محمد بدير
أطلّت إسرائيل على ما يجري في لبنان من زاوية إبداء الحرص على حكومة الرئيس فؤاد السنيورة لجهة الربط بين رحيلها ورحيل القوات الدولية المنتشرة في الجنوب، فيما تناولت صحافتها أزمة الحكم اللبنانية، معتبرة أن المسألة باتت الآن تتعلق بمن يتراجع أولاً.
وأعرب مسؤولون في وزارة الدفاع الإسرائيلية عن قلقهم البالغ بسبب دعوة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله لإطاحة حكومة السنيورة، محذرين من أن ذلك قد يؤدي إلى طرد قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان (اليونيفيل) إذا أجبر رئيس الوزراء على الاستقالة.
ونقلت صحيفة «جيروزاليم بوست» على موقعها على الانترنت عن مسؤولين عسكريين رفيعي المستوى تحذيرهم من أنه إذا سقطت الحكومة اللبنانية «الهشة» فقد يجبر الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل على ترك جنوب لبنان. وقال مسؤول عسكري اسرائيلي رفيع المستوى «إن اليونيفيل ليست أفضل (الحلول)، لكنها كانت فعّالة حتى الآن في منع حزب الله من العودة إلى الحدود»، مضيفاً «إذا طُردت اليونيفيل من لبنان، فإننا سنجد أنفسنا، ببساطة، في الوضع نفسه الذي كنا فيه قبل الحرب الصيف الماضي، أو حتى العودة إلى الحرب».
وفي تناولها للواقع اللبناني الراهن، طرحت صحيفة «هآرتس» تساؤلاً عما إذا كانت بيروت «ستصبح اليوم عاصمة العروبة والمقاومة والوحدة كما وصفها حسن نصر الله، أم سيسقط لبنان على يد نظام الطغيان الديني كما حذر مروان حمادة؟». وتوقفت الصحيفة عند إمكان تفجر الأمور في لبنان، فرأت أنه رغم أنه «من الواضح للطرفين ـــ للحكومة ولنصر الله ـــ أن مناوشة عنيفة وحيدة، في هذا الواقع المتفجر، تكفي لإضرام النار في كل لبنان، إلا أن الطرفين لا يزالان يتحدثان عن تظاهرات هادئة واعتصامات».
وبحسب «هآرتس»، فإن «المسألة الآن هي من يتراجع أولاً، وما هو الخط الأحمر الجديد الذي سيرسمه السنيورة. التقدير هو أنه اذا نجح السنيورة في الإقناع بأن كل ما يتطلع اليه نصر الله هو منع تأليف المحكمة الدولية، فإن في وسعه أن يثبت للجمهور اللبناني أن الحديث يدور عن مصلحة ضيقة، مؤيدة لسوريا، وليس مطلباً لإصلاح الظلم السياسي. ولهذا الغرض، فإنه سيضطر الى التنازل لحزب الله في مسألة التمثيل في الحكومة، وربما أيضاً في موضوع الرئاسة».
وبحسب «هآرتس»، فإن «نصر الله مقتنع بأن قوته الجماهيرية ـــ مع تأييد ميشال عون وأنصاره ـــ أكبر مما كانت في الانتخابات السابقة، ولهذا فهو يتطلع الى إسقاط الحكومة، من أجل التوجه الى الانتخابات. في مثل هذه الانتخابات، اذا أجريت قبل تغيير قانون الانتخابات في لبنان، فإنها كفيلة بمنح نصر الله نصراً أكبر مما في الانتخابات السابقة. ومن هنا، فإن التقدير هو أن نصر الله لن يرغب في إحداث صراع عنيف في لبنان من شأنه أن يجدد الحرب الاهلية، بل أن يحظى بالنصر بطريقة ديموقراطية». وأشارت الصحيفة إلى أن «التخطيط السياسي لا يمكنه أن يتوقع التطورات في الشارع. فهذه لها ديناميكيتها الخاصة، ولا سيما عندما يكون الطرفان مفعمين بالغضب الكبير الواحد ضد الآخر».
وتناول مراسل «هآرتس» في واشنطن، شموئيل روزن، الموقع الذي يمثله السنيورة بالنسبة إلى الرئيس الأميركي جورج بوش، وأجرى مقارنه بينه وبين رئيس الحكومة العراقية نور المالكي، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. وبحسب روزن، ثمة أوجه شبه بين الحلبات الثلاث التي يواجهها بوش خلال جولاته في العالم، وهي العراق ولبنان وفلسطين. ويوضح أن بوش يحاول تعزيز مكانة كل من المالكي، والسنيورة وأبو مازن. ومع ذلك، يتساءل روزن عن كيفية قيام بوش «المضروب والمنهك بجمع القوة لتعزيز مكانة هؤلاء الزعماء».
وإذ يشير روزن إلى أن هذا الثلاثي يشبه بعضه بعضاً، يرى أن ثمة فوارق رئيسية بينهم. ففيما تنظر إدارة بوش بحذر إلى المالكي وتعدّه غير حازم بما يكفي، وبينما ترى الإدارة نفسها أن أبو مازن يجد صعوبة، رغم صدق نياته، في إدراك كيفية تنفيذها، فإن الموقف الأميركي مختلف بالنسبة إلى السنيورة. وبحسب روزن، «فإنه ليس لدى الإدارة الأميركية أدنى شك إزاء دوافع السنيورة ونياته، وهي تدرك جيداً أن ضعف حكومته لا يتيح له فعل أكثر مما يفعله. وبكلمات أُخرى، السنيورة هو الشخص المناسب في المكان المناسب».