوم السبت، وفي سهل الغاب الواقع في ريف حماه الشمالي الغربي المتصل بريف إدلب الجنوبي. سيطروا على عدد من القرى والمواقع في السهل، ثم على معكسر القرميد في ريف إدلب. وبالتزامن مع بدء هجوم المسلحين على مواقع الجيش المحيطة ببلدة المسطومة جنوبي إدلب أمس، تمكّن الجيش من استعادة المبادرة في سهل الغاب، حيث طرد المسلحين من عدد من المواقع وبلدة الزيارة، ومنعهم من قطع طريق اللاذقية ــ جسر الشغور ــ أريحا، وطريق الغاب ــ أريحا. ويتوعد المسلحون بمهاجمة مواقع الجيش في المسطومة وأريحا، وباستمرارهم في مهاجمة مواقع الجيش والقرى في الغاب، بالتزامن مع تأكيد مصادر رسمية سورية أن الجيش سيستعيد جسر الشغور التي لا تزال مجموعات من الجيش في مشفاها الوطني.
شمالي سهل الغاب، تابع الجيش تعزيز مواقعه، غربي قرية الزيارة، بما يضمن تأمين خط إمداد الغاب ــ أريحا. وأكدت مصادر ميدانية لـ»الأخبار» أن الجيش يسعى إلى السيطرة على قرية تل واسط إلى الجنوب من قرية الزيارة. وتضيف المصادر أن قرية المنصورة القريبة تشهد معارك عنيفة بين الجيش ومسلحي «النصرة»، بالتزامن مع قصف عنيف للجيش على قرية السرمانية في أقصى الشمال الغربي من سهل الغاب. وتتابع المصادر أن مراكز المسلحين في جبال اللاذقية تُسهم في القصف الصاروخي على مواقع الجيش في المنطقة، إذ إن جب الأحمر المطلة على سهل الغاب، والواقعة على الحدود الإدارية بين حماه واللاذقية، تعتبر إحدى قواعد إطلاق الصواريخ على تجمعات الجيش في المنطقة. وتؤكد المصادر ضرورة فتح جبهات لمعارك جديدة من الغرب، للضغط على مسلحي الغاب وريف إدلب الجنوبي.
وفي ريف إدلب، تتواصل المعارك على محور فريكة باتجاه معمل السكر الذي يتقدم من خلاله الجيش السوري باتجاه مدينة الشغور.
وقال مصدر ميداني لـ«الأخبار» إن القوات المحاصرة داخل المشفى الوطني في جسر الشغور صامدة وتصدت لعشرات المحاولات للمسلحين الذين يحاولون التقدم باتجاه المشفى.
وفي جنوب ادلب، شنت الفصائل الإسلامية هجوماً على تلة مصيبين شرق أريحا التي يتمركز فيها الجيش السوري دون أي تغيير في خريطة السيطرة مع مواصلة سلاح الجو تنفيذ غاراته على معسكر القرميد الذي سيطر عليه المسلحون فجر أول من امس. كذلك شهد محيط بلدتي نحليا والمقبلة جنوب مدينة ادلب اشتباكات بين الجيش السوري المتمركز فيهما والمسلحين الذين يحاولون التقدم باتجاهما حيث باءت معظم المحاولات بالفشل بحسب مصدر ميداني هناك.
من جهة أخرى، دخلت بلدتا كفريا والفوعة، شمال شرق إدلب، الشهر الثاني من الحصار الخانق الذي ينذر بكارثة انسانية. وقال أحد سكان الفوعة لـ«الأخبار» إنّ «السكان اتخذوا من الأرز سبيلاً لإنتاج رغيف الخبز إلى جانب اعتمادهم على حليب الأبقار لتغذية الاطفال بعد انعدام حليب الأطفال في المحال التجارية».
وأضاف أنّ عشرات القذائف تتساقط على البلدتين، ما زاد من عدد الجرحى المدنيين في المشافي الميدانية التي باتت تعاني أيضاً من نقص في المواد الطبية، مشيراً إلى ان آخر عملية قصف أدت إلى استشهاد 3 نساء «بعد انهيار منزل فوقهن». ولفت إلى أنّ الطائرات المروحية تلقي أكياس الخبز فوق البلدتين، إلا أنها «لا تغطي الحاجة المطلوبة نتيجة الكثافة السكانية».