هآرتس ــ ألوف بن
لا ينوي ايهود أولمرت تقديم استقالته من رئاسة الوزراء. فهو يرغب في خوض الكفاح من أجل بقائه السياسي وتنظيف اسمه من «التحقيقات والقضايا المطروحة». إصراره يفتن القلوب، وبرودة أعصابه في الأزمات تبعث على الاحترام، وهو قادر على التفاخر بالاقتصاد المتنامي وتراجع الإرهاب الفلسطيني وصداقته مع قادة العالم العربي. مع ذلك، يبدو كفاحه معدوم الفرصة بعد الضربة المزدوجة التي تلقاها مع بدء التحقيق ضده في قضية بنك ليئومي واستقالة رئيس هيئة الأركان دان حالوتس.
حتى لو صمد رئيس الوزراء في منصبه لأشهر أخرى، وربما سنة، سيكون خلال هذه الفترة مشغولاً بإنقاذ كرسيه، وسيجد صعوبة في إدارة شؤون الدولة. إسرائيل تدخل منذ الآن في فترة فراغية مع قشرة دقيقة من القيادة، والقليل من المضامين الجوهرية. يحدونا الأمل فقط أن يستغل رئيس هيئة الأركان الجديد هذه الفترة لإعادة بناء الجيش وألا تندلع حرب جديدة في المناطق أو في الشمال، الأمر الذي سيؤدي إلى زعزعة الاستقرار الداخلي بعض الشيء.
انصراف رئيس هيئة الأركان ترك أولمرت وحيداً في القيادة التي أدارت الحرب الفاشلة في لبنان. عامير بيرتس في طريقه نحو مغادرة وزارة الدفاع، قادة الجيش استقالوا وأولمرت هو آخر من بقي على القمة. هو المرشح للاستقالة. لديه ادعاءات غير بسيطة أمام لجنة فينوغراد: أسلافه أهملوا الجبهة، الجيش ضلَّله، قراراته كانت بدعم كامل شعبياً ومهنياً. لكن حتى إذا اقتنعت اللجنة بذلك فسيجد أولمرت صعوبة في إقناع الجمهور والإعلام المتلهفين للرؤوس المقطوعة في القيادة. ادعاءات اولمرت في شأن إنجازات الحرب أصبحت منسية منذ زمن. حتى حالوتس اعترف بأنها مست بالقدرة الردعية الاسرائيلية.
المصاعب تحيط بأولمرت. الجمهور ملّ منه، وآخر استطلاع أظهر أنه يتمتع بتأييد 14 في المئة فقط، وهذا من قبل أن تبدأ تحقيقات بنك ليئومي واستقالة رئيس هيئة الأركان ولجنة فينوغراد. إدعاء أولمرت بأن الواقع جيد وأن الاستطلاعات وحدها هي غير جيدة يبدو مثل دعابة رديئة. حتى لو كان محقاً، فمن الواضح أنه قد فشل في توضيح مواقفه. الشخصيتان السياسيتان المقربتان منه، حاييم رامون وابراهام هيرشيزون، طُحنا تحت أسنان القانون، مديرة ديوانه متورطة في قضية سلطة الضرائب. الحزب الحاكم، «كديما»، يبدو في الاستطلاعات كحزب وسط من الدرجة الثانية. هذا الحزب من دون أجندة منذ دفن خطة الانطواء، ومن دون قائد يحظى بالشعبية، والنزاعات تتفشى بين قادته. حزب «الفرقعة الكبرى» يفقد اسباب وجوده، والجهاز السياسي يعود تدريجياً إلى التركيبة الحزبية الثنائية.
استراتيجية اولمرت هي خفض رأسه إلى أن تمر العاصفة، وبعد ذلك، التوجّه للبحث عن خطوة تُعيد إليه هيمنته وقوته. مثل «السور الواقي» وفك الارتباط عند شارون. ولكن ما الذي يستطيع أن يفعله؟، القنوات السياسية مغلقة. اولمرت يتباطأ في التفاوض مع السوريين، ومحادثاته الفارغة مع أبو مازن لن تقود الى أي مكان. حتى لو رغب اولمرت في القيام بلفتات دراماتيكية وإطلاق سراح آلاف السجناء الفلسطينيين وإخلاء عشرات البؤر الاستيطانية، فلن يستطيع. هامش المناورة عنده مقيّد بين ليبرمان، الذي يحافظ له على الائتلاف، وبين قادة «حماس»، الذين يمسكون بجلعاد شاليط.
إذا رغب في التوجه إلى المسار الأمني واستغلال القلق الشعبي من الحرب للقيام بحملة تسلّح وتمترس فقد فات الأوان. كان عليه من اجل ذلك أن يُقيل بيرتس وحالوتس بعد الحرب فورا وأن يجلب من أميركا سلاحاً جديداً. عمليات أمنية استعراضية مثل القيام باغتيال ناجح (للأمين العام لحزب الله السيد حسن) نصر الله أو قصف المنشآت النووية الايرانية كانت لتُعيد إليه زعامته، ولكنها خطوات خطيرة جداً. بوش أيضاً لن يسمح لاسرائيل بمهاجمة ايران قبل أن يقوم هو بخطواته الدبلوماسية من أجل إيقافها.
ولكن اولمرت لن يغادر. هو سيواصل الكفاح من اجل حقيقته. ولكن ماذا بالنسبة إلى الدولة؟ هذه الدولة ستضطر في غضون ذلك الى الانتظار.