لم تخمد نيران الحرب المشتعلة بين «أخوة الجهاد» على أرض الشام. الأحداث تتسارع في الجنوب السوري، في ريفي درعا والقنيطرة تحديداً، على خلفية مقتل النقيب المنشق سامر سويداني مع عناصر آخرين، في كمين وقع في بلدة القحطانية في ريف القنيطرة، نهاية الأسبوع الماضي. «تنظيم القاعدة في بلاد الشام ـ جبهة النصرة» اتهم «جيش الجهاد» بالعملية، المُدان من «دار العدل في حوران» ومن خلفها الجماعات المسلحة بمبايعة «داعش».
وبحسب رواية «النصرة»، وقع الكمين أثناء توجّه موكب محمل بالذخائر لقرية الحميدية، في إطار تحضير لعملية ضد الجيش السوري في مدينة البعث في ريف القنيطرة. أما رواية «لواء شهداء اليرموك» المتهم بمبايعة «داعش» أيضاً، فكانت «أن النصرة كانت ذاهبة لاجتثاث سرايا الجهاد، واتخذوا من معركة البعث ذريعة لتحركهم»، مضيفاً أن مخططهم أُحبط، «فوقعوا في كمين».
«اللواء» دحض ادعاءات «دار العدل في حوران» في بيانه، بانتماء سويداني إلى «لواء سيوف الحق» التابع لفرقة «أحرار نوى»، مؤكداً أن أهالي مدينة نوى (ريف درعا الغربي) على علمٍ بمبايعة سامر السويداني «للنصرة» علناً، من دون أن يكون تابعاً «لأحرار نوى».
وفي سياق الأحداث، اقتحم كلّ من «الجيش الحر» و«النصرة» أول من أمس، كلاً من القحطانية والصمدانية التي يستولي عليها «جيش الجهاد» في ريف درعا. ودارت الاشتباكات العنيفة وانتهت إلى سيطرة المهاهجمين على الصمدانية، متابعين هجومهم نحو الحمدانية، المعقل الرئيسي لـ«الجهاد».
في هذه الأثناء، قام «لواء شهداء اليرموك» بقيادة «الخال» (محمد البريدي) المبايع لـ«داعش»، بالهجوم على مقارّ «جبهة النصرة» و«الجيش الحر» في سحم الجولان. ودارت الاشتباكات بين الطرفين على أحد حواجز «جبهة النصرة»، أفضت إلى قطع طريق الإمداد عن مقاتلي «النصرة» و«الحر» أثناء هجومهم على قرية القحطانية.
«لواء شهداء اليرموك» أصدر بياناً أعلن فيه «دحر جبهة النصرة من سحم الجولان» غربي درعا، و«العزم على التقدم إلى بلدة حيط»، وذلك لملاحقة من بقي منهم. البيان أعطى الأمان «لكل من يلتزم بيته أو مقره من الأفراد والفصائل»، متوعداً بمقاتلة «كل من يحاول الوقوف في وجههم». واعتبر البيان طريق «الحيران ــ البريقة» منطقة عسكرية. «اليرموك» تبرّأ من أي عملية اعتداء اتُّهم بها، مشبّهاً ما حصَلَ معه بما يتعرض له «جيش الجهاد»، «فالاتهام واحد: «دواعش»، والمهاجم واحد: النصرة»، على حد قوله.
من جهته، أعلن تنظيم القاعدة (النصرة) و«الحر» سيطرة مقاتليهما على بلدة رسم الشوالي المطلة على القحطانية، موقعةً العديد من عناصر «جيش الجهاد» قتلى وجرحى، عُرف من الجرحى مسؤول «الجهاد» «أبو مصعب الفنوصي». مسلحو «الجهاد» انسحبوا إلى تلة معبر «القنيطرة ــ المهدمة» في المنطقة. «لواء أحرار الشام» المتحالف مع «القاعدة» في الشمال السوري والوسط، دخل على خط المواجهة أيضاً، معلناً تطهير منطقة الرواضي من «عصابات تتبع داعش ومقتل العديد منهم بعد اشتباكات بريف القنيطرة». بدوره، أصدر «الائتلاف» السوري بياناً، استبق فيه نتائج المعركة، متبنياً أعمال «تنظيم القاعدة في بلاد الشام» وحلفائه. إذ أعلن إنهاء وجود «داعش» في كل من القنيطرة ودرعا، مدّعياً أنه يتم على أيدي «الجيش الحر». وقال إن «الجيش الحر بفضل تكاتف وتوحيد كتائبه وفصائله وعملها تحت قيادة موحدة، تمكن من القضاء على داعش في محافظتي درعا والقنيطرة، بعد أن بدأت خلاياه تظهر بشكل محدود في الآونة الأخيرة».
وتعرّض قائد «لواء سيف الله المسلول» التابع لـ«الجيش الأول» (يتبع لغرفة العمليات الأردنية ــ الخليجية ــ الغربية ــ موك، وسبق أن أصدر بيان تبرّؤ من القتال مع «النصرة» بداية الشهر الجاري)، المدعو «أبو موسى الجولاني»، لمحاولة اغتيال، في ريف درعا، خلال قيامه بمساعٍ «لحماية المدنيين وتنحيتهم عن النزاع بين تنظيمي «اليرموك» و«النصرة»، بحسب بيان أصدره المكتب الإعلامي لـ«اللواء». وفي السياق نفسه، أصدرت «الهيئات المدنية» ومجموعات مسلحة، بينها «حركة المثنى الإسلامية» (المتشددة والقريبة من «داعش» و«القاعدة» في آن واحد)، بياناً دعت فيه «الفصائل المُتقاتِلة» إلى فسح المجال للجنة تُشرف على إجلاء المدنيين في مناطق الاشتباكات.
في المحصلة النهائية، الحرب ما زالت مستعرة بين «النصرة» و«داعش»، ولكن بمسميات مختلفة. وهي ليست الأولى في الجنوب السوري، إذ شهدت منطقة وادي اليرموك قبل عدة أشهر، مواجهات عنيفة بين «النصرة» و«اليرموك»، أدّت إلى مقتل وجرح العشرات، قبل أن تتدخل «محكمة دار العدل» وتتمكّن من إيقاف المعارك بنشر «قوات فصل» بين المتقاتلين.
في المقابل، وسّعت إسرائيل رقعة استنفارها لتشمل المواقع المواجهة للمناطق التي تسيطر عليها «جبهة النصرة» وحلفاؤها، بعد اشتباكاتهم مع الفصائل «الداعشية»، وخشية العدو من خسارة «النصرة» و«الجيش الحر» السيطرة على معبر القنيطرة (بين الأراضي السورية والجولان المحتل). وأدى ذلك إلى تغيير انتشار جيش الاحتلال، والمسارعة الى تعزيز القوات، والمواقع المواجهة على طول الحدود، التي كانت حتى يوم أمس تشهد تراخياً امنيا من جهة الجيش الإسرائيلي.
واشارت صحيفة «معاريف» امس الى ان الجيش الاسرائيلي عزز مواقعه على طول الحدود في الجولان، وارسل تعزيزات مدرعة، خشية تردي الاوضاع الامنية. ولفتت إلى أن التعزيزات شملت دبابات من نوع «ميركافا» وناقلات جند مدرعة، «على أمل أن يردع الوجود العسكري المكثف للجيش الاسرائيلي، كل الجهات الموجودة في القطاع الشرقي من الحدود».