علي حيدر
معلومات عن قبول دمشق وقف دعم حزب الله وحماس والدفع باتجاه تسوية في العراق

انفردت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، بنشر وثيقة تفاهم إسرائيلية سورية غير رسمية، قالت إنها أتت تتويجاً لسلسلة لقاءات أكاديمية سرية في أوروبا استمرت من أيلول 2004 حتى تموز 2006، تضمّنت التوقيع على اتفاق مبادئ ليتم في أعقاب التزام التعهدات المقدمة التوقيع على اتفاقية سلام؛ انسحاب اسرائيلي الى حدود الرابع من حزيران لم يُتفق على جدولته الزمنية التي تراوحت بين خمس سنوات، وفقاً للطرح السوري، و15سنة وفقاً للطرح الاسرائيلي؛ وبناء حديقة «للاستخدام السوري الإسرائيلي المشترك» في المنطقة الفاصلة على طول بحيرة طبريا يُسمح للإسرائيليين بالدخول اليها من دون تأشيرة سورية؛ وتسيطر اسرائيل بموجبها على استخدام مياه نهر الأردن وبحيرة طبريا، وتجريد المناطق، الواقعة على جانبي الحدود من السلاح بنسبة واحد إلى اربعة لمصلحة إسرائيل، وموافقة سورية على وقف دعمها لحزب الله وحماس والتخفيف من علاقاتها مع ايران.
بدأت القصة في شهر كانون الثاني من عام 2004، وفقاً لما أورده المحلل السياسي في صحيفة «هآرتس»، عكيفا الدار، حين وصل الرئيس السوري بشار الأسد في زيارة رسمية إلى تركيا، وبحسب الصحيفة فقد كان موجوداً، بالصدفة، في الفندق نفسه، من كان في حينه المدير العام لوزارة الخارجية الاسرائيلية ومفوض اسرائيل في انقرة، الدكتور الون ليئال، الذي المح له صديق في وزارة الخارجية التركية بأن إسرائيل احتلت حيزاً هاماً في المحادثات التي جرت بين الأسد ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان.
وبعد ايام على عودة ليئال الى إسرائيل طلب السفير التركي في اسرائيل، فريدون سينيرلياغلو عقد لقاء معه ليخبره بأن الأسد طلب من أردوغان تجنيد علاقات تركيا الجيدة مع إسرائيل من أجل «ازالة الصدأ عن قناة المفاوضات مع سوريا».
في أعقاب ذلك تحرى ليئال عن مدى استعداد رئيس الوزراء الاسرائيلي في حينه، ارييل شارون، لإجراء مباحثات سرية مع سوريا عبر وسيط تركي، وبعدما اتضح له أن إسرائيل غير معنية بوساطة تركية أدخل على الخط، جيفري أهرونسون، من جمعية السلام في الشرق الأوسط في واشنطن، الذي اقترح بدوره ضم رجل اعمال اميركي، من اصل سوري وينتمي الى الطائفة العلوية، ابراهيم سليمان، ذكرت «هآرتس» أنه كان «وسيطاً لمسؤولين اميركيين مع دمشق، وفي فتح ابواب سوريا امام بقايا الجالية اليهودية في طريقها للهجرة الى اسرائيل».
ويكمل الدار روايته بأن سليمان سافر إلى دمشق ليتبلّغ في منزل السفير التركي، بعدما نقلته سيارة ليموزين تعود لديوان الرئاسة السورية، أن السوريين مستعدون للبدء فوراً بمفاوضات رسمية، لا «مباحثات اكاديمية» مع اسرائيل.
لكن بعد وصول القناة التركية إلى طريق مسدود في صيف عام 2004، واصل كل من ليئال واهرونسون وسليمان محاولاتهم واجتمعوا في عاصمة أوروبية (رجحت مصادر اعلامية اخرى أنها مدينة جنيف السويسرية) التي وافقت على رعاية وتمويل القناة السرية الاسرائيلية السورية عبر مسؤول كبير في وزارة خارجية الدولة الراعية.
وبلغ مجموع اللقاءات، التي عُقدت منذ ذلك التاريخ ثمانية لقاءات. وتكتمت الصحيفة على هوية الوسيط الاوروبي؛ لكن تقارير اعلامية اسرائيلية ذكرت انه مستشار وزيرة الخارجية السويسرية السابقة لشؤون الشرق الاوسط، نيكولاس لانغ.
وتنقل الصحيفة ان ليئال كان ينقل في اعقاب كل لقاء تقريراً كاملاً إلى مصدر اسرائيلي رسمي رفيع، وأن سليمان دعا الوسيط الاوروبي للتوجه معه الى دمشق للوقوف مباشرة على تعاطي السوريين مع القناة السرية. وفي كل مرة كانوا يصلون الى دمشق كانت تقلهم سيارة ليموزين إلى مكتب نائب الرئيس فاروق الشرع لعقد اللقاءات، التي شارك في بعضها وزير الخارجية وليد المعلم ومسؤول كبير في المخابرات السورية.
ويروي الدار ان الوسيط الاوروبي اقتنع في اعقاب ذلك أنه لا يضيع وقته ولا المال على «محادثات أكاديمية فارغة». وأكد لجهات اسرائيلية رسمية بشكل مباشر، قبل اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري في شباط 2005، عن قناعته بأن السوريين «يريدون اتفاق سلام معكم».
ونقلت «هآرتس» أيضاً عن الوسيط الاوروبي أن الشرع شرح له دوافع سوريا للتوصل إلى السلام، بأن الإسلام المتطرف يشكل تهديداً لسوريا وأن السلام هو الوسيلة الوحيدة لكبحه، وأن النفط السوري سينضب بعد سنوات قليلة، وعندها سيكونون بحاجة الى العملات الأجنبية لشراء الطاقة، ولا يمكن جذب رؤوس الأموال الى بلد لا يوجد سلام بينه وبين جيرانه. ونقلت عنه أيضاً أنه سمع في دمشق عن نيات سورية لطرح علاقاتها مع إيران، حزب الله وحماس على جدول أعمال مفاوضات السلام مع إسرائيل.
وذكرت الصحيفة أن المباحثات شملت المسائل التي تناولتها طواقم المفاوضات الرسمية، الحدود، المياه، الأمن والتطبيع. وانه في الوقت الذي رفض فيه السوريون نهائياً التنازل عن الانسحاب الى خط الرابع من حزيران واي تبادل مناطق، أظهروا ليونة مفاجئة في كل ما يتعلق بالجدول الزمني لإخلاء المستوطنات الإسرائيلية في هضبة الجولان، واستخدام مصادر المياه، وبشكل خاص فكرة إنشاء حديقة سلام في المنطقة العازلة، التي ستكون مفتوحة للزوار الإسرائيليين من دون تأشيرة دخول.
وضمن هذا الإطار نقلت الصحيفة ايضاً عن اهرونسون قوله: «تؤكد سوريا انه في سياق تسوية برعاية الولايات المتحدة، سيكون حزب الله حزباً سياسياً فقط. وسيغادر رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل دمشق. كما ستمارس سوريا نفوذها كي تدفع باتجاه تسوية في العراق بين الزعيم الشيعي مقتدى الصدر والمعارضة السنية وتساعد اسرائيل في حل المشكلة الفلسطينية، بما في ذلك مسألة اللاجئين».
ولفتت الصحيفة إلى أن اللقاء الأخير جرت في ذروة العدوان على لبنان، وفي اليوم الذي قتل فيه ثمانية إسرائيليين جراء سقوط صاروخ أطلقه حزب الله (على حيفا).
وبخصوص ظروف توقف المباحثات، ذكرت الصحيفة ان «سليمان ابلغ (الاسرائيليين) أن السوريين استنزفوا القناة غير الرسمية ويقترحون عقد لقاء سري بين مندوب سوري على مستوى نائب وزير مع مسؤول إسرائيل على مستوى مدير عام، وطلبوا أن يشارك في اللقاء أيضاً مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد وولش، لكنهم في إسرائيل لم يجدوا من المناسب رفع مستوى اللقاءات».




احترف نيكولاس لانغ التوسط وراء الكواليس ولعب دور مركزي في عدد من اللقاءات السرية بين فلسطينيين وإسرائيليين، كان منها لقاءات جنيف الشهيرة. وبرز اسم لانغ أيضاً في اتصالات الاتحاد الأوروبي مع حركة حماس بهدف بلورة وثيقة سياسية تؤسس للاعتراف بحكومتها دولياً. شغل لانغ مناصب عدة كان آخرها مدير دائرة الشرق الأوسط في وزارة الخارجية السويسرية