القاهرة | عزّز الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال جولته الخارجية التي اختتمت مساء أمس بزيارة إسبانيا، فرص التعاون بين القاهرة ومدريد، وخاصة في مجالات النقل، بعد سنوات من تركز المشروعات التنموية في مجالات النقل على اليابان وفرنسا. وتم ذلك بعدما وقّع وزير النقل المصري على مذكرات تفاهم مع الجانب الإسباني لإنشاء خطوط مترو الأنفاق في المرحلتين الخامسة والسادسة، إضافة إلى تنفيذ مشروع القطار السريع الذي يربط بين الغردقة والأقصر لتنمية الحركة السياحة في الصعيد، إذ تريد القاهرة زيادة عدد السائحين إلى الضعف خلال أقل من خمس سنوات.
السيسي وجّه إلى ضرورة وسرعة تنفيذ مشروعات خطوط مترو الأنفاق خلال المدة المقبلة من أجل تخفيف الازدحام المروري في القاهرة، فيما سيصل وفد إسباني من المتخصصين الشهر الجاري استعداداً للبدء الفعلي بالمشروعات وإعداد دراسات الجدوى، علماً بأن بعض هذه المشروعات سيكون بقروض ميسرة تسعى الحكومة المصرية إلى توفيرها خلال المرحلة المقبلة.
أيضاً، التقى السيسي ملك إسبانيا ورئيس وزرائه، إضافة إلى رئيس البرلمان، بعدما ألقى التحية على أعضاء الجالية المصرية هناك ممّن احتشدوا أمام مقر إقامته وأمام البرلمان الإسباني، فيما كان اللقاء الأهم الذي جمعه مع عشرات من مسؤولي الشركات الإسبانية العاملة في مصر، فضلاً عن أنه دعا الملك الإسباني إلى حضور افتتاح قناة السويس الجديدة في شهر آب المقبل.
وعُلم أن الرئيس المصري ناقش مع رئيس الوزراء الإسباني، ماريانو رخوي، الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب، كذلك اتفقا على ضرورة استمرار الحوار بين المؤسسات الدينية والثقافية في كلتا الدولتين. وهنا وقّع الجانبان المصري والإسباني اتفاقات ثنائية شملت التعاون في مجال الأمن ومكافحة الجريمة، ومذكرة في مجال السياحة، وأخرى بشأن حماية واستعادة الممتلكات الثقافية المسروقة.
كذلك أكد السيسي لمسؤولي الشركات الإسبانية أن مكتبه مفتوح أمام جميع المستثمرين من أجل حلّ المشكلات التي تعيق فرص عملهم في مصر، مشدداً على أن هناك خطة لتنفيذ برنامج راق لتدريب مهارات الشباب بناءً على وجود 25 مليون شاب مصري في سن العمل. كذلك فإنه استغل الموقف ليشرح باستفاضة فرص الاستثمار في مصر، ولا سيما في محور قناة السويس الجديد، إضافة إلى منطقة المثلث الذهبي والمناطق الصناعية المنوي إقامتها، ذاكراً أن حكومته «تسير بخطى جيدة نحو تحسين الأوضاع الاقتصادية» بالاستشهاد برفع التصنيف الائتماني لمصر مؤخراً إضافة إلى تصريحات مسؤولي البنك الدولي عن الاقتصاد المصري.
وكان السيسي قد وصل إلى مدريد قادماً من العاصمة القبرصية نيقوسيا، حيث التقى هناك الرئيس القبرصي ورئيس الوزراء اليوناني، وتم الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية بين الدول الثلاث، بينما ستبدأ لجنة فنية من مصر وقبرص لتنفيذ مشروعات ضخمة تتعلق باستغلال الغاز الموجود في أعماق المتوسط، من بينها مدّ خط بحري لنقل الغاز وإسالته في مصر بطول 500 كلم تقريباً، وهو المشروع الذي تصل تكلفته إلى مليار دولار تقريباً، وطاقته الإنتاجية إلى أكثر من 800 مليون قدم مكعبة من الغاز.
وفي حال الاستقرار نهائياً على تنفيذ المشروع الذي أعدّه الجانب المصري كاملاً، فإن مدة تنفيذه تصل إلى ثلاث سنوات تقريباً، في حين ستكون معالجة الغاز القادم من المتوسط داخل مصنع معالجة الغاز في دمياط، ثم سيجري الاتفاق بين القاهرة ونيقوسيا على أسعار الغاز بما يحقق مصالح الطرفين.
وسيعكف مسؤولون من الدولتين على دراسة الجدول الزمني والجهات التي ستموّل المشروع، وخاصة أنه سيجري استغلاله في تصدير الغاز الطبيعي لعدد من الدول في المنطقة، من بينها الأردن. ويبدو أن القاهرة تسعى إلى استغلال تحالفها مع أثينا ونيقوسيا من أجل مواجهة الهجوم التركي على سياستها، في ظل استمرار الرئيس التركي في مهاجمة النظام المصري والدفاع عن جماعة «الإخوان المسلمين» التي صنفتها حكومة مصر إرهابية.