مهدي السيد
فتحت استقالة دان حالوتس باب النقاش واسعاً، وبالتالي باب الخلاف، أمام هوية الرئيس الجديد للأركان، ومدى تأثير هذا الأمر على الضلعين الآخرين للمثلث المسؤول عن فشل الحرب في لبنان، أي رئيس الحكومة ووزير الدفاع

باغتت استقالة رئيس الأركان الإسرائيلي دان حالوتس كبار المحللين والمعلقين في الصحف الإسرائيلية، الذين سبق لهم أن توقّعوا أن البت في مسألة استقالته مؤجل إلى ما بعد النتائج المرحلية للجنة فينوغراد.
وعن خلفيات الاستقالة، كتب محلل الشؤون الأمنية في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، رون بن يشاي، أن حالوتس حسم قراره بترك منصبه في أعقاب التحقيق الذي أنجزه رئيس الأركان السابق دان شومرون بشأن أداء هيئة الأركان العامة خلال الحرب على لبنان.
ورأى بن يشاي أن حالوتس كان يأمل حتى لحظة قراءته تقرير التحقيق أن يتمكن من البقاء في منصبه ومن التصدي لمهمة ترميم الجيش بعد الحرب، إلا أن التقرير الذي «عرض بالتفصيل إخفاقات هيئة الأركان خلال الحرب، وهي إخفاقات يعدّ حالوتس مسؤولاً عن معظمها، دفع رئيس الأركان إلى إدراك أنه إذا لم يستقل فإن لجنة فينوغراد ستوصي رئيس الحكومة بإقالته».
وأوضح بن يشاي، أنه «منذ تلك اللحظة أصبح السؤال بالنسبة لحالوتس هو متى وكيف».
وفي «يديعوت» أيضاً رأى اللواء في الاحتياط يعقوب عميدرور أن استقالة رئيس الأركان تعدّ «تحمّلاً للمسؤولية مع انتهاء عملية استخراج العبر في الجيش الإسرائيلي، وإشارة مهمة جداً إلى الجيش الذي تُعدّ قيمة المسؤولية فيه القيم مهمة، والتي لا يمكن الجيش أن يقوم من دونها»، معتبراً أن «المهمة الأهم والعاجلة الآن هي تعيين، رئيس جديد للأركان، يحظى بثقة المواطنين والعسكريين على حد سواء».
وبحسب عميدرور، فإن «إعادة الثقة داخل صفوف الجيش هي إحدى المهمات الصعبة التي تواجه رئيس الأركان الجديد في أعقاب الحرب ونتائجها. وهو سيتمتّع بفترة سماح قصيرة جداً، لأن القرارات التي تنتظر الجيش صعبة ومعقدة».
وأشار عميدرور إلى أنه «بينما نحن مشغولون بمسألة استبدال رئيس الأركان، تقف دولة إسرائيل عند محطة قاسية وصعبة من الناحية الأمنية. لذلك يتعين الإسراع في اتخاذ قرار بشأن هوية البديل. لكن من الواجب فعل ذلك بطريقة توحّد المواطنين والعسكريين وراء القائد الجديد».
بدوره، قال زئيف شيف في «هآرتس» إن «سؤالين مطروحين الآن على بساط البحث في ضوء استقالة دان حالوتس. الأول: ما هو السبب الحاسم في اتخاذ حالوتس لقراره ودفعه إلى تقديم استقالته بعدما رفض ذلك منذ الحرب؟ لكن السؤال الأهم: من الذي سيرث حالوتس في منصب رئيس الأركان».
ويشير شيف إلى أنه «من المحتمل أن يكون حالوتس قد قرّر أن أزمة الثقة التي نشأت في الجيش الإسرائيلي، لا تعرقل عمله إزاء الضباط بسبب أخطاء الحرب فحسب، بل ستوجد صعوبات أمامه في ترميم الجيش أيضاً».
وأضاف شيف «ثمّة سؤال أهم هو من سيكون وريث رئيس الاركان حالوتس، ومتى الاستبدال. الامر متعلّق قبل كل شيء بوزير الدفاع عامير بيرتس. عليه أن يقرر، بالتنسيق مع رئيس الحكومة، من يقترح للمنصب. إن ما يجب أن يحسم هو سؤال من هو الشخص الاكثر ملاءمة لبناء الجيش الاسرائيلي استعداداً للتهديد الذي يلوح في الأفق. التهديد الكبير الذي يجب الاستعداد له وإعداد الجيش الاسرائيلي من أجله هو التهديد الايراني، وخصوصاً إذا طوّرت ايران سلاحاً نووياً».
وفي السياق ذاته، قال المراسل العسكري لصحيفة «معاريف»، عامير ربابورت، إنه «على المستوى الشخصي، يُعتصر القلب ألماً على دان حالوتس، لكنه فشل فشلاً ذريعاً كرئيس للأركان». ويضيف «عملياً، اتخذ دان حالوتس الخطوة الوحيدة المحتملة من ناحيته ومن ناحية الجيش الاسرائيلي. فقد كتب لرئيس الوزراء أنّ قرار الاستقالة ينبع من المسؤولية، لكن لو كان هذا حقاً هو الأمر الوحيد الذي يوجهه، ولو كان قد قرأ الخريطة على نحو سليم، لكان يتعين عليه أن يستقيل منذ زمن بعيد كي يتيح للجيش الاسرائيلي الانطلاق في درب جديدة. من دونه».
وبحسب ربابورت «حتى لو أن حالوتس لم يستقل، فإن احتمالات خروجه سالماً من لجنة فينوغراد لم تكن كبيرة، وخصوصاً أن مسؤولين كباراً جداً في الجيش الاسرائيلي أعدّوا ملفات كاملة مضادة له بهدف عرض الامور على اللجنة».
وقال ربابورت إنه «من بين القرارات السيئة الكثيرة التي اتخذها حالوتس في خلال الحرب، قرار وضع نائبه اللواء موشيه كابلنسكي رئيساً لقائد المنطقة الشمالية أودي آدام. وقد فُسرت هذه الخطوة بأنها عزل للأخير. وأعطى الانطباع العام الاول بأن حرب لبنان الثانية فشل متدحرج». وأضاف ربابورت أن «استقالة حالوتس بعد استقالة آدام وغال هيرش، هي التوقيع النهائي والرسمي على أنه لم يكن هناك تعادل في حرب لبنان، وأن إنجازات الجيش الاسرائيلي كانت بعيدة عن كونها متوسطة، كما حاول حالوتس أن يعرض ذلك. والآن يستطيع حزب الله أن يخرج باحتفالات فرح».
وخلص ربابورت إلى دعوة وزير الدفاع إلى الاستقالة، معتبراً أن دوره قد حان بعد الخطوة التي أقدم عليها حالوتس، «وعليه أن يعيد المفاتيح كي يستطيع الجيش الاسرائيلي أن يسير في طريق جديدة. أما اولمرت؟ فالجمهور سيحكم على عمله».