محمد بدير
مع إعلان استقالته، أنهى الجنرال دان حالوتس، أربعين عاماً من الخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي، بدأها عام 1966 كمجنّد وختمها رئيساً، ثامن عشر، لهيئة الأركان العامة. وُلد دان حالوتس عام 1948 في تل أبيب، لوالدين يتحدران من أصل إيراني. تجنّد وهو في الثامنة عشرة في الجيش، وتطوّع إلى دورة طيار أنهاها ملاحاً لمقاتلة حربية من طراز «أوراغن» في تموز عام 1968، قبل أن ينتقل بعد عام إلى سرب «201»، السرب المشكل من مقاتلات فانتوم F ــ 4 الداخلة حديثاً إلى الخدمة في سلاح الجو الإسرائيلي.
شارك حالوتس في ثلاث حروب، أولها كانت يوم الغفران عام 1973 التي نفذ فيها 43 غارة جوية، مسقطاً ثلاث مقاتلات من طراز «ميغ 21»، واحدة مصرية واثنتان سوريتان. بعد ذلك شارك في حربي «عملية الليطاني» عام 1978 (الاجتياح الأول لجنوب لبنان) و«سلامة الجليل» عام 1982 (الاجتياح الثاني).
مع عودته في أعقاب اجتياح لبنان الثاني إلى الخدمة النظامية في الجيش، تدرّج حالوتس سريعاً في عدد من المناصب في سلاح الجو، بدءاً من رئيس فرع في قسم الوسائل القتالية في أركان سلاح الجو، مروراً بقيادة رفّ من مقاتلات الفانتوم، وقيادة قاعدة «حاتسور» الجوية، وقيادة سرب جوي، وصولاً إلى رئاسة أركان سلاح الجو، فقيادة السلاح نفسه عام 2000.
ترك حالوتس بصماته على سلاح الجو الإسرائيلي، وخصوصاً لجهة حسم الخيارات بالنسبة لمقاتلة المستقبل التي ستعتمد في السلاح، ووقع الاختيار فيها على طائرة «اف 16»القادرة على مهاجمة أهداف بعيدة في كافة الظروف الجوية. كما عمل حالوتس على توسيع استخدام طائرات التجسس الآلية (من دون طيار) وتعزيز الاعتماد عليها في مهمات قتالية. أنهى حالوتس خدمته في منصب قائد سلاح الجو بالإشراف على اغتيال مؤسس حركة «حماس»، الشيخ أحمد ياسين، في 22 آذار عام 2004، مراكماً أكثر من 4000 ساعة طيران في سجله. في تموز من العام نفسه، عُين حالوتس نائباً لرئيس الأركان، وبعد عام رجحت الكفة لمصلحته في شغل منصب رئيس الأركان، الذي شغر إثر قرار وزير الدفاع في حينه، شاؤول موفاز، إنهاء خدمة موشيه يعالون. وصول حالوتس إلى قمة الهرم العسكري الإسرائيلي حوّله إلى قائد الأركان «الأزرق» الأول، نسبة إلى لون زيّ أفراد سلاح الجو الذي ينتمي إليه. وبرغم أن هذه الميزة لعبت دوراً كبيراً في تعيينه، على خلفية تنامي الخطر الإيراني بالنسبة لإسرائيل، إلا أنها شكلت، في الوقت نفسه، مستمسكاً لتوجيه الانتقاد إليه بوصفه يجسّد التباهي والتعجرف، اللذين يتعاطى بهما سلاح الجو عموماً مع بقية أسلحة الجيش.
ولم يبخل حالوتس بتوفير الذرائع لمنتقديه في هذا المجال، فقاد سياسة داخل الجيش تعطي الأولوية لسلاح الجو على حساب الأسلحة الأخرى، وهو ما تجسّد في العدوان الأخير على لبنان حيث كان الرهان على أن تتمكن الغارات الجوية من حسم الحرب من دون الحاجة إلى تدخل القوات البرية، ما أدى، بإجماع المراقبين، إلى إطالة الحرب والفشل في تحقيق أهدافها في النهاية.