يحيى دبوق
كشفت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية أمس عن الأسباب التي دفعت رئيس أركان الجيش الإسرائيلي دان حالوتس إلى عدم مبادرته في بداية الحرب للقيام بعملية برية واسعة، بأنه لم يكن يثق بالقوات البرية.
وقالت الصحيفة إنه «كان هناك حرص على عدم إظهار هذه الحقيقة إلى العلن، رغم تداولها خلال مناقشات داخلية في الجيش». وأكدت أن «ما يُفهم من تفسير حالوتس خلال شهادته أمام لجنة فينوغراد الحكومية، حول تأخر إقدام الجيش على عملية برية واسعة، وخاصة عدم استخدام فرقة الاحتياط الأكثر كفاءة في الجيش، الى ما بعد مضيّ شهر على الحرب، وقبل 60 ساعة فقط من دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، بأنه لم يكن يثق بالقوات البرية».
وشرحت «معاريف» السبب الرئيسي لعدم ثقة حالوتس بالجيش، وتحديداً بالقوات البرية، من خلال العودة الى المواجهات في بنت جبيل بتاريخ 26 تموز الماضي، عندما حاولت قوات النخبة في الجيش من لواء غولاني، احتلال المدينة، بناءً على تعليمات شخصية من رئيس الأركان، وخلافاً لخطط قيادة المنطقة الشمالية، وهو ما أدى في حينه إلى فشل المحاولة ومقتل ثمانية جنود من غولاني، وآخر من المظليين، فضلاً عن أعداد كبيرة من الجنود الجرحى.
وأكدت «معاريف» أيضاً أنه «في أعقاب الخسائر الفادحة في بنت جبيل، ألغت هيئة الأركان العامة عمليات برية محدودة أخرى، كان من المقرر تنفيذها في الليلة نفسها»، موضحة أنه «منذ تلك المرحلة، فهمت أوساط الجيش بأن رئيس الأركان بدأ يفقد ثقته بقدرة الوحدات البرية في تنفيذ عمليات داخل لبنان».
لكن الصحيفة أشارت الى أن ما جرى لم يكن سوى «بداية أزمة الثقة»؛ فبعد بضعة أيام أعدّت قيادة المنطقة الشمالية خطة تدعى «تغيير الاتجاه 8.5»، تقضي بأن تسيطر فرقة احتياط مختارة، على مناطق بمحاذاة نهر الليطاني، فتحاصر قوات حزب الله من الشمال. وأضافت ان هذه الخطة عُرضت على وزير الدفاع عامير بيرتس، الذي أعرب عن تبنّيه لها، لكن حالوتس رفضها. كما رُفضت سلسلة من الخطط الأخرى لخطوة برية واسعة في عمق الأراضي اللبنانية.
وقالت «معاريف» إن حالوتس أعلن، خلال مداولات شارك فيها نائبه اللواء موشيه كابلنسيك، وكبار مسؤولي فرقة الاحتياط المختارة وكبار مسؤولي المنطقة الوسطى وغيرهم من كبار قادة المنطقة الشمالية ممن كان يفترض أن يستخدموها في الحرب، إنها «لم تستخدم» وإن الخطوة البرية تأخّرت طويلاً لأنه «لم يثق بقدرة القوات على تنفيذ المهمات» رغم أن الجيش أنفق عليها، خلال العقد الأخير، مليارات الشواكل ولم تكن تعاني، خلافاً للعديد من الوحدات الأخرى، من نقص بالتدريب فضلاً عن امتلاكها أفضل المعدات.
ولم تتبلور نقطة التحول في موقف حالوتس إزاء ضرورة القيام بعملية برية، إلا بعد أن تكبد الجيش خسائر فادحة جراء سقوط الكاتيوشا على كفر غلعادي. وبدأ الجيش، منذ ذلك الحين فقط، الإعداد الجدّي للعملية البرية الواسعة.
وتعليقاً على مواقفه، رأت محافل رفيعة المستوى داخل الجيش أنه «كان على حالوتس أن يستقيل من اللحظة التي فقد فيها الثقة بقدرة القوات البرية»، مشددة على أن «رئيس أركان لا يثق بقواته لا يمكنه أن يواصل قيادتها».
وأشارت الصحيفة الى أن أقوال حالوتس في المداولات الداخلية للجيش الإسرائيلي بقيت سرية، لكنها انكشفت في الأيام الأخيرة في إطار الاستعدادات التي أجرتها محافل مختلفة رفيعة المستوى لمثولها أمام لجنة فينوغراد.
ومع ذلك، نفى المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي صحة «الاقتباس المنسوب الى رئيس الأركان، والذي يقول فيه إنه لا يثق بالقوات» البرية.