مهدي السيّد
بقيت استقالة رئيس الأركان الإسرائيلي دان حالوتس محور اهتمام الصحافة الإسرائيلية التي ركزت على تداعيات الحدث وأسبابه، وعلى هوية رئيس الأركان الجديد والخلاف المحتدم على هذا الأمر بين رئيس الحكومة إيهود أولمرت ووزير الدفاع عامير بيرتس.
ورأت صحيفة «هآرتس»، في افتتاحيتها، أن «حالوتس لم يقدم استقالته بدافع تحمّل المسؤولية بموجب التقاليد والأخلاق، وإنما جرى طرده خارج الجيش من جانب هيئة الأركان والجنود والصحافة والمحققين».
وأضافت الصحيفة أنه «قبل فترة قصيرة، كان يقول رئيس الحكومة ووزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان إن الحديث هو عن حرب ناجحة، انتصار بالنقاط، تغيير الواقع الأمني في المنطقة، وبقية الأقوال والتصريحات التي انتهى مفعولها قبل أن يتم الإدلاء بها. لكن حالوتس أدرك متأخراً أنه لا يستطيع إعادة بناء الثقة بالجيش، وإعادة بناء ثقة الجيش بقيادته، وأن هذه المسألة تترك أبعاداً على قدرة الردع الإسرائيلية».
وأشارت الصحيفة إلى أنه يجب على رئيس هيئة أركان الجيش الجديد أن يبني من جديد ثقة الجيش بالقيادة، وأن يكون ذلك على رأس سلّم الأولويات.
من جهتها، قدّمت «يديعوت أحرونوت»، في افتتاحيتها، صورة سوداوية للوضع الإسرائيلي العام، معتبرة أن الحزن يلف كل إسرائيل «لأنها تبدو كمن تاهت، وحالة الغموض تحيط بكل ما تفعله وتقدم عليه».
وفي مفارقة لافتة، تساءلت الصحيفة «لو أن أولمرت وبيرتس وحالوتس علموا في الثاني عشر من تموز 2006 أن الحرب ستكون على هذه الصورة وستنتهي بهذه النتيجة، فهل كانوا سيخرجون إليها؟».
الجواب، بحسب «يديعوت»، «كان سيبدو على هذا النحو: لا، بالتأكيد لا. وهنا تكمن الحكاية كلها. القادة السياسيون والعسكريون يُنتخبون ويُعيّنون لأسباب منها حسم المعضلات المتعلقة بالحياة والموت، وفي هذه القضية يحظر عليهم أن يخطئوا. هل أخطأوا؟ فليدفعوا إذاً ثمناً أكبر من الثمن الذين خسروا حياتهم. أخطأوا؟ فليذهبوا إلى البيت. هذا الحد الأدنى المطلوب منهم. عليهم أن يكونوا أنموذجاً شخصياً، وأن يستفيدوا من العِبر والدروس».
وتابعت «يديعوت» تقول «دان حالوتس لم يكن الوحيد الذي سيسقط على حد سيف الحرب في لبنان. نحن الذين تعلّمنا من خبرة لجنة أغرانات، التي تشكّلت بعد حرب الغفران، أنه حتى لو قامت لجنة فينوغراد بتنظيف المستوى السياسي من أي شائبة، فإن الجمهور الاسرائيلي، وخصوصاً العائدين من الحرب، لن يدعوا رئيس الحكومة ووزير الدفاع في حالهما. أولمرت وبيرتس سيذهبان الى بيتهما، إلا إذا وجدا الصفقة، التي لم نشهد لها مثيلاً من قبل».
أما المحلل السياسي في «معاريف» بن كسبيت، فاعتبر أن «السؤال لم يكن هل سيستقيل حالوتس، بل متى؟». وشبّه حالوتس بأنه كان «منذ انتهاء الحرب كالطائرة التي ضلّت طريقها، تطير على ارتفاع عالٍ جداً، الطيار نائم، والجهاز موصول إلى طيار آلي يعيش على زمن مستعار. لمن في الخارج يبدو كل شيء على ما يرام. الأجهزة تعمل، والسماء زرقاء، والمحركات عاملة. لكن ما يحصل هو توجّه نحو تحطم معروف سلفاً. ذلك أنه في النهاية سينفد الوقود وستقف الطائرة، وستدور وتهوي إلى البحر المفتوح أو فوق سطح حاملة الطائرات الكبيرة التي يقيم عليها في هذه الأثناء، المسؤولان عنه: رئيس الحكومة ووزير الدفاع. هل سيصبح حالوتس منتحراً يابانياً ويحاول أن يأخذ معه إلى الأعماق آخرين؟ ليس هذا واضحاً الى الآن».
وبحسب كسبيت فإنه «بين رئيس أركان مستقيل ورئيس أركان مُقال، اختار حالوتس، في اللحظة الأخيرة تقريباً، الخيار الأول. فقد سبق كتابُه كتاب تحذير فينوغراد بأيام غير كثيرة. كان يجب أن يخلص إلى هذا الاستنتاج قبل زمن طويل، لكنه تردد. الآن بتأخر قليل، قام بالشيء الصحيح».